اتفق ساسة وباحثون ومختصون خلال ندوة حوارية لمركز أطلس للدراسات والبحوث، اليوم الأربعاء 11/8/2021، على أن معركة سيف القدس الأخيرة، أحدثت تغيراً اقليمياً ودولياً، على صعدٍ عديدة، خاصةً على المستوى الدولي.
وأوضح هؤلاء في ندوةٍ حواريةٍ بعنوان معركة "سيف القدس والتحولات الإقليمية والدولية، نظمها مركز أطلس للدراسات والبحوث بالتعاون مع مركز المبادرة الاستراتيجية فلسطين ماليزيا، أن ماتميزت به المعركة هو رمزية توحد الكفاح الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.
وأشار هؤلاء إلى أهمية التأكيد على أن النظرة الغربية للقضية الفلسطينية قد تغيرت، فاتسعت رقعة المظاهرات المناصرة للفلسطينيين، وبالمقابل المطالبات بتقليص الدعم عن الإسرائيليين.
المنظور الغربي
بدوره، تحدث صالح عبد العال الكاتب والباحث الفلسطيني، عن "إسرائيل" في المنظور الغربي خلال معركة "سيف القدس"، مؤكداً أن الجديد في معركة "سيف القدس" رمزية توحد الكفاح الفلسطيني بأجزائه الأربعة (القدس والقطاع والداخل والمهاجر).
وبين، أن هذه الأجزاء لم يتسنّ لها قبل الآن أن تتوحد في نهوض مشترك من مواقعها بعناوين متكاملة؛ فلقد حقق نهوض المقاومة في غزة، إزاء ما يجري في القدس، نقلة نوعية لأداء المقاومة سياسيًا، كما ان نهوض الشتات كان تجسيدًا متميزًا لإحياء قضية العودة، وكذلك كان نهوض الداخل الفلسطيني تكريسًا للوجود على الأرض الفلسطينية والتصدي للغيتو الصهيوني. لن أواصل في شرح طبيعة معركة "سيف القدس"، ولكن بمقدار ما تلقي آثارها على الموقف الدولي، حيث يكتشف العالم بأن الشعب الفلسطيني يُواجه أشكال معاناة متراكبة، فهو يقصف ويدمر في غزة، وتنتهك مقدساته في القدس، ويخنق في الداخل ويعيش القهر في الشتات. دفعة واحدة تقدمت القضية الفلسطينية للراي العام الدولي، وهذا جديد تمامًا في سياق الصراع مع الكيان الصهيوني.
وأوضح عبد العال، أنه نتيجة تراكم النضال الفلسطيني، ونتيجة مباشرة للإعلام والصورة التي خدمت القضية الفلسطينية كثيرًا، بحيث أصبح الرأي العام في أوروبا في اتجاهه الأغلب يؤكد على أن الكيان الصهيوني هو المتسبب الأخطر في عدم استقرار الأمن العالمي.
وكما لفت إلى تصاعد التأييد للحق الفلسطيني من خلال مؤسسات أوروبية وأمريكية وازنة كنقابة الأكاديميين الانجليز الذين اتخذوا قرارًا بمقاطعة الجامعات والأكاديميين الصهاينة في حال تورطهم مع الاستيطان والمواقف العنصرية تجاه الفلسطينيين. وقد وصل الأمر إلى أن تتشكل لوبيات أمريكية في الكونغرس تطالب بوقف المساعدات إلى إسرائيل أو تقييدها والتأكد من أنها لا تذهب لقتل الفلسطينيين.
وذكر، أن معركة "سيف القدس" تأتي أهميتها - بالإضافة لما سبق - من كونها قطعت الصمت وجدّدت في الحس الغربي تصميم الشعب الفلسطيني كله على مواصلة كفاحه لنيل حقوقه، وأن كل محاولات التشويش على ذلك لن يجدي نفعًا.
