خبر ضعضعة الحكم المصري / هآرتس

الساعة 10:40 ص|10 ابريل 2009

بقلم: عاموس هرئيل وآفي يسسخروف

        (المضمون: شبكة حزب الله في مصر هي جزء من الحرب التي تدور بين ايران ومصر على جبهات مختلفة - المصدر).

        البيان الرسمي من القاهرة أمس حول الكشف عن شبكة حزب الله التي جمعت المعلومات وخططت لتنفيذ عمليات في مصر هو استمرار مباشر لمنشورات اخيرة عن قصف سلاح الجو في السودان، والذي كان موجها ضد قوافل السلاح الايرانية في الطريق الى قطاع غزة. كل هذه التطورات يجب أن ينظر اليها على خلفية مواجهة اكبر تجري الان، اسرائيل ليست بالضرورة اللاعب المركزي فيها. يدور الحديث عن معركة الصد التي تديرها مصر ضد التآمر الايراني في المنطقة، معركة في ضوء التصعيد مستعدة القاهرة لان تخرج عن عادتها وان تساعد بقدر ما المساعي الاسرائيلية ضد تسلح حماس في القطاع.

        تقارير أولية عن دور حزب الله في سيناء ظهرت في وسائل الاعلام قبل بضعة اشهر. في حينه جرى الحديث عن تعاون بين حزب الله والفلسطينيين الذين خرجوا من غزة الى سيناء عبر الانفاق بمساعدة بدو من سيناء. وحسب قسم من التقارير من مصر أمس، بين المعتقلين يوجد ايضا عرب اسرائيليون. يحتمل أن يكون المقصود بدو من النقب. المصريون يتحدثون عن خطة لحزب الله لضرب المواقع السياحية في سيناء وكل ارجاء مصر. ما ان الاسرائيليين يمكنهم ان يكونوا على بؤرة استهداف مثل هذه العملية – ومن هنا الاخطارات المتكررة من قيادة مكافحة الارهاب ضد الزيارات الى سيناء – ولكنهم ليسوا الهدف الوحيد. فحزب الله لا يزال يبحث عن ثأره الكبير على اغتيال المسؤول في المنظمة عماد مغنية. غير أن هنا يوجد هدف أكبر: ضعضعة الحكم المصري، الذي يقف امام فترة انتقالية صعبة.

        لا غرو أن القاهرة ترى في خطوات حزب الله، بتوجيه ايراني واضح، اعلان حرب تقريبا. فقبل نحو سنة دعا الرئيس المصري حسني مبارك بان ايران اقامت في ساحته الخلفية جمهورية اسلامية (حكم حماس في القطاع) وتصريحاته اشتدت فقط منذئذ ولا سيما مع الهجوم المباشر من نصرالله على مبارك في اثناء حملة "رصاص مصهور" في القطاع. الان يقول المصريون بان خطاب نصرالله تضمن كلمات سرية شكلت تعليمات لشبكة الارهاب للشروع بالعمل. وقد زعم بان الامين العام هو الذي امر شخصيا باقامة الشبكة المتفرعة التي جندت في مصر. وافادت صحيفة "الاهرام" المتماثلة مع المؤسسة الحاكمة المصرية بان الشبكة خططت لتنفيذ اعمال اغتيال ومهاجمة اهداف حيوية وزرع عبوات ناسفة.

        الاردن، وهو الدولة المركزية الاخرى في ما يسمى بالمحور السني المعتدل في العالم العربي، وقف امام محاولة مشابهة لتفعيل شبكة ارهابية في اراضيه من جانب حماس قبل اكثر من سنة. في الحالتين، يفهم قادة الاستخبارات في عمان وفي القاهرة بان الايادي التي تنبش في شؤونهم ليست فقط فلسطينية أو لبنانية بل بالاساس ايرانية. في الاشهر الاخيرة تنشر غير قليل من الشهادات عن تآمر ايراني ونشاط ارهابي متصاعد حتى في شمال افريقيا، بما في ذلك في السودان وفي المغرب. هذه الاحداث تدل على خطورة الشرخ في العالم العربي والاسلامي. وليس صدفة ان قرر الرئيس مبارك مقاطعة القمة العربية في قطر قبل نحو شهرين، فقط بسبب قرار السلطات في الدوحة دعوة الرئيس الايراني احمدي نجاد الى القمة. المؤسسة الدينية في مصر تقلقها ظاهرة اخرى: "فرار" جماعي لالاف الشبان السنة الى اذرع الشيعة.

        يبدو أن المعسكرات الصقرية لم تعد تكتفي باعلان العداء وتنتقل  الى الافعال: طهران بالتأمر، القاهرة بالصد والاعتقالات. المفارقة، وليس بالضرورة الصدفة، تجعل القاهرة تنشر اتهاماتها بالذات في الوقت الذي تعلن فيه ادارة اوباما عن نية الولايات المتحدة الشروع قريبا في حوار مع ايران. ولكن من المشكوك فيه ان يكون بوسع مصر أن تتجلد على ما يجري عندها. نظام مبارك غير قادر على ان يحتمل على مدى الزمن نشاط خلايا ارهابية من هذا النوع. وهكذا ايضا تعتقل القاهرة كل شهر عشرات من رجال الاخوان المسلمين المصريين للاشتباه بضلوعهم في اعمال الارهاب. مصر قلقة من توثق العلاقة بين الاخوان المسلمين في اراضيها وبين الحركة الشقيقة، حماس في القطاع. منذ السيطرة النهائية لحماس على غزة قبل نحو سنتين، تأتي وتخرج الوفود بين الطرفين كل بضعة اسابيع.

        مصر من جانبها، تثقل يدها على حماس وعلى حلفائها. تهريب الاموال من مصر الى القطاع يصبح أصعب على التنفيذ وفي اسرائيل يشخصون في الشهرين الاخيرين، منذ نهاية "رصاص مصهور" جهودا مصرية معينة ضد تهريب السلاح ايضا، مثلما شهد في الشهر الماضي رئيس المخابرات يوفال ديسكن في جلسة الحكومة. الدور المباشر لحزب الله في سيناء هو سبب آخر لوجع الرأس في القاهرة. وبالمقابل، فان هذا الكشف يعطي النظام الشرعية لخطوات اشد، من ناحية الرأي العام المصري. لو كان الحديث يدور عن منع تهريب سلاح الى غزة، لمساعدة اسرائيل، لكان اصعب اقناع الجمهور المصري بالحاحية المشكلة. في الحالة الحالية، لن تكون مفاجأة كبرى اذا تبين أن اسرائيل ايضا ساعدت استخباريا في الكشف المصري للشبكة.