تقارير اجنبية : الاحتلال يحول فلسطين لمختبر للرقابة

الساعة 10:18 ص|24 نوفمبر 2021

فلسطين اليوم

تكشف تقارير صحافية عبرية وأجنبية أن الاحتلال قد حول فلسطين إلى مختبر للرقابة بغية تحقيق أهداف استعمارية، أمنية وسياسية علاوة على الربح المالي على حساب الفلسطينيين وخصوصياتهم وحقوقهم.

ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا حول تقنيات المراقبة الإسرائيلية للفلسطينيين/ات في مدينة الخليل تولى ترجمته مركز “مدار” وهو يشير إلى دمج تقنيات التعرف على الوجوه مع شبكة الكاميرات المنتشرة في المدينة والأجهزة الذكية التي يحملها الجنود على الحواجز.

وتقوم هذه التقنية في أساسها على تطبيق “بلو وولف” القائم على تطابق الصور التي يلتقطها الجنود لأهالي مدينة الخليل مع قاعدة بيانات موجودة أساسا لدى الجيش الإسرائيلي، تحتوي على ملفات تعريف وبيانات حول الشخص الذي التقطت له صورة وملفه الأمني. كما يعطي التطبيق إشارة حول كيفية التعامل مع الشخص، سواء بالسماح له بالمرور أو الاعتقال ويتنافس الجنود على التقاط أكبر عدد من الصور من أجل الحصول على إجازة إضافية، كجائزة.

 لكن صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية تقدم تفاصيل أوفى حول تقنيات المراقبة المستخدمة في “الفضاء العام الإسرائيلي” الذي يشير لكون إسرائيل قد تحولت إلى دولة رقابة شاملة، كما لخص التقرير ذلك، فيتم تسجيل كافة الحركات على الإنترنت وكل التعاملات المالية بالإضافة إلى عدد كبير من الكاميرات ومستشعرات الرقابة المنتشرة والتي تسجيل البيانات وتحفظها في قاعدة بيانات كبيرة. وإلى جانب العديد من منظومات الرقابة هناك قاعدة البيانات البيومترية التي تحتوي على 5.5 مليون صورة وجه و3.8 مليون بصمة إصبع. ويتعاطى التقرير مع القضية من ناحية انتهاك الخصوصية وإساءة استخدام هذه التقنيات ولا يتطرق للاستخدامات الأمنية ضد الفلسطينيين، لكنه بالطبع يعطي تصورا عن تقنيات المراقبة المتشابهة في الضفة الغربية أساسا.

ويشير “مدار“ وهو مركز متابع للشؤون الإسرائيلية إلى أن المختلف في الخليل عن باقي الضفة الغربية هو التقسيمات الاستعمارية للمناطق التي فرضت في بروتوكول الخليل الموقع عام 1997 وقسم المدينة إلى مناطق، ونتج عن ذلك استمرار وجود حوالي 800 مستوطن داخل منطقة “اتش واحد” و”اتش اثنان” في المدينة. هذا بالإضافة إلى انتشار عشرة حواجز تفصل أحياء وشوارع عن باقي المدينة، من بينها حواجز تُعرف من قبل الجيش الإسرائيلي كـ”مواقع فحص ذكية” مثل حاجز باب الزاوية الذي يشمل أبوابا دوارة وغرفة تفتيش ومراقبة، وحاجز الرجبي وحاجز أبو الريش.

عملية زعترة

ويشير “مدار” أن منظومة مراقبة الفلسطينيات/ين في الضفة الغربية واسعة أساسا، وما أشير له في تقرير “واشنطن بوست” هو سطح الرقابة التقنية والحديثة فقط، وهي ظاهرة في مدينة الخليل نتيجة للتشابك الكبير في داخل المدينة نفسها، لكنها موجودة أيضا في مناطق “سي”، وفي الطرق الاستيطانية التي تربط مدن الضفة الغربية في بعضها، ففي تشرين الأول 2015 قرر رئيس حكومة الاحتلال السابق نشر الكاميرات في طرق الضفة الغربية بكثافة أكبر عقب عملية إيتمار.

ومنذ ذلك الوقت بدأت تلاحظ الكاميرات بشكلٍ أكبر في الطرقات، واستمرت هذه العملية وتوسعت خلال آخر عامين، فقد لوحظت هذه الكاميرات بشكلٍ أكبر في الطرقات والتي يعتقد أنها تلتقط صورة لكل سيارة وتومض على السيارات التي تكون ضمن نطاق مراقبتها. كما تظهر عدة كاميرات منخفضة على مداخل مدن الضفة الغربية التي تستطيع تحديد وجوه من في داخل السيارات. واتضح ذلك من خلال نشر الجيش الإسرائيلي صورة منفذ عملية زعترة التي جرت قبل ستة أشهر خلال سيره على الطريق وداخل سيارته. وهذا النشر العرضي، لأنه عادة غير متكررة إلا للضرورة الأمنية، يظهر تقنيات المراقبة الإسرائيلية وطريقة عملها.

 

وحتى حزيران 2017 تم تركيب أكثر من 1700 كاميرا في طرق الضفة الغربية ومفارق الطرق، وترسل البيانات التي تجمعها هذه الكاميرات إلى قيادة جيش الاحتلال في الضفة الغربية وجهاز الأمن العام “الشاباك” من أجل تحليلها، مع زيادة استخدام كاميرات الرأس “جو برو” والمحمولة على السيارات العسكرية. كما يلاحظ باستمرار خلال المواجهات بين الفلسطينيات/ين وقوات الاحتلال على نقاط التماس وجود عدة جنود يحملون كاميرات ووظيفتهم التقاط الصور خلال المواجهات.

