خبر يأس أهالي القطاع أبعدهم عن متابعة أخبار الحوار الوطني

الساعة 05:24 ص|01 ابريل 2009

فلسطين اليوم-غزة

بعد أسابيع على الحرب الأخيرة على قطاع غزة واستمرار الحصار، تبدو معالم الطريق من مدينة غزة إلى خان يونس مختلفة، فالأشجار ملقاة على جانبي الطريق بعد أن اجتثتها الدبابات، والوجوه كالحة وصل بها اليأس حداً لم يسبق له مثيل.

أبو حمدي (54 عاماً) سائق التاكسي يؤكد أنه لا يريد حواراً في القاهرة، وأن الأمر لم يعد يعنيه، خاصة بعد توالي الإخفاقات، قائلاً "وعود بالخير والتفاهم، وعلى أساسها ينظمون الحوارات ثم النتيجة واحدة: الفشل".

ويضيف "يقولون إنهم اتفقوا، وحين يعلنون نقاط الخلاف نكتشف أنها كل شيء، الأجهزة الأمنية ومنظمة التحرير وحكومة الوحدة".

وذكر أنه لم يعد يلقي بالاً لما يحدث بالقاهرة ولا حتى يتابع الأخبار، فالنتيجة واحدة، وهنا وافقته سيدة تبدو في الأربعينيات من عمرها أثناء ترجلها عند منطقة القرارة بقولها "أي حوار، بطلت تفرق، في كل الأحوال الفقر ذبحنا".

تزايدت حدة النقاش في السيارة، ليس بسبب السياسة، بل لأن السائق يرفض أن يصل الى أبعد من منطقة شارع جلال في خان يونس، قائلاً "لينزل الجميع هنا، ألا يكفي أنكم ورطونا، وأنتم ما زلتم تتحدثون في السياسة".

وهنا رد راكب ملتحٍ ضاحكاً "يا أخي يكفي أنك تريد للحوار أن يتوقف، صحيح أننا لسنا متفائلين، لكن الأطراف تحاول فعل الأفضل لأهالي قطاع غزة"، فخاطبه السائق قائلاً "إذا تصالح الطرفان فهذا يعني أن يرجعا للتقاتل على الأجهزة الأمنية، والعودة لسؤال: من أطلق النار على الآخر أولاً؟"، ثم أردف بحزم "لا نريد حواراً، الحصار والانقسام أفضل".

لكن الراكب نفسه أضاف "بصراحة، في البداية كانت متابعة أخبار الحوار الوطني مستمرة، لكننا تعلمنا درساً مهماً منذ اتفاق مكة، فليس كل ما يقوله الساسة نصدقه، خاصة في تفاؤلهم".

إحدى الصحافيات الأجنبيات التي كانت متوجهة للقاء بعض المتضررين في بني سهيلا، قالت إن أصعب مشكلة كانت تسمعها من المواطنين باستمرار هي الحصار وإغلاق المعابر، خصوصاً للمرضى الذين لا يجدون العلاج المناسب في القطاع، موضحة أنها منذ عام تسكن غزة ولم تر اليأس عند المواطنين كما هو الآن، فالحزن يملأ الوجوه والكلمات، وما يحدث في القاهرة لا يعنيهم البتة، وحين تسألهم عن الحوار يسخرون.

وصحافي ممن ذهبوا إلى مصر لتغطية الحوار حين تم الإعلان عنه نهاية العام الماضي، ثم رجع خالي الوفاض لأنه تم إلغاؤه، يقول إنه لا يشعر برغبة في السفر ولم يسعَ لذلك رغم أن الحوار هذه المرة بدأ منذ مدة، مشيراً إلى أن هذا ليس حاله وحده، فالعديد من الصحافيين لم يعودوا يهتمون بذلك، بعد أن طال اليأس، الإعلاميّ قبل المواطن العادي، لأنه يعلم خبايا الأمور.

نجح السائق بصوته المرتفع وإصراره على جعل جميع الركاب يترجلون عند بداية شارع جلال، وفي داخل كل منهم يأس من نجاح الحوار، لكن بأمل أكبر في عودة المحبة إلى شوارع المدن المنسية.