بالصور رسائل حب بين الزوجين فهمي وسامية: تُلخص حياة أخرى..!

الساعة 09:42 ص|14 سبتمبر 2021

فلسطين اليوم

في منزل الأسير المقدسي فهمي مشاهرة، تحتفظ زوجته سامية بمئات الرسائل التي خرجت من بين القضبان إلى الحرية، في حقيبتين بالكاد تتسعان لأوراق كُتبت سطورها بكثير من الشوق والحنين والأمل بالحرية.

وقبل أيام دخل مشاهرة عامه الاعتقالي الـ20 في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهو محكوم بالسجن المؤبد 20 مرة (المؤبد 99 عاما) أي ما مجموعة 1980 عاما، بعد اتهامه وشقيقه بنقل فلسطيني نفذ عملية فدائية أدت لمقتل 19 إسرائيليا عام 2002. ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف رسائل فهمي لزوجته سامية وابنيه زينة (20 عاما) وعبيدة (19 عاما)، الذي وُلد بعد اعتقاله بشهر ونصف الشهر.

رسائل 3.JPG
 

رسائل في كل المناسبات

في بيتها ببلدة السواحرة الشرقية الواقعة خلف الجدار العازل قرب القدس، التقينا الزوجة سامية (37 عاما) وهي تداعب طفليها عزيزة وعيد، اللذين وُلدا لاحقا عبر نطف والدهما المهربة من السجن.

تقول زينة، التي كبرت وتزوّجت في غيابه، إنها ولدت عام 2001 ولا تذكر شيئا عن والدها، وإن رسائله القادمة من الأسر كانت الوسيلة الوحيدة التي عرّفتها عليه وعلى شخصيته تدريجيا.

وتذكر الابنة "في كل المناسبات كانت تصلني منه رسالة باسمي، في ذكرى ميلادي والأعياد ورمضان. وهكذا توطدت علاقتي به ولمستُ صبره وحنانه، وحتى إبداعه في الرسم والخط العربي".

الملهم والمعلم

على مدى سنوات، علّم فهمي ابنته زينة أساسيات الرسم وإتقان الخط العربي عبر رسائلهما المتبادلة، فكانت تُقلد خطه المرسل وترسله في رسالة أخرى فيصححها من خلف القضبان، ويرسل لها ملاحظاته عليها. وبالطريقة نفسها تعلّمت الرسم أيضا، إذ يرسل لها الخطوات مفصلة وتطبقها لتكتمل الرسمة وتعيدها إليه في السجن.

تقول زينة إنه كان ملجأها الوحيد خلال فترة المراهقة، ففي الرسائل كانت تبوح له بمشاعرها وأسرارها ويومياتها. صمتت للحظات، وأضافت "الرسائل كانت، لسنوات، ملاذي الوحيد.. ألصقتُ مجموعة منها على باب غرفتي لسنوات.. وحرصت طيلة الأعوام الماضية على إشراك والدي بتفاصيل حياتنا اليومية، ووضعه في صورة تحضيراتنا لاستقبال شهر رمضان والأعياد".

ورغم شغفها برسائل والدها، فإنها تأمل أن تتوقف كليّا بتحرره من السجن ليشارك العائلة -جسديا- أفراحها وأحزانها، وليتعرف على طفلتها مريم، التي ولدت قبل عام. وكانت الزوجة سامية تعتني بطفلها الأصغر عيد (3 أعوام) وبحفيدتها مريم، وهي تُخرج الرسائل بعناية من الحقائب المغلقة بإحكام.

رسائل 2.JPG
 

"إلى سامية".. السعادة كلمتان

لاحظنا اهتمامها المفرط بكل ما يخرج من الظلام إلى الحرية بأنامل زوجها، وحثّت ابنتها زينة مرارا على التعامل مع الرسائل برفق، خشية تمزقها أو تلفها دون قصد.

تختار سامية بعض الرسائل وتسترجع تفاصيلها وتبتسم. ثم تقول إنها تطير من الفرح عند عودة والد زوجها حاملا رسائل من السجن كُتب على غلافها "إلى سامية". وتقول "حتى وإن كنت في عز انشغالي، أركض مهرولة لأخذ رسالتي وأعود إلى غرفتي، أغلق بابها بالمفتاح، وأغرق لساعات في سطور فهمي الذي تحول بين وبينه القضبان قسرا منذ 20 عاما".

تعيش هذه الزوجة قصة حب من "الزمن الجميل" مع زوجها، تكاد تكون تفاصيلها معدومة في عصرنا الذي اندثرت فيه الرسائل المكتوبة وتطورت وسائل التواصل بين البشر. وهي لا تحتفظ برسائله وقصاصاته فقط، بل بكل ما أرسله لها من مشغولات يدوية وهدايا.

تفاصيل الحياة أيضاً

لا يقتصر تبادل الرسائل على التعبير عن الحب والشوق للقاء، بل حرصت سامية على إرسال نتائج امتحانات أبنائها وشهاداتهم المدرسية، ليرد فهمي بدوره بكتابة عبارات اعتزاز وتشجيع لأبنائه ويعيدها إليها.

تقول سامية "أفعل ذلك لأتمكن من إكمال مشوار حياتي القاسي.. أريد أن يشاركني زوجي، وإن كان بعيدا، تفاصيلنا اليومية. لولا ذلك لجننتُ منذ زمن بعيد".

ويذهب النصيب الأكبر من الرسائل الآن لصغيرته عزيزة التي ولدت عام 2013 عبر النطف المهربة من السجن، ولطفله عيد الذي رأى النور عام 2018 بالطريقة ذاتها. أما ابنه عبيدة، فقد منعه الاحتلال من زيارة والده، في حين تحرص زينة ووالدتها سامية على زيارة فهمي باستمرار.

كلمات دلالية