خبر تحت شعار المسؤولية الوطنية المشتركة تحالف السلام الفلسطيني يعقد مؤتمرا شبابيا في غزة

الساعة 11:48 ص|06 ابريل 2009

فلسطين اليوم: غزة

عقد تحالف السلام الفلسطيني يوم أمس، مؤتمرا شبابيا قياديا ضمن مشروع السلام الداخلي،  وسط حضور عدد كبير من الشباب وممثلي مؤسسات المجتمع المدني في صالة السلام بمدينة غزة، بالشراكة مع مؤسسة الف بالمه السويدية.

وناقش المؤتمر مجموعة من المحاور المتعلقة بمفهوم المواطنة والانتماء عند الشباب, ثقافة التغيير: المسؤولية والإجماع, وخطوات تحقيق المصالحة والمشاركة على الصعيدين الرسمي والشعبي .

وفي الجلسة الأولى قدمت الصحفية والناشطة المجتمعية دنيا الأمل إسماعيل - ورقة عمل عن مفهوم المواطنة والانتماء عند الشباب حيث أكدت من خلالها  أن  المواطنة هي من أكبر التحديات التي تواجهها تجربة الدولة الحديثة والمواطنين فيها ، فإما بناء المواطن الفاعل والمسؤول والواعي لواجباته وحقوقه المدنية والوطنية وإما الغرق في أشكال مختلفة من التشتت، والفساد، والولاءات الضيقة التي باتت تحتل الأولوية أحياناً على حساب المواطنة والانتماء.

وأشارت دنيا الأمل إلى إن الدولة الحديثة ليست مجرد مؤسسات الحكم ودستور مكتوب، وجيش، وقانون، بل أنها مشروع مجتمعي متكامل. والدولة الديمقراطية الحديثة هي ظاهرة للتعاون والتفاعل الوثيق بين مواطنين واعين وناشطين. هم مصدر السلطات، وكما يقول الفارابي؛ لا دولة فاضلة، دون مواطن فاضل.

وفيما يتعلق بموضوع الانتماء اشارت دنيا الامل إلى تعدد الآراء في هذا المصطلح ، وتنوعت أبعاده ما بين فلسفي ونفسي واجتماعي ، ففي حين تناوله البعض من خلال الدافعية، اعتبره آخرون حاجة ضرورية على الإنسان إشباعها ليقهر عزلته وغربته ووحدته  وهناك من اعتبره ميلاً يحركه دافع قوي لدى الإنسان لإشباع حاجته الأساسية في الحياة .

واختتمت دنيا الأمل مداخلتها بالقول إن شكل التربية الأسرية، والمدرسية، والحزبية التي يتعرض لها الأطفال الفلسطيين لن تقود لمواطن يمتلك ثلث هذه الصفات، لذلك من الطبيعي أن لا يدرك الشباب أن تمثيلهم – حتى داخل أحزابهم – ليس على المستوى المطلوب، كذلك في النظام السياسي، ومؤسساته! ، ومن الطبيعي أن يكون هذا الانقسام لأن شكل التربية المطلوب الحالم بقبول الاختلاف والتعددية في إطار المواطنة؛ لم يتحقق بعد، والسؤال هل أدركنا خطورته لنربي بطريقة مختلفة ؟!. هل أدركنا خطورته لنحاول وقفه، وأن نمارس دورنا كمواطنيين مسؤولين؟.

وفي الجلسة الثانية قال الناشط المجتمعي أكرم عطا لله من خلال ورقة عمل قدمها بعنوان" ثقافة التغيير: المسئولية والإجماع " ،أن التغيير عملية وليس حدثا بمعنى أن للتغيير شروط وأصول ولا يرتبط بزمن معين ولا بحدث ، فالتغيير من الطبائع الثابتة في الحياة الإنسانية وكل شيء في حياتنا يتغير، وهي الحقيقة الثابتة.. كما  ان التغيير أصبح عملية مستمرة ليس لها بداية ولا نهاية، ومن يعيب التغيير سيصبح من مفردات الزمن الماضي

 وأضاف عطا الله أن من  نتائج التغيير زيادة قيمة المعلومات وإضعاف قيمة المادة،وزيادة قوة الأفراد وإضعاف قوة الدول، وزيادة تأثير الإعلام، حيث قال: أصبحت مفاهيمنا معولمة وأصبحنا نخضع لإعلام عالمي يبرمجنا كما يريد، ومن النتائج بروز مهن واختفاء مهن أخرى، وتغير نمو المجتمعات التي كانت تعتمد في بدايتها على القوة والسلطة والسلاح،

ولفت عطا الله المجتمعات المتقدمة مرت بثلاث مظاهر للتغير فمن القوة والسلطة انتقلت إلى الكلمة والحوار، ثم انتقلت لأرقى درجات التقدم (الرقم) الذي يدل على المعرفة التي تسيطر على المجتمع، ومن نتائج التغيير انتشار مفاهيم جديدة تحمل مسميات عدة.