نصب الحواجز

لا يقتصر جمع المعلومات فقط من خلال الأدوات التقنية، فهناك مهمات يدوية يقوم بها جنود جيش الاحتلال في الضفة الغربية، ففي أثناء العام 2018 تكرر قيام الجيش بنصب العديد من الحواجز في الضفة الغربية وتمرير استمارات للفلسطينيين/ات على الحواجز من أجل تعبئتها وتقديم معلومات مع القيام بتصوير السيارات العابرة على الطرق والهويات وتسجيل لوحاتها في محاولة لتجميع أكبر كم من المعلومات وبناء مصفوفة حركة فلسطينية على الطرق.

 

وكان يتكامل مع ذلك حتى يونيو/حزيران من العام الحالي القيام باقتحامات للمنازل الفلسطينية بأهداف استخباراتية، قبل أن تتوقف بسبب قرار من المحكمة العليا الإسرائيلية، وبعد إيقاف هذه الاقتحامات الليلية عقب الجنرال في جيش الاحتلال تامير يادعي، بأن الجيش يمكنه التخلي عن هذه الاقتحامات الاستخباراتية كونه يمتلك تقنيات تكنولوجية متقدمة.

 

وتشمل التقنيات الواسعة بالونات مراقبة تستخدم في حالات المراقبة الدائمة، وطائرات بدون طيار، وتستخدم في العديد من المناطق بشكلٍ دوري، خاصة مناطق “سي” والتي تكشف فيها عن حصول تغييرات في المكان أو عمليات بناء فلسطينية، إلى جانب دورها الأمني. وفي مناطق السلطة الفلسطينية التي يكون فيها حاجة إلى جمع بيانات مراقبة تفصيلية، يتم الاعتماد على البيانات الموجودة في كاميرات الشركات والمؤسسات والمنازل داخل مناطق السلطة الفلسطينية، ويتم سحب البيانات الموجودة كاملة، لترفد قاعدة بياناتها فيها.

المدينة الذكية

ويستذكر تقرير “مدار” تقريرا دعائيا عن الجهد الاستخباراتي الأمني في الضفة الغربية نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم” في تشرين الأول 2020، وصفت فيه الخليل بالمدينة الذكية على غرار عدة مدن داخل مناطق 48 التي تحتوي شبكة كبيرة من الكاميرات والمستشعرات المستخدمة في جوانب عدة.

ويتابع “ومما نشرته “واشنطن بوست”، يمكن أن نفهم أن الحديث يدور حول التقنيات نفسها، ويتحدث أحد الجنود عن إنشاء “فضاء ذكي” أو “مدينة الخليل الذكية” التي يشير إلى أنها تعتمد على أجهزة استشعار تراقب عدة مناطق في الآن نفسه ويتم تحديد ما هو طبيعي وما هو غير ذلك، إلى جانب ذلك توجد تقنيات استشعار الأصوات والتمييز بين إطلاق النار والألعاب النارية، مع الإشارة إلى وجود مستشعرات شبيهة بالقرب من تخوم قطاع غزة.

تقنيات الرقابة في القدس

وبرأي التقرير فإن القدس هي نموذج آخر مُبكر على سيطرة تقنيات الرقابة الاستعمارية على المدينة، ففي العام 2000 انطلق مشروع “مبابات 2000” الذي أشبع البلدة القديمة في القدس المحتلة بـ400 كاميرا مرتبطة بمركز مراقبة يعمل فيه 12 ضابط شرطة ويتصل بـ800 عنصر من شرطة الاحتلال.

وفي العام 2016 عملت على تحديث المشروع بحيث يتم تحسين دقة الكاميرات ونظام تحليل البيانات، وتطوير خوارزميات تعمل على التنبؤ/الشك في سلوك الأفراد. ولاحقا توسعت هذه المشاريع، ففي العام 2014 أعلن عن مشروع “مبابات كيدم”، وفي آب 2016 أعلن عن مشروع “مبابات القدس” من أجل توسيع نطاق المراقبة.

تجييش إجراءات الدولة ومنظومة التصاريح

أما جمع المعلومات والبيانات البيومترية للفلسطينيين/ات فهي عملية واسعة وتنفذ على عدة مستويات وطرق، وتختلف في أماكن وجودهم نتيجة التقسيمات الاستعمارية، ففي القدس ومناطق 48 يتم جمعها من خلال عمليات مرتبطة بإجراءات الدولة مثل تجديد بطاقات الهوية وتحويلها إلى هويات بيومترية، يتم خلالها تسليم البيانات للدوائر الحكومية، مع الحصول عليها من خلال الاعتقالات بالطبع.

أما على مستوى الضفة الغربية، وبدرجة أقل قطاع غزة، فهناك عملية مختلفة، تتركز أساسا من خلال منظومة التصاريح، التي أصبحت الآن تحتاج إلى بطاقات ممغنطة، التي أيضا يمكن أن تستخدم كبديل للتصاريح لفئات عمرية معينة. كما أنها تحولت إلى بديل لبطاقات الهوية الصادرة عن السلطة الفلسطينية، على الحواجز يوافق الجنود على تلقيها كبديل عن بطاقة الهوية، وأيضا مع تقننة الحواجز وتحولها إلى حواجز “ذكية” أصبحت بديلا عن التصريح (يتداخل معها تطبيق المنسق الذي يصل إلى الكثير من بيانات الهاتف). كما أن الاعتقالات الدورية التي ينفذها الجيش والشاباك تشكل منفذا لجمع البيانات الحيوية للفلسطينيين/ات، مثل بصمة العين واليد وصور كاملة وفي بعض الأحيان عينات من اللعاب.

 

كلمات دلالية