انعكاسات معركة "سيف القدس" على الرأي العام الرسمي والشعبي
وبين عبد العال، أنه في أوروبا الغربية والأمريكيتيْن وأستراليا، كان واضحًا أن معركة "سيف القدس" قد حققت إنجازًا كبيرًا، وقد تمكّنت من حصاد تفاعلات المواقف السابقة وجهود الجميع، بحيث أصبحت - وعلى مدار أسابيع وأشهر - الحدث الذي يحرك الشوارع في كل عواصم ومدن أوروبا، حيث لم تتوقف المظاهرات في شوارع باريس وفرانكفورت ولندن وبروكسيل وأمستردام ومدريد، بل في كل المدن الأوروبية، حيث يتدفق الساسة والمثقفون والشعب للتنديد بالممارسات الصهيونية وإعلان الانحياز للشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أنه تقدمت الأحزاب الأوروبية خطوات في تثبيت الموقف الجديد، فقد أصبح الكيان الصهيوني منبوذًا وعنصريًا في حس تيار واسع من الأوروبيين وصل إلى درجة أن يطالب أعضاء في البرلمان البلجيكي بطرد السفير الإسرائيلي.
وكما سبق-وفق عبد العال- فإن المظاهرات في الولايات المتحدة في واشنطن وكل المدن الأمريكية شكلت ضغطًا حقيقيًا على الساسة الأمريكان، فلأول مرة تضطر المؤسسة الأمريكية إلى الالتقاء بممثلي الجالية الفلسطينية وطمأنتها بأن العدوان سيتوقف وأن حلًا مناسبًا سيكون، في حين واصل عشرات الأعضاء في الكونغرس ضغطهم على صانع القرار الأمريكي.
وأكد، أن هبة أهل الداخل الفلسطيني في معركة "سيف القدس" كانت العنصر المفاجئ، والذي أعاد الرواية الفلسطينية إلى أصولها، وهي مادة مهمة للإعلام الفلسطيني والنشاط السياسي والثقافي الفلسطيني، الذي سيجد له في مستويات عديدة في الغرب الأثر البالغ. وكما هو واضح بمقدار تجلي القضية الفلسطينية على حقيقتها وطبيعتها؛ تكسب أنصارًا حقيقيين، وبمقدار التمويه والتبعيض والوهن ومؤانسة الاحتلال، تفقد القضية الفلسطينية أنصارها وتخبو نارها في الضمير الإنساني.
ولم يخف عبد العال، أنه طيلة أيام معركة "سيف القدس" أن المواقف الرسمية الغربية أخذت في التطور لصالح كفاح فلسطين، وإن بدأ بعضها في خانة الانحياز للعدوان ومنحه مشروعية؛ إلا أنه انتهى موقف الجميع بالتنديد بالجرائم والمطالبة بوقف العدوان. ومن الملفت حقًا أن هذه المدن الأوروبية نسيت أزماتها ومطالبها النقابية طيلة أيام معركة "سيف القدس" وتفرغت في إسناد الشعب الفلسطيني.
المناعة الفلسطينية بعد عملية "سيف القدس"
بدوره، تحدث أنطوان شلحت، كاتب في الشأن الإسرائيلي، عن المناعة الفلسطينية بعد عملية "سيف القدس"، لافتاً إلى ماحدث في الأراضي المحتلة عام ٤٨، الذي استطاع أن يخلق حالة فلسطينية على المنطقة السائدة وأغلب المستجدات.
وبين، أن الهبة الفلسطينية المباركة لنصرة القدس اسميتها هبة ذات هدف مزدوج ضد إسرائيل.
وأشار إلى أن هذه الهبة تعزز الوجود الفلسطيني وضد المناعة وخطر ٤٨ حتى وأن كانت هناك الهوية مغلقة.