وأشار إلى انه لا بد لنشر ثقافة التغيير أو انتشارها من أن يواجه أضعاف ما واجهته وتواجهه ثقافة المقاومة من عقبات ، ولهذا أيضا لا بد من بذل الجهود المخلصة المتتابعة المتكاملة أضعافا مضاعفة ، ولا يكفي في طرح ثقافة التغيير ما يمكن "حشره" في مقال أو مؤتمر أو كتاب، إنما المطلوب أن تتضافر الجهود فتتلاقى على طرح يتنامى ويتطور ويتجدد عبر الحوار والتقويم والعمل التطبيقي في وقت واحد.

وفي الجلسة الثالثة للمؤتمر ذكر سليم الهندي من تحالف السلام الفلسطيني خلال ورقة العمل التي قدمها تحت عنوان" خطوات تحقيق المصالحة والمشاركة على الصعيدين الرسمي والشعبي"  انه  إذا أردنا إنهاء الانقسام يجب أولا تحديد أسبابه ودرس تداعياته ومدى عمقه مما يساعد على وضع بعض الأفكار التي تهدف لإنهائه أو على الأقل حصره مشيرا إلى أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق أطراف الانقسام، ولكن من هم أطراف الانقسام؟ أدوات الانقسام معروفة وهي الفصائل و بالأخص حركتا فتح وحماس وتحديدا حماس التي أقدمت على نقل الانقسام من دائرة القول إلى دائرة الفعل  باستخدام السلاح ، إذا من هم أطراف الانقسام، م.ت.ف و جماعة الإخوان المسلمين، التيار العربي المعتدل وتيار الممانعة، أم حلفاء أمريكا وحلفاء إيران.

وطرح الهندي مجموعة من التساؤلات قائلا "..، نريد حياة كريمة داخل دولة مستقلة ذات سيادة على حدود 1967 و عاصمتها القدس؟ أم نريد فلسطين التاريخية؟ ما هي شكل هذه الدولة؟ ديمقراطية علمانية أم  إسلامية تحكمها الشريعة؟ كيف سنصل إليها؟ بالكفاح المسلح أو المقاومة السلمية أو المفاوضات أم كل هذه الأساليب معا؟ من يقرر هذا؟

وأضاف "يوجد العديد من التساؤلات التي كانت قد حسمت في الماضي، إلا أن إفشال إسرائيل لمشروع السلام وانقلاب حماس في غزة أعادنا إلى المربع الأول ، مشددا على أن المطلوب الآن هو بلورة رؤية فلسطينية موحدة للتعامل مع الواقع الإقليمي والدولي في مواجهة الاحتلال والاتفاق على آليات وأدوات تنفيذ هذه الرؤية. لتحقيق ذلك يجب البدء بإنهاء الانقسام وهنا توزع المسؤوليات

وأشار الهندي إلى أن إنهاء الانقسام يستوجب أن تحرر جميع الأطراف نفسها من تبعيتها الخارجية وبلورة قرار فلسطيني مستقل مع الاتفاق على آلية للتعامل مع الخلافات الداخلية وحلها بعيدا عن التدخلات الخارجية ودون المساس برمزية القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي اعتماد الحوار والقانون كأداة وحيدة لحل الخلافات الاعتراف بالخطأ والقبول بمبداء المحاسبة, و تحمل المسؤولية والقبول بمبداء  التضحية بالمصلحة الحزبية والشخصية لصالح المصلحة الوطنية.

وشدد الهندي على أن هذه الخطوات تشكل أساسا أوليا للحد من هذا الانقسام ولكن هناك مسؤولية إضافية تقع على عاتق مكونات المجتمع الفلسطيني للمساهمة في الحل ، حيث يجب أن تشكل قطاعات المجتمع بوصلة لتوجيه الفصائل لا أن تنساق هذه القطاعات خلف المصلحة الفصائلية، لكن من الواضح أن مجتمعنا غير ناضج بعد للقيام بهذا الدور والدليل على ذلك انسياقه خلف الشعارات والعاطفة والإشاعات وردات الفعل بجميع أنواعها. كل القطاعات تتحمل المسؤولية ولكن المسؤولية الأكبر يتحملها قطاع من هم محسوبين على فئة المثقفين والمتعلمين والمناضلين والذين(أو من المفترض أن) يشكلوا مرجعيات أدبية وقدوة أخلاقية لشرائح عدة من المجتمع.

