دلالات اعتراف "بينيت" بالهزيمة إعلاميًا في الحرب الأخيرة على غزة

الساعة 01:53 م|25 أكتوبر 2021

فلسطين اليوم

في ظل حالة التقارب والتعاون بين "إسرائيل" وعدد من الدول العربية والتي أدت إلى توقيع اتفاقيات التطبيع، زادت إسرائيل من إجراءاتها الاستفزازية بحق الفلسطينيين ومقدساتهم.

وقد أدت هذه الاستفزازات في نهاية المطاف إلى نشوب حرب ضروس بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وإسرائيل في شهر مايو/ أيار الماضي.

وبعد انتهاء الحرب التي استمرت 11 يومًا، إثر تدخل وساطات عربية ودولية، سقطت حكومة نتنياهو في تحول دراماتيكي أدى إلى صعود نفتالي بينت ويائير لابيد إلى سدة الحكم، الأمر الذي ألقى بظلاله على الواقع السياسي والأمني في قطاع غزة.

وقد حاولت حكومة بينت ولابيد (حكومة التغيير) الترويج بأنها صاحبة الكلمة العليا وأن بمقدورها فرض معادلات جديدة وتغيير الأمر الواقع الذي كان في عهد نتنياهو قبل اندلاع الحرب، من خلال تشديد الحصار على القطاع وإلغاء بعض التسهيلات التي كان من أبرزها منع دخول المنحة القطرية.

واستمرت "إسرائيل" على هذا الحال لعدة أشهر، حتى خرج بينت في تصريح صحفي قائلًا: إن الفلسطينيين استطاعوا هزيمة إسرائيل في الرواية الإعلامية أمام الرأي العام الدولي خلال الحرب الأخيرة على غزة، ما أثار تساؤلات حول دلالات تصريح بينت الذي أبدى تعنتًا في الموقف الإسرائيلي تجاه قطاع غزة.

فشل إعلامي

بدأت مشاهد الاعتداءات الإسرائيلية اليومية بحق المسجد الأقصى والمقدسيين في حي الشيخ جراح تأخذ صدى أوسع، مع انتشار الفيديوهات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، مما أوجد بيئة خصبة لتبني الرواية الفلسطينية في العالم أمام ما يتعرضون له من ظلم واضطهاد يومي.

وحول دور الفصائل الفلسطينية في إدارة معركتها الإعلامية خلال الحرب الأخيرة، علق ياسر مناع المختص في الشؤون الإسرائيلية بالقول: "إن الضبط الاعلامي للمقاومة النابع عن دراسة وتخطيط إعلامي أثناء الحرب ووسائل التواصل الاجتماعي والنشطاء، ساهم في تعزيز الرواية الفلسطينية عامياً".

وأضاف: "مشاهد الأحداث التي سبقت الحرب والصور التي كانت تخرج بالبث الحي والمباشر من حي الشيخ جراح، واعتداء الاحتلال على المصلين في المسجد الأقصى في شهر رمضان، كلها ساهمت بالتمهيد لتبني الرواية الفلسطينية عالمياً".

وأوضح مناع أن الجيش الإسرائيلي في المقابل فشل في تمرير روايته إلى العالم، أمام مشاهد العنف والمجازر التي ارتكبها في غزة، مضيفاً "بعض وسائل الإعلام سيما الأمريكية كانت في البداية تتبنى رواية الاحتلال، لكن عندما استخدمها الاحتلال وكذبه عليها كجزء من خطة في خداع المقاومة، وفشل الناطق باسم جيش الاحتلال تبرير كذبته هذه، مضافاً الى ذلك استهداف المكاتب الصحفية للوكالات العالمية، فقد مصداقيته أمامها".

من جهته أعتبر هلال جردات الخبير في قضايا الشرق الأوسط، ان استخدام الفلسطينيين للتطور التكنولوجي بكافة أذرعه، رغم التضييقات التي يتعرضون لها، إلا أنهم استطاعوا تحقيق اختراق حقيقي في الرأي العالم العربي والدولي وحشد التأييد الشعبي تجاههم.

