خبر حكومة كبيرة.. معاريف

الساعة 08:40 ص|02 ابريل 2009

بقلم: ابراهام تيروش

لا توجد ايام جيدة للسخرية والتلون السياسي، كأيام إنشاء حكومة بعد الانتخابات. آنذاك تنقض بوقاحة وتداس الوعود والتصريحات والاقسام التي اعطيت قبل ذلك بوقت قصير، ولا احد يطرف له جفن أو تصدر عنه نبأة. لنترك موضوعات "ضئيلة الشأن" مثل مخصصات الاولاد التي منحها نتنياهو شاس الان بخلاف تصريحاته في الماضي، ومثل التقهقهر الذي قام به حزب العمل. ولنتحدث عن أوج السخرية والتلون – حكومة الثلاثين (قراب 40 مع نواب الوزراء)، كبرى حكومات اسرائيل، التي انطلقتت أمس. عندما انشأت حكومة اولمرت مع اعضائها الـ 25، انتقدها نتنياهو انها حكومة مسرفة لم يوجد لها مثيل من قبل وسخر من أنه في اسرائيل فقط، كلما نقص عدد أعضاء الائتلاف، زاد عدد الوزراء. وعندما قدم عضوا الكنيست جدعون ساعر وروبي ريفلين من الليكود في الكنيست السابقة اقتراح قانون لتحديد عدد الوزراء بـ 18، ايدهما نتنياهو بقوله: "يرمي القانون الى زيادة جدوى الحكومات في اسرائيل". قال آنذاك.

أما ساعر وتخصصه أن يقذف خصومه بلهجة ساخرة بأقوال متناقضة صدرت عنهم في الماضي، فقد قال آنذاك: "هذه خطوة مهمة لاعادة بناء ثقة الجمهور بالجهاز السياسي. النفقة على تعيين وزراء كثيرين جدا اسرافا من مال الجمهور على حساب احتياجات حيوية". كم كان على حق آنذاك وكم هو ساخر الان، عندما انسل وكأن لم يكن شيء، الى مقعد رفيع المستوى في الحكومة الضخمة المسرفة. الان يجازيه عضو الكنيست يوحنان بلاسنر من كاديما، الذي يقدم من جديد اقتراح القانون ويستعمل حجج ساعر المقنعة آنذاك. لكن لا تتأثروا كثيرا. لو كان الوضع السياسي عكسيا وأنشأ كاديما حكومة واسعة، لانقلب مقدمو الاقتراح ولتكلل نتنياهو وساعر بسخرية كبيرة على "الحكومة المنفوخة" . بعد ذلك يعجب اعضاء الكنيست لماذا يستخف بهم الجمهور ويبغضهم ويراهم متلونين.

إن إقامة حكومة مع كثيرين من الوزراء لغير هدف، وبغير حقائب وبغير تسويغ، ومع تقسيم الوزارات السخيف وإيجاد حقائب وهمية، فضيحة لا تغتفر. هذا اظهار لبلادة الحس وبصق في وجه الجمهور. هذا اسراف آثم لعشرات الملايين في فترة أزمة اقتصادية فظيعة. جميع الحجج التي صدرت عن نتنياهو وأشياعه في هذا الشأن سخف وشرارة ووقاحة. إنها تراوح بين مستوى روضة اطفال وبين اكاذيب حقيقية.

كانت حكومة نتنياهو الاولى مؤلفة من ثمانية عشرة وزيرا، يقولون في الليكود، وعندما اقام باراك حكومته في 1996، كان هو الذي تجاوز حاجز الثمانية عشرة الذي حدده القانون في 1992، ومضى جميع رؤساء الحكومات بعده على أثره. هذا احتجاج سخيف بصيغة "هو بدأ!". لنقل إنه بدأ، أيحل هذا فضيحة حكومة الثلاثين الحالية؟

ويوجد من جهة اخرى حجة اخرى وهي أن "نتائج الانتخابات والضرورات الائتلافية افضت الى اقامة حكومة كهذه". هراء. إن ما افضى لذلك المخاوف والشعور بالمطاردة والشك عند نتنياهو. الخوف من أن يفقد رئاسة الحكومة والخوف من تمرد داخلي في الليكود من اولئك الذين يعتقدون انهم ولدوا للمعالي فقط. هذا ما جعله يوزع المكاتب الحكومية بسخاء على الشركاء، ويوجد حقائب لا معنى لها ويضرب مفتاحا للوزير على أقل من عضوي كنيست في الليكود.

ماذا كان يحدث لو ضرب مفتاح وزير عن أربعة أعضاء كنيست، بحيث كان يلد حكومة مؤلفة من ثمانية عشرة وزيرا فحسب؟ أكان حزب ما يمتنع من الانضمام الى الائتلاف لهذا السبب؟ لا بصراحة. ومن هم الابطال في الليكود الذين كانوا سيتمردون لو لم يعينوا وزراء، وماذا كانوا يفعلون؟

لكن نتنياهو يرى ظلال الجبال مثل الجبال وظل عضو كنيست خائب الامل مثل سيارة ملغومة. وهكذا انشأ حكومة ضخمة فاضحة، غير مجدية على نحو ظاهر، تضر اضرارا شديدا بثقة الجمهور وتحظى بنظرة بغض منذ بدايتها.