القائد «زياد الغنام»: مجهّز الاستشهاديين ومرعب جيش المحتلين

الساعة 12:16 م|30 يونيو 2021

فلسطين اليوم

الشهيد القائد زياد الغنام رجل في زمن عزَّ فيه الرجال، وأسد من أسود ذات الشوكة، استطاع هذا المارد الصلب أن يمرغ أنف الاحتلال في أكثر من موقع، وأن يصنع لنفسه ولوطنه اسماً في تاريخ هذه الأمة الغراء، لم تثنه ملاحقة الاحتلال عن مواصلة جهاده، ولم يفكر بحياة الرفاهية، ولم يلتفت لهذه الدنيا الفانية، بل ابتغاء رضا الله وإعلاء كلمته والدفاع عن دينه ووطنه واسترداد حقه المسلوب وكرامته.

تمر علينا اليوم الأربعاء الموافق 30 - 6 الذكرى السنوية الرابعة عشر لاستشهاد القائد "زياد شاكر الغنام" أحد أبرز قادة سرايا القدس في جنوب قطاع غزة، والذي ارتقى للعلا شهيداً في قصف صهيوني استهدف السيارة التي كان يستقلها برفقة الشهيد القائد محمد الراعي والشهيد القائد الميداني رائد الغنام بخانيونس جنوب القطاع.

ميلاد القائد

بتاريخ 25 مايو (أيار) من عام 1969م كانت فلسطين وكل الأمة العربية تعيش نكسة حزيران عام 1969م، على موعد مع فجر ميلاد قائد عنيد اسمه زياد شاكر دياب الغنام (أبو ياسر) لأسرة فلسطينية مجاهدة هُجِّرت من بلدتها الأصلية «السوافير الغربية»، ليستقر بها المقام بعد رحلة من العذاب والت رد في مخيم «يبنا» للاجئين ملحمة الصمود والانتصار، وكونت تلك الأسرة الفلسطينية المهاجرة عائلة من والديه الشهيد وأربعة إخوة وأخت واحدة وشاء الله أن يكون ترتيبه الرابع بين الجميع.

تربى الشهيد القائد زياد في أسرة بسيطة عانت الويلات من الاحتلال وذاقت لوعته وتربت على حب الجهاد والدفاع عن الوطن فأخواله كانوا من الفدائيين الأوائل الذين حملوا السلاح ووقفوا في وجه العدو الصهيوني الغاشم، وتعلم الشهيد منذ نعومة أظافره حمل السلاح ليدفع الظلم عن أهله وأبناء شعبه.

درس الشهيد القائد زياد كغيره من أبناء المخيم في مدارس الوكالة ذات المقاعد الخشبية والسبورة السوداء حيث درس المرحلة الابتدائية «واو»، ثم التحق بالمرحلة الإعدادية ليدرس بمدرسة «ب» الإعدادية، ثم درس في مدرسة «بئر السبع» الثانوية واستطاع أن ينهي دراسته الثانوية بنجاح، حيث تميز بتفوقه طوال المراحل الدراسية رغم محاولات الاحتلال المتكررة لتدمير التعليم من خلال الإغلاقات والتضييق المستمر، لم يستطع الشهيد أبو ياسر أن يدرس المرحلة الجامعية بسبب مطاردة الاحتلال له واعتقاله أكثر من مرة إلا أنه التحق بجامعة القدس المفتوحة لينهي سنتين جامعتين رغم التهديدات الصهيونية باعتقاله إلا أنها لم تمنعه من مواصلة دراسته الجامعية.

في تلك الفترة تزوج الشهيد القائد زياد الغنام من رفيقة عمره ومنَّ الله عليه بشبلين من أشبال الإسلام: ياسر وعبد الحميد، وثلاث زهرات: سامح، وبيسان، وجنين أسماء تحمل في طياتها ذاكرة محفورة لمدن وقرى فلسطينية هُجِّر أهلها عنوة، ولكن ما زالت ذاكرة تلك المدن عالقة باقية في عقول وقلوب كل فلسطيني ينتمي لتلك الأرض ويعرف الله حق المعرفة.

صاحب الابتسامة الهادئة

لم يعرف الشهيد زياد لغة التبختر والتبجح والكبر، فعد مثالًا للشاب المجاهد المتواضع البسيط في مشيته وفي كلامه ومعاملاته مع الآخرين، فلم يذكره أهله إلا بكل خير، وسيرته تبعث في نفوسهم البشرى، فهو صاحب الابتسامة الهادئة النابعة من قلب حنون طيب يحنو على الضعيف والصغير ويحترم الكبر ويبر والديه.

حرص الشهيد القائد أبو ياسر على أداء الصلوات الخمس جماعة في مسجد الهدى فتراه يحث إخوانه على أداء الصلاة في المسجد وحضور مجالس العلم وقراءة القرآن.

عُرف عن الشهيد القائد أبو ياسر أنه كان صابرًا محتسبًا حيث ذاق ألم فراق وفقدان أربعة من أبنائه الذكور (أسامة، محمد، إبراهيم، حمزة)، كذلك لحق بهم ابنه الكبر (ياسر) عام 2008 م حيث قضى غريقًا في البحر.

