اتصال مفاجئ يُحول حُلم صاحب "الفلسطينية" لصدمة وذهول..وماحدث هو الأسوأ!  

الساعة 07:21 م|20 يونيو 2021

فلسطين اليوم

غزة/ أمل خالد الوادية :

كمن يحاول النهوض بنفسه من العدم، واضعاً هدفه على مرفأ الأحلام التي بدأ بتحقيقها منذ أن خطرت في مخيلته فكرة إنشاء شركة متخصصة بالدعاية والإعلان في قطاع غزة، راسماً طريقه بأمل كبير، عله يُحيّ بداخله ما أطفاه حصار غزة سنوات طويلة؛ لكن فرحته بإنجازه شركة عملاقة لم تكتمل، وانتصاره على الواقع الأليم لم يمد طويلاً؛ ليتحول حلم العمر إلى ركام يخرج من ثنايا أنقاضه عزيمة بسبعة أرواح.

اتصال مفاجئ صباح يوم الإثنين الموافق 17مايو 2021 من قبل جهاز المخابرات الاسرائيلي لإخلاء منزله المكون من3 طوابق والتي يتواجد به شركته المقابلة لعمارة أنس بن مالك الكائنة في شارع اليرموك غرب مدينة غزة تمهيداً لقصفها، في لحظة ذهول وخوف أن تفر هارباً بروحك وروح من تحب، تاركاً خلفك بناء السنين وحلم العمر دون أن تنظر إليه نظرة الوداع الأخيرة.

شركة الفلسطينية (4).jpeg
 

تحول الحلم إلى ركام

يقول رائد حسان مدير شركة الفلسطينية للدعاية والإعلان :" وردني الساعة التاسعة صباحاً اتصال من قبل الاحتلال الاسرائيلي يخبرني بالحرف الواحد "اخلِ البيت وابعد 400 متر وتخافش مش حيصير لبيتك اشي"، فتأمل كثيراً لكن أن تتوقع السيء ويفاجئك الواقع الأليم بالأسوأ..

كان حسان يظن أنه سيعود ويجد الأشياء الخفيفة كزجاج الشبابيك وقد تكسرت، و أن تبقى الأثاث، والمكاتب، والمعدات، والأمكنة على حالها؛ لكن الصدمة الكبرى خيبت آماله وحطمت أحلامه بلمح البصر؛ ليعود بعد القصف ويجد بيته وشركته وقد تحول  إلى ركام ودمار بفعل صواريخ الطائرات الإسرائيلية، ولم يبقَ شيئاً على حاله.

 

بناء السنين

هي من أكبر شركات الدعاية والإعلان في قطاع غزة، تأسست سنة 2002 في مرحلة صعبة جداً؛ لتتطور تدريجياً، وتنتقل نقلة نوعية من ناحية إنشائية، وتطوير أمكنة، هدفها الأسمى جودة الأداء ومهنية العمل، تمتلك العديد من المطابع الورقية والجلدية والأمكنة الفريدة من نوعها، لتضم 32 موظف دائم، و40 عامل حسب الطلب.

و تابع مدير الشركة حديثه مع مراسلة وكالة فلسطين اليوم الإخبارية: " بعد حرب 2014 أردنا بناء الشركة رغم الحصار الشديد المفروض على قطاع غزة ليستمر البناء مدة سنة كاملة، وتم افتتاحها عام2016بحضور شخصيات مسؤولة في القطاع"، أن تخرج من تحت الرماد حياً؛ لتجوب الفضاء، وتسمو عالياً  في السوق الفلسطيني، هكذا كانت عزيمة مدير الشركة رائد حسان.

وأشار حسان إلى أن :" بناء الشركة والبيت كلفه 4 أضعاف ثمنها في الوقت الحالي بسبب الحصار الشديد آنذاك وعدم توفر المواد اللازمة للبناء" فكان ينتظر أياماً وشهوراً بطن اسمنت واحد فقط كي يكمل بناء حلمه الذي حال دون أن يشعر بنشوة انتصاره.

شركة الفلسطينية (3).jpeg
 

فصول المأساة

أن يقف على قدميه دون أن يسعفه الواقع بالنهوض، ليعيش مع أحلامه فترة كبيرة، قاتلاً حصارهم وضغوطاتهم لهفته الأولى في بناء حلم السنين.

يكمل رائد حسان حديثه: "أكبر مشكلة واجهتها هو إغلاق المعابر وعدم السماح بإدخال المعدات والمواد اللازمة، وشح بعض المواد والأمكنة في السوق، إلى جانب هجرة الكفاءات من غزة المتخصصة في هذا العمل".

حين تحول حلمه إلى ركام أخذ يتنقل بين جدران شركته المدمرة وأثاثها التي ليس لها معالم تكسوها غبار و رماد صواريخ الاحتلال، يخبرنا والحزن الحسرة تخيم على وجهه:" خسائري كبيرة جداً بلغت3 مليون شيكل، فلم يتبقى أثاث ولا مكن ولا أبواب ولا جدران ولا أي حاجة".

النهوض من جديد

لم تضعف عزيمته حين رأى تعب السنين وقد تحول إلى دمار شامل، وما زاده ذلك إلا قوة وإرادة ليبدأ من جديد، رافعاً سواعده؛ لترميم أنقاض المكان، ممزوجة معنوياته بأمل النجاح  والنصر دون أن ينظر خلفه ليغدو بحلمه من البداية.

يقول مدير شركة الفلسطينية: "حين دخلت على الشركة بدأت بتنظيفها وتجهيزها من أول وجديد، والمكان كان دمار وبدأت أنشئ فيه شوية شوية وأحتاج من 4شهور إلى سنة لتعود الشركة كما كانت"

وأشار إلى أنه استطاع أن يجد مكان مجاور لمكان الشركة المدمر للعمل به مؤقتاً وشراء بعض المعدات والأمكنة الغير كافية ليستمر بالعمل بها حتى تصل المعدات والأمكنة المطلوبة من الصين وألمانيا وتركيا".

 

رسالة عنوانها الإنجاز

خابت أهداف الاحتلال الاسرائيلي وبائت بالفشل، فلم تهزمه وتكسر من معنوياته الصلبة قصف الاحتلال لشركته، بل استطاع مواكبة السوق وتطور الشركة من البداية، متحدياً كل الصعوبات بإصرار عنوانه ستصل الشركة الى مبتغاها بفضل الله، خاتماً حديثه لوكالة فلسطين اليوم برسالة للاحتلال: " انتو بتقصفوا مباني مدنية وبدمروا الاقتصاد الفلسطيني لكن فداء القدس والمقاومة".

في 11 يوماً.. دمرت طائرات الاحتلال قطاع غزة، وبلغت خسائره بملايين الدولارات، فقصفت منشآت مدنية وأبراج سكنية، ومصادر رزق سكان القطاع، وأتت على مصانع بأكملها ومشاريع خاصة لأصحابها، فكان الدمار أكبر من الوصف..

شركة الفلسطينية (2).jpeg
 

 

 

كلمات دلالية