الدروس المستخلصة إسرائيلياً من عملية "سيف القدس"
أما حسن لافي الكاتب في الشأن الإسرائيلي، فأكد أن معركة سيف القدس التي استمرت عشرة أيام وثمانية ساعات أحدثت الكثير من التداعيات والنتائج التي أجبرت إسرائيل على إعادة النظر واستخلاص الدروس على عدة مستويات وفي اتجاهات متعددة ومختلفة.
وفيما يتعلق باستراتيجية التعامل الاسرائيلي مع الفلسطينيين، ففي قطاع غزة، أوضحت معركة سيف القدس فشل سياسة الاحتواء الاسرائيلية تجاه قطاع غزة وحكومة حماس التي تدير القطاع، حيث حاولت اسرائيل من خلال الدمج ما بين سياسة التخفيف من الازمات الانسانية الناتجة عن الحصار وبين سياسة الردع كأساس للتفاهمات مع حركة حماس، حيث تفاجأت "إسرائيل" ان في لحظة الحقيقة ان الخط الايدولوجي الديني للحسابات المقاومة غلبت على اي اعتبارات اخرى، مما جعل الاستخبارات الاسرائيلية تعيد قراءتها الاستخباراتية لشخصيات صناع القرار وطريقة تفكيرهم لدى فصائل المقاومة وخاصة قائد حماس في غزة الاستاذ يحي السنوار.
على ضوء ذلك بات مطلوب من إسرائيل حتى اندلاع المعركة القادمة التي يجب أن تكون إسرائيل تمتلك زمام المبادرة بها، يجب على الجيش الإسرائيلي والمؤسسة السياسية انتهاج سياسات جديدة مع قطاع غزة مبنية على العمل باستمرار على تقويض قدرات حماس القتالية من خلال خلق قواعد اشتباك جديدة.
وعلى صعيد السلطة الفلسطينية، كشفت معركة سيف القدس للإسرائيليين القيمة الامنية الثمينة للتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية في حفظ أمن الضفة الغربية وعدم تدهور الوضع فيها وصولاً إلى فتح جبهة قتال جديدة أثناء المعركة، لذلك بات هناك تتعالى الأصوات داخل الحكومة والمؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية التي تطالب بإحداث تحول استراتيجي تجاه تعزيز وتقوية السلطة بدلاً من السياسة السابقة الهادفة إلى اضعاف السلطة خوفاً من إيجاد ضغط دولي على إسرائيل من أجل احياء حل الدولتين مجدداً، وباعتقادنا هناك عاملين عززا من تلك الأصوات، الأول تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل والثاني الموقف الأمريكي المشجع لتعزيز دور السلطة الفلسطينية.
أما الجهوزية العسكرية والجبهة الداخلية، فاندلعت معركة سيف القدس بدون أن يسبقها تدهور في الحالة الأمنية ما بين فصائل المقاومة وإسرائيل كما حدث في الحروب السابقة، بل اعتبرت إسرائيل أن معركة سيف القدس ثمرت أخذ زمام المبادرة والمبادئة للمقاومة الفلسطينية في غزة من خلال الضربة الأولى في المعركة دون إنذارا مبكرا استخبارياً، الأمر الذي أربك الجيش الاسرائيلي من اللحظة الأولى للمعركة، التي لم يكن لديه تقديرات استخباراتية عن حجم ونوع الضربة الأولى من الرغم من تحديد المقاومة للحظة بداية العملية الساعة السادسة مساء.
