عن خطاب الرئيس عباس

الساعة 11:12 ص|25 سبتمبر 2021

فلسطين اليوم | شعبان الدحدوح

عن خطاب الرئيس عباس شعبان الدحدوح

استوقفني خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ ليس ذلك من شيء إلا لأنه استفزّ فيَّ بعض الفواصل التاريخية في حاضرنا العقيم، وبعيداَ عمّا تمثله الجمعية ودورها في فك الاحتلالات المتراكمة على الشعوب، وأموراً أخرى كثيرة، وعن تزامن الخطاب مع تشوه السلطة في أذهان الكثيرين، وخسرانها لحملات التأييد الضخمة، وما يصاحب ذلك من اعتبارات لسنا في صدد التنظير لها؛ فإنني نظرت إلى هذا الخطاب بتاريخية غير مسبوقة على الأقل، على لسان هذا الرجل. رجل كعباس لا تتوقعوا منه أن يشرح لكم إستراتيجية وعد الآخرة، أو يشرح لكم ما تمثله رواية رجال في النفق؛ للفنان العظيم محمود عارضة، أو سجال المستقبل للحج أبو العبد، وما إلى ذلك من عروض الهايكو المستمرة على محمل الجد تارة والعبث تارات، ولكن توقعوا منه ملازمة السلك الدبلوماسي الذي يسلكه إلى آخر عمره، دون أدنى تغيير والاكتفاء بالتحامي بعاشقيه ومعيلهم.

ولكن في خطابه اليوم خروج عن المألوف بحق، وشيء من العودة لمحكمات المكان، التي نتذكرها في مقابلة مع الأمين الحالي لحركة ااج.هاد الإ.سلامي، التي قال فيها: "استشهدوا لي بيوم رضي العالم بما تنازلت عنه السلطة، السلطة قدمت للا.حتلال شيكاً بتنازلٍ أسمى، اعتبره الإسرائيليون حلماً قبل عقود من الزمن، واليوم تكبروا عليه، السلطة تراوح مع الوهم، وتطلب الهم ولا يرضى بها، حل الدولتين تنازل من السلطة، الاحت.لال يرفضه! ".

وربما بدأ الشركاء الفلسطينيون يعتدون ببعضهم، فخطاب اليوم لم يسبقه إلى الآن خطاب بذات الدلالة، أو ما إلى ذلك، أذكر خطاباً حمل وسم قنبلة قبل أعوام، تمثلت القنبلة "برفع العلم الفلسطيني " في الولايات المتحدة الأمريكية! من يستذكر تلك المشاهد العبثية باليوم، يجد ولو على سبيل الأمل أن خطاب اليوم علامة فارقة في التاريخ الدبلوماسي الذي أسست له السلطة على مدار عقود من الزمن، وبدأت معالم هذا التاريخ تتلاشى مع هذا الخطاب، لا ينظر للخطاب بما تمثله الجمعية العامة بقدر عالمية الخطاب، وتدويله، ووقوفه على شواهد حية، ومظاهر واقعية تدحض البربوغندا التي سعت العص.ابات اليهود.ية إلى تكريسها على مدار عقود من الزمن.

بدأ وهم الخطاب يتلاشى بحق مع هذا الخطاب، الذي بدأنا نرى أن فاعلية الموقف الفلسطيني ستحضر على الأشهاد في دوالٍ قادمة، فشمولية الخطاب، واختزاله، ولغة الخطاب، وتبنيده وتأقيته، ووقته، لا سيما وأنه أتى بعد ما تسمى بالمساومات "الإسرائيلية الفلسطينية " بين غان.تس وعباس. أخيراً، ربما يمكن القول لي، إن خطاب الرئيس اليوم يحمل دلالتين، إما الاتعاظ بالماضي وتفكيك الوقت المرتقب بعين العارف لمصلحته الوطنية على طريق الشراكة الحقيقية، وإما العودة إلى مربع الجمعية العمومية والقول في خطاب تالٍ: "وقد جاوز الماء الزبى " ، وثالث: "وبلغ الحزام الطيبين " ورابع:... إننا كشعب فلسطيني نؤمن أشد الإيمان بأن شواهد التاريخ لا تكذب، لهذا نعمل على بناء تاريخ مشرف يليق بنا كشعب فلسطيني، يؤمن بالحرية والعدالة، ونعمل على أن نترجم من أجسادنا خريطةً للتحرير، مهما طال الزمان أو قصر بشتى الوسائل والطرق الممكنة،ونؤمن بثقافة الكلمة التي يرافقها ساعدي الزيتون والبندقية.

كلمات دلالية