وأشار جردات إلى أن الدعاية الإعلامية الإسرائيلية فشلت خلال الحرب الأخيرة، وفقاً للمعطيات في الشارع الأمريكي على وجه الخصوص والذي كان مناصراً ومؤيداً للفلسطينيين على حساب الإسرائيليين.

وتابع، "الرواية الإسرائيلية عملياً تراجعت كثيراً، ولم يكن موجوداً الإحتكار في تنظيم الجولات الإعلامية كما كان في السابق، وكل الجهود الإعلامية التي أظهرتها دولة الاحتلال بائت بالفشل، وصحيفة واشنطن بوست كانت دليلاً على ذلك".

كانوا مجرد أطفال

في خطوة اعتبرها الكثيرون تحولاً ملحوظاً لصالح الفلسطينيين وانقلابًا على الرواية الإسرائيلية، تصدر عنوان "كانوا مجرد أطفال"، صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عقب انتهاء الحرب الأخيرة، والذي تضمن أسماء وصور وتفاصيل عن حياة الأطفال الفلسطينيين الذين قضوا خلال الغارات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.

وعلق جرادات على ذلك بالقول، "لقد استطاعت المقاومة الفلسطينية من خلال الإعلام المتوفر أن توصل الصوت والصورة، ودليل ذلك ما قامت به صحيفة واشنطن بوست وكان لها السبق في اظهار 54 شهيداً فلسطينياً قضوا بفعل الغارات الإسرائيلية".

واعتبر جرادات أن هذا التحول في المشهد الأمريكي وتغيير الإدارة السابقة بآخري لديها رؤية مختلفة، شكل ضغطاً أمريكياً ودولياً على حكومة بينيت من أجل انتهاج سياسة أكثر سلماً وحفاظاً على أرواح المدنيين.

فيما عقب مناع خلال حديثة لموقع عكا حول تغيير الرواية الأمريكية تجاه الفلسطينيين بالقول، "خروج هذا الكم الكبير من المسيرات المنددة بالاحتلال وموقف التقدميين في الحزب الديمقراطي في الكونجرس جعل الراوية الفلسطينية تفرض نفسها وبقوة على وسائل الاعلام العالمية، بل وحتى الاسرائيلية مثل صحيفة هارتس التي نشرت على صفحتها الأولى صورة لـ 67 من الشهداء الأطفال في قطاع غزة".

بينيت يتراجع

الواضح هنا أن التشدد الإسرائيلي في المواقف بدأ يتلاشى تدريجياً، خصوصاً بعدما أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير جيشه على عودة الجنود الأسرى من غزة، مقابل السماح بإعادة إعمار القطاع وفك الحصار، لكنه اليوم يستجدي الهدوء مقابل امتيازات رهنت سابقاً بإطلاق سراح جنوده.

وحول خطوات تراجع بينت قال مناع: "بات يظهر تراجعاً في موقفه فهو الذي كان يكرر من المستحيل الإفراج عن أسرى المؤبدات وهو بعيد عن رئاسة الحكومة وقبل أيام عندما سئل عن الصفقة، أجاب: "سنفعل ما تقتضيه مصلحة "إسرائيل".

وأضاف مناع: "ربما يخشى بعض الساسة من اتخاذ أي قرار بسبب المزاودات الداخلية لكن في حال قرر المستوى الأمني أمام المستوى السياسي أنه لا بد من دفع الثمن سيحصل ذلك وسيجد المستوى السياسي نفسه مضطرا للموافقة".

وحول قدرة المقاومة على انتزاع مطالبها واستغلال التعاطف الدولي قال مناع: "بالتأكيد الفصائل اليوم تمتلك تجربة غنية في طريقة التفاوض ونيل الحقوق والانجازات والمناورات، واعتقد بأن هذه الخبرة التراكمية جاءت بعد مراجعات ودراسات لأحداث سابقة، في الحقيقة بينت لم يغير شيء في سياسية نتنياهو تجاه قطاع غزة هو دائما يحاول أن يلقي أي فشل على خصمه السابق، لكن غزة بما تمتلكه تفرض نفسها بقوة على جميع الأطراف".

كلمات دلالية