وأشار الهندي إلى أن غالبية عظمى من الشعب الفلسطيني هم من الشباب، الشباب المتعلم، لكن ما فائدة العلم الذي لا يميز صاحبه عن الجاهل؟ فالشاب الغير متعلم والجاهل معذور، ولكن هناك متعلم جاهل، وهو الذي لا يستخدم علمه في التفكير قبل أن يبلور رأي أو يتخذ قرار ، داعيا إلى إعادة تفعيل دور قطاعات المجتمع على قاعدة بث ثقافة الانتماء للوطن أولا، وتكريس مبدأ الحوار والشراكة كنهج للتعامل مع جميع قضايانا وبناء مؤسسات مجتمع مدني حقيقية غير ربحية يكون همها الأول هو النهوض بالمجتمع الفلسطيني من خلال تعزيز القييم والتثقيف و إعادة بناء الأطر الشبابية داخل الفصائل وخارجها على أسس جديدة أولها الانتماء للوطن وتحمل المسؤولية ونبذ المصالح الفردية والفئوية التي تتعارض مع المصلحة الوطنية.

واختتم الهندي مداخلته مبينا أنه لا بد من العمل للوصول إلى إنهاء للانقسام، وليس مصالحات شكلية هدفها الخروج من مأزق آني لأحد الأطراف، أو تأتي إرضاء لبعض القوى الإقليمية، ما ينتج عنه تجميل صورة تقسيم الوطن إلى حصص، وتقاسم غنائم وهمية على حساب مشروع وطني للجميع.

وقد خرج المشاركون بمجموعة من الاستنتاجات والخطوط العريضة حول ثقافة التغير، حيث أكدوا على أنها  ثقافة شمولية يقوم كل جزء منها على أنه قطعة من لوحة فسيفساء متكاملة، وأنها ثقافة جامعة لا تترك للإقصاء والاستئصال مكانا فيها ولا تستوعب أحدا يتحرك بمنطق الإقصاء والاستئصال فكرا أو ممارسة ،  وهي ثقافة واقعية إيجابية تنطلق من حقيقة الإمكانات المتوافرة فترصدها وتحسن توظيفها وتعمل لتنميتها وإيجاد المزيد منها،  وبأنها ثقافة عملية قائمة على المنهجية في التخطيط والتنظيم والعمل والتقويم والتطوير المتجدد، وتتجنب العشوائية والارتجال، وهي متكاملة على أساس المصالح العليا المشتركة التي تراعي المصالح الجزئية على الأسس الجغرافية والانتمائية والنوعية في مختلف الميادين، وبأنها ثقافة نهوض حضاري توظف التغيير للنهوض الشامل في جميع الميادين ولجميع فئات الأمة دون استثناء ، مؤكدين على أنها ثقافة إنسانية ترسخ كل ما يخدم الإنسان وكرامته وحقوقه وحرياته الأصيلة وتقاوم كل ما يتناقض معها.

كما وخرج المشاركون في المؤتمر بمجموعة من الاستنتاجات والخطوط العريضة المتعلقة بثقافة المواطنة حيث اجمع المشاركون على أن جميع شعارات الوحدة.. والتعاون.. والتكامل.. والتضامن.. وسواها سقطت ضحية لعملية الانقسام، وكانت في الوقت نفسه مادة استهلاكية لها، وكان لا بد أن تسقط معها تدريجيا أو دفعة واحدة معايير الأخوّة الجامعة وما يترتب عليها، على صعيد أمن جماعي، وتقدم مشترك، وبدأت النقلة البالغة الخطورة، مؤكدين في الوقت ذاته على  تعدد صور الإخفاق حيث كان بعض من ساهم بالانقسام الفلسطيني  يطرحون شعارات التغيير وقد يسمّون انقلابهم ثورة، لكن لم  يتحقق التغيير، وتحول سريعا إلى وضع يتطلب الثورة عليه ، وشدد المشاركون على أن أفيون التناحر الإيديولوجي بين الفرقاء السياسيين أنساهم طيلة عقود كاملة أنهم شركاء الوطن والتاريخ والثقافة والمستقبل وكل المصالح والأحلام الجميلة، ومؤكدين على أن الانقسام الفلسطيني والإفرازات السياسية التي أعقبته تؤشر على ملامح مرحلة وطنية مقبلة يكتنفها كثير من الغموض ومفتوحة على شتى الاحتمالات ما لم تسير الامور قدما نحو تشكيل توجه سياسي ديمقراطي يتجاوز التناقض التقليدي المدمر، بين قوى رجعية وأخرى تقدمية، إلى بناء فضاء عام مشترك تتأسس فيه السياسة على المسئولية والإجماع.وفي نهاية المؤتمر اجمع المشاركون على أن منطق المسئولية الوطنية والأخلاقية يدعونا إذن إلى التحذير من خطورة الوضع الحالي على القضية الوطنية ، كما يدفعنا جميعا إلى تجذير خط التقارب والعمل المشترك والانفتاح الكامل على كل الفرقاء الحالمين بوطن المواطنة الكاملة والمساواة الحقيقية والقانون العادل، لكن يبقى السؤال الأهم: هل يمكن الوصول إلى مصالحة تاريخية -كما يقال عنها أحيانا- بين التيارين الإسلامي والعلماني في فلسطين ؟