وبين لافي، أن معركة سيف القدس أثبتت أن الجيش الاسرائيلي لم يستطع تحقيق النصر المأمول في خطة تنوفا متعددة السنوات، حيث لم تساعد خطة تنوفا الجيش الاسرائيلي إلى تحقيق الحسم العسكري ولا حتى تحقيق الانتصار الواضح التي نصت عليه خطة تنوفا، بل على العكس من ذلك انتقلت المقاومة في معركة سيف القدس من التكتيكات الدفاعية التي اعتادت عليها في السابق إلى التكتيكات الهجومية ، حيث اتخاذ المقاومة الفلسطينية قرار الهجوم وتحديدها ساعة الصفر في بدء المعركة قطعت الطريق على نجاح خطة الحرب الاسرائيلية على غزة المبنية في جوهرها على مبدأ المباغتة واختيار التوقيت الأنسب اسرائيليا على مستوى القدرة على استهداف اكبر عدد ممكن من بنك الأهداف في الضربة الأولى، بالإضافة إلى ضمان جهوزية منظومات الدفاعية الايجابية والسلبية المتمثلة بمنظومة القبة الحديدية، من جهة ومن جهة أخرى جهوزية الملاجئ داخل المدن والمستوطنات الاسرائيلية، الامر الذي مثل فشل اسرائيليا كبيرا كشفت عنه معركة سيف القدس، حيث القدرات الصاروخية المتطورة لدى المقاومة كشفت عن عدم جهوزية البنى الدفاعية في الجبهة الداخلية بالإضافة إلى ابراز خلل اداري كبير في ادارة الجبهة الداخلية الأمر الذي تجلى بوضوح في مدينة عسقلان المحتلة.
وقال:"يعتقد الجيش الإسرائيلي أنه حقق إنجازا كبيرا في تحييد منظومة الأنفاق الهجومية للمقاومة، بل يدعي انه حيد هذا السلاح الاستراتيجي للمقاومة، ناهيك عن قدرة سلاح الطيران الإسرائيلي على استهداف منظومة الأنفاق الداخلية من خلال استخدامه لطائرات الأف 35 لأول مرة، وبالتالي يحاول نقل تلك التجربة على الحدود الشمالية ضد حزب الله. "
أما. فلسطينيون الداخل المحتل عام 48، فقال لافي :"شكل دخول فلسطيني عام 48 على خط المواجهة مع إسرائيل في معركة سيف القدس الصدمة الكبرى للمؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية، حيث المظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت بداية داخل مدينة اللد المحتلة و من ثم توسعت لتمتد من طبريا وعكا شمالا حتى بئر السبع جنوبا مرورا بيافا ومدن المثلث مثلت جبهة مواجهة جديدة من الناحية العسكرية والأمنية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفق ما صرح به رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك بنيامين نتنياهو أثناء عقده لجلسة تقدير موقف في اللد في الثالث عشر من أيار اعتبر فيها أن "الصدامات الحالية هي التهديد الأكبر وإننا نحتاج إلى اللجوء لخطوات متطرفة واستخدام القوة والقوة ومزيد من القوة"!، التي اعتبر أن سببها هو "وجود مجموعات لا يستهان بها لا زالت لا تقبل فكرة وجود دولة إسرائيل وتريد أن تنهي وجودها وقد وجدت فرصتها للقيام بذلك بسبب المواجهة مع غزة".
ولفت إلى أن الصراع بين فلسطيني ال٤٨ وبين اسرائيل أثناء معركة سيف القدس أعاد القضية إلى مربع النكبة والتهجير وملكية الأرض وغيرها من القضايا ذات العلاقة بالهوية الفلسطينية الجامعة، وبالتالي هذا اعلان حقيقي وواضح أمام الجميع أنه فشل لكل سياسات الأسرلة والاستيطان الاسرائيلي على مدار ٧٣ عاما، وانه حتى الآن تحاول اسرائيل احتلال مدننا وبلداتنا الفلسطينية داخل ال٤٨، وبالتالي تعالت الأصوات بقوة داخل إسرائيل بإعادة النظر بكل الاستراتيجيات التعامل مع فلسطيني الداخل المحتل عام 48 بشكل جوهري من خلال وضع قضيتهم على أعلى سلم أولويات الأمن القومي الإسرائيلي.
