الشهيد محمد الزعانين: مثال للعطاء والمثابرة في ميدان التضحية والفداء

الساعة 11:59 ص|24 يونيو 2021

فلسطين اليوم

هم الشهداء نسير بدمهم نحو التحرير، وباستشهادهم نضيء قناديلاً على طريق القدس، تبقى أرواحهم ملهمة حاضرة في ميدان الجهاد والمقاومة لإبقاء جذوة الصراع مشتعلة مع العدو الصهيوني، هم المخلصون عشقوا الشهادة وأحبو الجهاد فتقدموا الصفوف ورفضوا الخنوع والركوع للمحتل في ظل حالة التيه والضياع والسقوط في وحل التطبيع والخيانة.

نقف اليوم أمام سيرة ثائر جهادي مضى نحو المجد، رحل بجسده لكن سيرته العطرة باقية عالقة في أذهان من عرفه وأحبه، كيف لا وهو من عاش باراً بوالديه، عاشقا لفلسطين والبندقية، فكان الفدائي الفلسطيني الذي رفض كل مشاريع التصفية والتسوية، فصنع مجداً في ميدان الجهاد والمقاومة، إنه الشهيد المجاهد محمد الزعانين.

الميلاد والنشأة

بزغ نور شهيدنا المجاهد محمد عوني عبد الله الزعانين بتاريخ 31 ديسمبر عام 1995م، لأسرة كريمة محافظة لكتاب الله وسنة رسوله، تعيش في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة مكونة من 7 أفراد وكان القدر أن يكون الابن الأخير للعائلة.

تربى الشهيد محمد بين أحضان عائلته على الأخلاق الكريمة والحميدة، فنشأ نشأة اسلامية أحبت الجهاد والمقاومة في سبيل الله ودفاعاً عن الوطن، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوية في مدارس بلدة بيت حانون، فيما أكمل دراسته الجامعية تخصص ادارة صحية، ولظروف الحياة في قطاع غزة وانعدام فرص العمل توجه الشهيد الى العمل في توصيل المنتجات والمشتريات "ديليفري" لكسب لقمة العيش في ظل الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة.

صفاته وأخلاقه

يقول أبو فادي الزعانين شقيق الشهيد محمد:" كان أخي محمد أنموذج في الأخلاق الحميدة وكان باراً للوالدين ولا يعصي لهما أمراً، لقول الله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)، كما كان واصلاً لرحمه ومحباً وعطوفاً على الصغار في البيت ومحترماً لمن هم أكبره سناً".

ومثلما تحلى بالأخلاق الحميدة وتعامله فيها داخل المنزل مع الكبير والصغير، عكسها تمام على خارج المنزل فكانت علاقته بجيرانه وأصدقائه وأقاربه طيبة لا تشوبها شوائب فكان أكثر شباب المنطقة تسامحاً بل كان خلقه القرآن ويتعامل بالأخلاق الإسلامية وبكل ود وحب، وكان خدوماً لمن طلب منه المساعدة مشاركاً الأقارب والجيران الأفراح والأحزان.

ويضيف شقيق الشهيد خلال حديثه لموقع السرايا: لم يذكر أن أخي الشهيد محمد سجل في تاريخه أي مشاجرة مع أفراد عائلته أو حتى جيرانه وزملائه في الحياة سواء على صعيد الدراسة أو العمل الخاص والعمل الجهادي.

مواقف لا تنسى

وتابع أبو فادي شقيق الشهيد بالقول:" للشهيد العديد من المواقف التي لا تنسى أو تمسح من الذاكرة، فهو الاخ الذي لم يتأخر عن تلبية الواجب والنداء أو المساعدة لمن طلبها أو سمع بحاجة أحد، فدائما ما كان يساعد الوالد ويرعاه في مرضه ويذهب به الى المستشفى رغم انشغاله بالعمل العسكري".

