كاتب "إسرائيلي": لماذا تفشل استراتيجية التطبيع مع السودان؟

الساعة 09:47 ص|08 نوفمبر 2021

فلسطين اليوم

تحدث كاتب إسرائيلي عن فشل استراتيجية التطبيع مع السودان، بعد مرور عام على توقيعها.

وفي مقال له بصحيفة "هآرتس"، قال الكاتب يوناتان نوفال، إن نجاح اتفاقية التطبيع مع الإمارات، لا يمكن استنساخه في التجربة مع دول أخرى، مثل السعودية أو جيبوتي والعراق.

وحول تدخل الاحتلال في انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في السودان، قال نوفال إن "عجرفة إسرائيل وتواطئها مع الانقلاب قد تعود لتنفجر في وجهها".

وتاليا ترجمة المقال:

بعد عام ويومين اثنين من الاحتفال بالإعلان عن أن السودان و"إسرائيل" وافقتا على تطبيع العلاقات، تجد تل أبيب نفسها في مواجهة معضلة استراتيجية بعد استيلاء الجيش السوداني على السلطة في الخرطوم.

طفت على السطح شكوك بأن المسؤولين الإسرائيليين كانوا على علم بالخطة، ناهيك عن أن يكونوا متواطئين فيها، مباشرة بعد نشر تقرير يفيد بأن وفداً أمنياً سودانياً قام بزيارة سرية إلى إسرائيل قبل ذلك بأسابيع. ثم ما لبثت هذه الشكوك أن تأكدت تقريباً في ضوء الكشف عن أن وفداً إسرائيلياً، يشمل مندوبين عن وزارة الحرب وعن الموساد، سافر إلى الخرطوم بعد الانقلاب لإجراء محادثات حول مواضيع لم تحدد عناوينها.

بينما لا يعلم يقيناً من هو الذي ترأس الجانب "الإسرائيلي" في تلكما المناسبتين، يبدو أن الجانب السوداني كان برئاسة محمد حمدان دقلو، سيء الصيت قائد قوات الدعم السريع والحليف الأساسي للجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس القوات المسلحة السودانية والرجل الذي قاد الانقلاب.

من المؤسف أن إسرائيل أبعد ما تكون عن المتفرج البريء حتى ولو لم يوجد أساس للاعتقاد بأن المسؤولين في الجيش والمخابرات الإسرائيلية كانوا متواطئين في استيلاء العسكر على السلطة في السودان (وهو احتمال تداوله بالتخمين علانية حتى بعض الصحفيين الإسرائيليين).

"إسرائيل" معنية ولديها مصالح مكتسبة باتت مرتبطة رسمياً بالتحول السياسي في السودان في ضوء القرار الأبله لإدارة ترامب في العام الماضي إجبار الخرطوم على الموافقة على تطبيع العلاقات مع القدس مقابل حزمة من المحفزات المالية الحيوية، بما في ذلك تحقيق رغبة السودان القديمة في أن يرفع اسمه من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.

كان ذلك دوراً على سبيل المقايضة توجب على إسرائيل رفض القيام به، وبالضبط بسبب مصالحها الاستراتيجية الحقيقية في إبرام علاقة طويلة المدى مع دولة مستقرة وتعمل بشكل جيد في السودان. وبالفعل، وكما حذر بعض المحللين قبيل الإعلان عن الصفقة، وكنت واحداً منهم، فإن الأسلوب الخشن الذي استعملته واشنطن للضغط على الخرطوم حتى تطبع العلاقات مع القدس كان من المحتم أن يأتي بنتائج عكسية.

في الوقت الذي كان السودان يُحكم فيه من خلال اتفاق معايشة هش بين العسكر وفئات معنية من المدنيين ويمضي في إنجاز عملية تحول ديمقراطية هشة، قلنا إن قراراً مثيراً للخلاف على المستوى الشعبي مثل قرار الاعتراف بإسرائيل يحمل في طياته مجازفة خطيرة بتعزيز نفس العناصر التي شكلت أكبر عقبة في طريق التحول السلس نحو الحكم المدني – بشكل أساسي الجيش، الذي تصدر لإقامة الصلات مع إسرائيل، والإسلاميون، الذين يعارضون مثل هذه الصلات.

 في هذه الأثناء، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك، بنيامين نتنياهو، بتنحية مصالح إسرائيل بعيدة المدى ووضعها جانباً لصالح انتصار قصير المدى في العلاقات العامة تمثل في اتفاق تطبيع آخر يتم إبرامه مع بلد مسلم. ومن خلال ذلك فقد انضم إلى رغبة الرئيس ترامب في تحقيق نصر سريع من خلال مكاسب سياسية مواتية – قبل أسبوعين فقط من إجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

لقد حذرنا من خطورة أن تضيف مثل تلك الخطوة توتراً آخر للعملية السياسية الداخلية في السودان – تلك العملية التي يمكن أن يؤدي إفشالها ليس فقط إلى تقويض فرص البلد في الانتقال إلى ديمقراطية على النمط الغربي ولكن أيضاً يلقي به في خضم فوضى سياسية طويلة المدى وربما أيضاً في آتون حرب أهلية، إلا أن هذا التحذير تم تجاهله بابتهاج، باعتبار أن السودان غنيمة، وليس شريكاً.

من المؤكد أن الفوضى في السودان ستكون في المقام الأول بمثابة مأساة للشعب في السودان. ولكن، وكما ينبغي أن يكون قد استوعب نتنياهو، من شأن ذلك أن ينال من الأهداف الاستراتيجية الأوسع لإسرائيل.

في غياب حكومة تعمل بشكل جيد لن يكون السودان في وضع يؤهله لأن يكون شريكاً لإسرائيل ولا أن يتعاون معها في أي من القضايا، بما في ذلك المصالح المرتبطة بالقضايا الاستراتيجية ذات العلاقة، في المرتبة الأولى، بالأنشطة الإيرانية الإقليمية سواء تلك التي تصدر عنها بشكل مباشر أو عبر وكلاء – داخل السودان وفي منطقة البحر الأحمر على حد سواء. هذه المصالح نفسها هي التي وجهت، كما يبدو، تحركات إسرائيل الأخيرة رداً على استيلاء الجيش على السلطة في السودان.

من وجهة نظر أمنية ضيقة، ما من شك بتاتاً في أن إسرائيل محقة في طلب ضمانات من القيادة العسكرية في السودان بأن أي تفاهمات مسبقة حول التعاون الأمني والاستخباراتي تم التوصل إليها قبل الانقلاب سوف يتم الالتزام بها.

كلمات دلالية