وعلى صعيد مواقع التواصل الاجتماعي وصفها لافي بجبهة قتالية جديدة، كشفت معركة سيف القدس مشاكل كبرى في مجال الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لدى دولة الاحتلال، سواء بالتواصل مع الجمهور في الداخل، او سواء تجاه الإقليم والمجتمع الدولي، حيث استطاعت الرواية الفلسطينية احداث التأثير الجيد على الرأي العام العالمي وتجنيده بشكل كبير ضد إسرائيل وحتى المساهمة في خروج الآلاف من المتظاهرين ضد السياسات الإسرائيلية الهمجية والعنصرية ضد الفلسطينيين حتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
بناء على ما سبق بات هناك مطالبات داخل إسرائيل تدعو إلى تحسين "جاهزية الجبهة الداخلية" الاسرائيلية في مواجهة النشاط على الشبكات الاجتماعية من خلال التعليم العام وتحسين مهارات محو الأمية الرقمية ، بالإضافة إلى تطوير نظام الإعلام والدعاية في إسرائيل في ضوء ما يحدث من تحديثات متسارعة في هذه المجالات، اضف إلى ذلك تعزيز التحركات التشريعية ووضع تدابير إنفاذ من شأنها أن تسمح للسلطات بالتدخل فيما يحدث في الساحات الرقمية عند الضرورة ، كما يجب إنشاء قنوات اتصال وإجراءات جنبًا إلى جنب مع الشركات المالكة للمواقع الاجتماعية من أجل محاربة المحتوى الفلسطيني وتعزيز الدعاية الإسرائيلية.
تداعيات معركة سيف القدس على محور التطبيع الخليجي
بدوره قال سري سمور كاتب ومدون فلسطيني، في مداخلةٍ له، أن ما قبل معركة "سيف القدس" في أيار/ مايو 2011 ليس كما بعدها؛ وهي مقولة لها حظ وافر من الصحة والدقة؛ فهذه المعركة خلقت واقعًا جديدًا على الصعيد المحلي الفلسطيني والعربي، ونلحظ حرص الاحتلال الإسرائيلي على قلب نتائجها، كي تكون النتائج لصالحه.
معركة "سيف القدس" تبدد أوهام المطبعين
وقال سمور:"ما بين 10/5/2021 حتى 21/5/2021م حدث الزلزال الذي لا تزال توابعه وتداعياته تلقي بظلالها على المنطقة، حيث أنه وبعد تهديد المقاومة في غزة على استهداف أهالي حي الشيخ جراح المهددين بالترحيل."
وأضاف:"مع أن المعركة لم تستمر مدة طويلة، ولم يكن هناك اشتباك بري؛ ولكنها قلبت كل المعادلات، حيث لم يعد الحديث عمن يكون المطبع الثالث، بل عن التحرير، وذلك في أوساط الشعب الفلسطيني وجماهير عربية وإسلامية."
وأسقط في يد محور التطبيع الخليجي، الذي سلّط أدواته الإعلامية للنيل من المقاومة باصطفافه المقرف مع الكيان العبري. وظهر أن ما تروجه ماكينة التطبيع - علنا أو ضمنًا - عن قوة إسرائيل شيء واهٍ، حيث أن أعتى قوة عسكرية عاجزة عن التصدي لمقاومين داخل شريط ساحلي ضيق محاصر فقير، فكيف سيمكنها التصدي لإيران أو تركيا مثلًا، وهذا كان من أسباب التطبيع الخليجي؟!
ووفقاً لسمور، أثبتت معركة "سيف القدس" أن التحالف مع إسرائيل والتطبيع معها يجلب الغضب الشعبي والحرج السياسي للمطبعين، فإسرائيل تعجز عن حماية نفسها ومستوطناتها ومستوطنيها، فكيف ستحمي من يراهنون على حمايتها، ناهيك عن كون معركة "سيف القدس" كانت أساسًا على جبهة غزة فقط، فكيف لو فتحت جبهات أخرى مستقبلًا، وهو ما تخشاه إسرائيل؟
وبين، أن التطبيع تحول من مسيرة وصيرورة محتمة (كما كان ظاهرًا قبل المعركة) إلى حالة معزولة منبوذة لا تؤثر في مسيرة المقاومة، جعل الإمارات أشبه بذئب جريح يسعى للانتقام، ولا مجال أمامها للتراجع عن خيارات التطبيع المحمومة ومظاهرها، مثل افتتاح السفارات والاستثمارات والانحياز المستفز للرواية الإسرائيلية.
