من أجل لقمة العيش ...

بالصور الرجل وأبناؤه الأربعة.. حكاية عائلة بأكملها قهرت "الفقر" بمشروعها الصغير

الساعة 08:48 م|15 أغسطس 2021

فلسطين اليوم

غزة / أمل خالد الوادية:

ضاقت الأرض بما رحبت، ولم تعد تتسع لعيش أصحابها عليها، فمنذ سنوات طويلة والحصار "الإسرائيلي" يمتص ببطء دماء أهل قطاع غزة، الذين أنفقوا "تحويشة العمر" في تعليم أبناءهم بالجامعات؛ ليقتلهم شبح البطالة في نهاية القصة، وتكتمل فصول المأساة بانتشار فيروس كورونا الذي دمر رزقهم، وقتل مصدر دخلهم في لحظةٍ فجائيةٍ؛ لتزداد الكارثة بنشوب حرب "إسرائيلية" قبل شهور قليلة تقتل الأرواح، وتقطع أرزاق العباد، فما كان من أهل غزة إلا النهوض من الجحيم، والوقوف على أقدامهم من جديد؛ ليصنعوا من اللاشيء، والعدم مشروع صغير يعيلون أنفسهم وأسرتهم من خلاله.

أحدهم الحاج أحمد طومان (61 عاماً)، الذي افتتح برفقة أبنائه الخريجين الأربعة بسطة صغيرة للمأكولات والمشروبات السريعة على شاطئ بحر دير البلح وسط قطاع غزة، تحدُوا من خلالها الوضع المادي الصعب الذي يعيشونه، بعد أن قتلت آمالهم البطالة، ودمرت طموحاتهم، إلى جانب الفقر المدقع الذي جعل بعضهم لا يُكمل تعليمه بالجامعة، راجين من الله الستر والمعونة؛ ليتمكنوا من تلبية قوت يومهم على الأقل.

WhatsApp Image 2021-08-15 at 6.55.22 PM.jpeg
 

إلهام الفكرة

يقول الحاج أبو شادي لمراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية":" كنت أعمل كطباخٍ في "إسرائيل" عندما كنت أبلغ من عمري 12 سنة واستمريت بهذا العمل مدة 38سنة، وبعد توقفه عملت في أعمال البناء، لكن انتشار فيروس كورونا أجبرني على تركه، وأصبحت عاطلاً عن العمل، فخطرت في بالي فكرة لأعمل من خلالها وهي أن أفتح "بسطة" على البحر، وأعمل بها أنا وأولادي الخريجين الذين لم يجدوا فرصة عمل لأنفسهم؛ فقررنا جميعاً أن تكون البسطة للمأكولات والمشروبات السريعة نكسب من خلالها لقمة العيش".

طبيعة العمل

وأطلق أبو شادي على بسطته المتواضعة اسم (تومانكو)، نسبة إلى اسم عائلته، يبيع من خلالها المأكولات السريعة ك ( صدر الدجاج، و الهمبرجر، والنقائق، والكبدة بالبصل، وتوستات بالفينو)، إلى جانب المشروبات الخفيفة بأنواعها ( الشاي، والقهوة، والشوكو)، منوهاً إلى أن جميع المأكولات والمشروبات يبيعها بشيكل واحد فقط لأن يشعر بوضع الشباب الصعب بغزة.

ويكمل المسن أحمد طومان حديثه:" نحن وأبنائي الخريجين الأربعة نقسم العمل على كل واحد منا مهمة، حتى لا يتراكم علينا العمل، فأنا أتولى مهمة طهي الطعام، وشادي (38عاماً) درس في الجامعة تخصص إدارة أعمال ولم يكمل تعليمه؛ بسبب الوضع المادي الصعب يقوم باستقبال الزبائن ويحاسبهم، ومؤمن (26عاماً) خريج وسائط متعددة وعمل متطوعاً كناشط اجتماعي، فهو يتولى مهمة تقديم الطلبات للناس، أما موسى (24عاماً) من ذوي الاحتياجات الخاصة، تخرج من التدريب المهني تخصص صيانة الكترونيات، فهو يحضر المشروبات الساخنة، وابراهيم (31عاماً) خريج تدريب مهني جبص وديكور، يتولى مهمة النوم ليلاً بجوار البسطة، وذلك لصعوبة نقلها وتكلفتها".

من جانبه أشار ابنه الخريج شادي إلى أن الظروف المادية الصعبة جعلته لا يكمل تعليمه بالجامعة، فهو يعيش وأسرته بغرفة لا تتسع لهم، وقلة فرص العمل دفعتهم لفتح المشروع، فهو وإخوته الثمانية ليس لديهم دخل ثابت، ولا يملك أحداً منهم وظيفة رسمية، فقاموا بهذا المشروع البسيط لتوفير الاحتياجات الأساسية لأسرتهم، وحتى لا يحتاجوا أحد من الناس.

ويُذكر أن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت بالآونة الأخيرة 75%، خاصةً بعد انتشار فيروس كورونا، والارتفاع الكبير بعدد الخريجين سنوياً، وعدم توافر فرص عمل لهم، نتيجة الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 11 عام.

WhatsApp Image 2021-08-15 at 6.55.23 PM.jpeg
 

بدايات تتلوها صعوبات

وقال أبو شادي:"أن البداية كانت موفقة لحُسن تعاملنا مع الناس جميعاً، واستقبالهم بالكلام اللطيف والمعاملة الطيبة، فمن يزورونا مرة يعيدها مرات أخرى، خاصةً وأن أولادي عملوا بمجالات تطوعية، فالكل يعرفهم ويأتي لزيارتهم، فلا نخسر شيء من الكلمة الطيبة، فكل ذلك ساعدنا على النجاح والتميز، والحمدلله أن محبة الناس والأصل الطيب أثمر نتاجه".

وأكد المسن طومان أن المعاناة الحقيقية التي واجهته هي شح الإمكانيات المادية، فبعد أن قام بهذا المشروع تراكمت الديون عليه من كل حدب وصوب، حيث اشترى جميع المستلزمات من (كراسي، وطاولات) كلها بالدين، ناهيك عن عدم استقرار المكان الذي يقيمون بسطتهم عليه، فهو تابع للشرطة البحرية؛ ونظراً لسمعتهم الطيبة واحترامهم سمحوا لهم البقاء للبيع، والمحافظة على المكان، على أن يتركوا المكان في أي وقت تخبرهم به الشرطة البحرية.

WhatsApp Image 2021-08-15 at 6.55.24 PM.jpeg
 

طموحات وأحلام

وفي ختام حديثه يقول:"حلمنا بسيط هو مساعدتنا بمشروعنا، وتطويره حتى يكبر وأضم باقي أولادي للعمل، لا سيما أنه بفصل الشتاء سينقطع رزقنا؛ بسبب عدم استقرار المكان، فأتمنى من كل الجهات مساعدتي بمشروعي، لإيجاد مصدر دخل ثابت يعيلني وأسرتي؛ لسد قوت يوم أولادي دون أن أحتاج الآخرين".

WhatsApp Image 2021-08-15 at 6.55.23 PM (1).jpeg
WhatsApp Image 2021-08-15 at 6.55.24 PM (1).jpeg
WhatsApp Image 2021-08-15 at 6.55.24 PM (2).jpeg
WhatsApp Image 2021-08-15 at 6.55.25 PM.jpeg
WhatsApp Image 2021-08-15 at 6.55.25 PM (1).jpeg
WhatsApp Image 2021-08-15 at 6.55.25 PM (2).jpeg
 

 

 

 

كلمات دلالية