مشواره الجهادي

التحق الشهيد القائد زياد الغنام أبو ياسر في بداية ريعان شبابه بأحد فصائل العمل المقاوم في قطاع غزة وعلى أثر ذلك اعتقلته قوات الاحتلال في العام 1989م وقضى ما يزيد عن السنتين في سجون الاحتلال وكانت له سيرة نضالية حسنة لدى إخوانه الأسرى، ومع ذلك لم يضعف الأسر من عزيمته حيث خرج مجاهدًا مقارعًا لقوات الاحتلال.

ومع بداية انتفاضة الأقصى عمل في مقارعة الاحتلال ومستوطنيه واستهدافهم، وشارك الشهداء القادة محمد الشيخ خليل وياسر أبو العيش ويوسف أبو مطر وخالد عواجة وجمال أبو سمهدانة في الكثير من العمليات الجهادية.

انضم الشهيد القائد زياد إلى صفوف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في العام 2000م إيمانًا منه بصواب نهجها الجهادي في مقاومة العدو الصهيوني الذي لا يعرف سوى لغة القوة والعدوان والقتل والتخريب والترويع للفلسطينيين، وأهلته كفاءته الشخصية والمهنية إلى أن يصبح قائدًا بارزًا في سرايا القدس، ومكنه مركزه في السرايا من أداء مهام جهادية عظيمة؛ فجهز كثيرًا من الاستشهاديين في المنطقة الجنوبية، وجهز كذلك مجموعات التصدي للاجتياحات التي قام بها العدو لمخيم رفح، ويذكر له تأسيسه لمجموعتين من مهندسي الصواريخ الذين طوروا بعض الصواريخ للسرايا.

والعمليات الاستشهادية التي جهز الشهيد القائد زياد الغنام أبطالها هي:

عملية "الفتح المبين" في ميراج، التي نفذها الاستشهاديان شاكر جودة وعلاء الشاعر وأسفرت عن مقتل (4) جنود صهاينة بينهم ضابط كبير وإصابة آخرين.

عملية "كيسوفيم" المشتركة التي نفذها الاستشهاديان إبراهيم حماد من سرايا القدس وفيصل أبو نقيرة من ألوية الناصر صلاح الدين وأسفرت عن مقتل (5) مغتصبين صهاينة وجرح آخرين.

عملية "فتح خيبر" المشتركة والتي نفذها الاستشهاديون محمد العزازي من سرايا القدس ويوسف عمر من كتائب الشهيد أحمد أبو الريش وعماد أبو سمهدانة من ألوية الناصر صلاح الدين وأسفرت عن مقتل (5) جنود صهاينة وإصابة آخرين.

عملية "بوابة صلاح الدين" التي نفذها الاستشهادي جهاد حسنين وأصيب فيها ثلاثة جنود صهاينة.

عملية "البرق الخاطف" التي نفذها الاستشهادي أحمد شهاب وأدت لمقتل وإصابة عدداً من الجنود الصهاينة.

عملية "كيسوفيم" التي نفذها  الاستشهاديان نضال صادق وأحمد عاشور والتي أدت لإصابة عدداً من الجنود الصهاينة.

عملية "بدر الكبرى" التي نفذها الاستشهاديان رمزي الجعبير وعمر نوفل  وقد أدت لمقتل وإصابة عدداً من الجنود الصهاينة.

وأشرف الشهيد زياد الغنام على إرسال الشهيد فادي أبو مصطفي لتنفيذ عملية على خط كيسوفيم وقد تمكن من قتل جندي والانسحاب مصاباً في ذلك الوقت قبل أن يستشهد فيما بعد في عملية اغتيال صهيونية.

كما أرسل الشهيد رائد الغنام لتنفيذ عملية استشهادية ولكن قدر الله لم يشاء ليرتقيا معاً في عملية اغتيال صهيونية استهدفتهم في تاريخ 30-6-2007م.

كما يعد الشهيد القائد زياد الغنام المسؤول عن العشرات من العمليات الجهادية ضد العدو الصهيوني وقتل عدد من المغتصبين والجنود خلال عمليات تفجير جيبات عسكرية وقنص وإطلاق قذائف مضادة للدروع.

وخلال مشواره الجهادي المشرف، تعرض الشهيد القائد زياد الغنام للعديد من محاولات الاغتيال التي كان أخرها في 21-4-2007م والتي تكلل جميعها بالفشل بفضل الله عزوجل.

موعد مع الشهادة

في عصر يوم 30 يونيو (حزيران) 2007م قُدِّر للشهيد القائد زياد الغنام والشهيد القائد محمد الراعي والشهيد القائد الميداني رائد الغنام أن يكونوا على موعد مع الشهادة، على موعد مع لقاء جديد، ليس كأيّ لقاء، على موعد مع لقاء الأحبة محمد صل الله عليه وسلم وصحبه ومن سبقهم إلى الجنان من الشهداء، حيث استهدفت طائرات العدو الصهيوني بصواريخها الحاقدة السيارة التي كانوا يستقلونها بمنطقة السكة في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ليرتقي الثلاثة مضرجين بدمائهم الزكية شهداء بإذن الله على أرض فلسطين.

رحم الله شهداءنا الأبرار وأسكنهم فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

كلمات دلالية