في موضوع الغضب الشعبي، تسعى الإمارات إلى تعزيز الدكتاتورية ووأد الحريات في كل أرجاء البلاد العربية، لأن الديموقراطية ورأي الشعوب جميعًا - حين يترك لها الخيار - سيكون ليس فقط ضد التطبيع، بل الوقوف بكل ما يمكن مع المقاومة والمقاومين، لذا ستستمر الإمارات في تعزيز مسار الاستبداد ودعم الثورات المضادة، وضرب الاستقرار كي لا يفكر الفرد العربي بالقدس وفلسطين إطلاقًا، ومن يعترض على التطبيع فعصا الأمن الغليظة سترفع في وجهه.
ولا تمتلك الإمارات جيشًا يمكنها أن ترسله إلى أي مكان، ولذا تسعى لتجنيد مرتزقة ورشوة جيوش ومجموعات عربية مختلفة كي يحققوا أهدافها.
وتسعى الإمارات إلى القضاء على المقاومة فيزيائيًا بعدة طرق؛ منها تحريض محموم لإسرائيل كي تقدم على مغامرات عسكرية لعلها تقضي على المقاومة أو تشل قدراتها، وبالطبع فإن المستوى الأمني والسياسي في إسرائيل يقدّر الأمور بطريقته وليس بتحريض وهواجس أي طرف ولو كان حليفا كبيرا مثل أمريكا فكيف بدولة مثل الإمارات؟
كما أثبتت –وفق سمور- معركة "سيف القدس" قدرة المقاومة على جعل التطبيع خيار نظم مأزومة لا تملك في خضم المعركة إلا إطلاق الذباب الإلكتروني والتحريض، ممّا جعل أكثر من دولة عربية كانت مرشحة أو تستعد للتطبيع أن تحجم عنه، وهي ترى أن من ستطبع معه أضعف مما صُوّر لها أو بنت تصوراتها عن قدراته، وهو في معركة وجودية لا تنتهي وبناء عليه.
وأوصى بالمقاومة، الاستمرار في تجميع قوى المقاومة وتجاوز الخلافات مهما كانت والتركيز على جعل فلسطين مركزية وأولوية، مراكمة وزيادة أدوات ووسائل القوة العسكرية والسعي الدؤوب نحو تقليل خطر سلاح الجو الإسرائيلي، والاستعداد دومًا لخوض مواجهة مع الاحتلال خاصة فيما يتعلق بالقدس والأقصى، استمرار وتطوير أدوات المعركة ضد التطبيع، وفضح كل من يقوم به لعزله شعبيًا وإبقاء التطبيع شيئًا محرمًا في نظر جموع الأمة.
التغطية الإعلامية الإسرائيلية لمعركة سيف القدس
بدوره، أكد أستاذ الإعلام بجامعة الأمة عدنان أبو عامر، أن الأداة الأكثر تجنيداً هو الإعلام الإسرائيلي، ودائماً كان يقف على يمين الجيش الإسرائيلي، لافتاً إلى أن هناك توحد غير مسبوق خلف الجيش والحكومة والأمن، بعد أن كان يعاني من استقطاب، من تلقائية الاعتبار أن هذه حرب ويجب استكمالها حتى النهاية.
وأشار أبو عامر إلى الرواية الاسرائيلية تعتمد على التحريض، مبيناً أن الدفاع الإعلامي وفي مجمله كانت الرواية الإسرائيلية تصف التصنيع وتدبير اغتيالات ومس المؤسسة الإعلامية الفلسطينية.