وأكمل حديثه:" لم نكن نعرف شيئاً عن عمله المقاوم فكان كتوماً ويتمتع بسرية عالية خاصة في عمله في صفوف سرايا القدس، مبدياً فخر واعتزاز العائلة بالشهيد محمد رغم ما يحمله القلب من حرقة وألم على هذا الفراق، حيث كان لهم بمثابة الأب والأخ والصديق.

وعن آخر اللحظات للشهيد محمد قال:" قبل استشهاده بساعة واحدة، خرج محمد مسرعاً لانقاد المصابين والجرحى من أحد المنازل القريبة من المنزل في بيت حانون والتي تعرضت لاستهداف من قبل طائرات الاحتلال، فكان الشهيد يتواجد بالمكان رغم خطورة الموقف قبل رجال الاسعاف والدفاع المدني لتقديم المساعدة لمن يحتاج وينقذ الأرواح فكان بمثابة ملاكاً للرحمة".

مشواره الجهادي

منذ ريعان شبابه وفي العام 2010م، التحق الشهيد المجاهد محمد الزعانين بمدرسة الشقاقي الأمين، والتزم مع إخوانه المجاهدين بالصلاة وقيام الليل وجلسات العلم والذكر، كما شارك إخوانه العمل في اللجان الاجتماعية والصحية والجماهيرية في حركة الجهاد الاسلامي بمنطقة بيت حانون شمال قطاع غزة.

ونظراً لالتزامه الشديد ولأخلاقه وسريته العالية، اختير شهيدنا محمد ليكون أحد فرسان سرايا القدس الجناح العسكرية للحركة وذلك في العام 2011م، فالتحق شهيدنا محمد الزعانين بوحدة المرابطين على الثغور في بداية عمله العسكري، فكان ملتزما أشد الالتزام في رباطه على الحدود الشمالية والشرقية لبيت حانون، كما تلقى الشهيد العديد من الدورات العسكرية التي من شأنها أن ترفع وتطور من مستوى المجاهد في ميدان التضحية والفداء، كما شارك شهيدنا الثائر في حفر الأنفاق الهجومية ضمن مرحلة الإعداد والتدريب.

اختير الشهيد الزعانين ليكون أحد المجاهدين في سلاح المدفعية في لواء الشمال، فكان له دور بارز خلال معركة البنيان المرصوص عام 2014م، وكذلك صيحة الفجر التي جاءت رداً على جريمة اغتيال قائد أركان المقاومة في فلسطين الشهيد القائد بهاء أبو العطا، وشارك في معركة بأس الصادقين وكان له دور فاعل في دك التحشدات العسكرية في غلاف غزة بعشرات قذائف الهاون والصواريخ موقعاً القتلى والإصابات في صفوفهم، وصولاً للمجد الذي صنعه في معركة سيف القدس قبل أن يرتقي للعلا شهيداً.

موعد مع الشهادة

تلبيةً للنداء المقدس وهتافات المرابطين في الأقصى وصرخات أهالي حي الشيخ جراح، خرج الشهيد محمد الزعانين نصرة لهم، مطلقاً القذائف والصواريخ تجاه مواقع ومغتصبات العدو في غلاف غزة، بتاريخ 16/5/2021م، حيث كان الشهيد محمد الزعانين مع رفيقيه الشهيدين معاذ الزعانين ومحمد الكفارنة يدكون المغتصبات الصهيونية بقذائف الهاون ويقضون مضاجع العدو دفاعاً عن شرف الأمة وصد العدوان الصهيوني على قطاع غزة خلال معركة سيف القدس، باغتتهم طائرة بدون طيار صهيونية خلال تنفيذهم إحدى المهام الجهادية في بيت حانون شمال قطاع غزة ليرتقي الشهيد محمد عوني الزعانين ورفيقيه في الجهاد الشهيد معاذ نبيل الزعانين ومحمد يوسف الكفارنة، ليمضوا إلى ربهم بعد حياة مباركة حافلة بالعطاء والجهاد والتضحية في سبيل الله.

كلمات دلالية