صور.. الشهيد «وليد أبو شاب»: مجاهد أوجع المحتل بحمم قذائفه

الساعة 12:39 م|12 يونيو 2021

فلسطين اليوم

"من كان له المسجد نقطة انطلاق وصل بسرعة البرق إلى ما يشتاق"، بهذه الكلمات يُمكِننا أن نُلخِّص تفاصيلَ حياة شهدائنا الأطهار الذين قدَّموا أنفسهم وأرواحهم رخيصةً في سبيل الله، إنها حياةُ من تُكتَب قصصهم بقواميس العز والفخار، إنَّها القصص الحقيقة لمن اصطفاهم رب الأرض والسماء، فهم الذين تركوا ملذات الدنيا الزائلة وزينتها الفانية، وحملوا على أكتافهم الأمانة العظيمة، أمانةَ الجهاد والدفاع عن مسرى النبي الكريم -صلَّ الله عليه وسلم- والذود عن حمى أبناء شعبنا ووطننا، فامتشقوا أسلحتهم وطوَّروا صواريخهم وواصلوا ليلَهم بنهارهم في ميادين التجهيز والإعداد، وتسابقوا نحو جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ولسانُ حالهم يقول: "وعجلنا إليك ربنا لترضى".

ميلاد الفارس

أبصر شهيدنا المجاهد وليد زهير أبو شاب نور الحياة بتاريخ 25 يناير من العام 1998م في بلدة الزنة شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، حيث نشأ وترعرع في كنف عائلة فلسطينية مُؤمِنَة مُحافِظة، أورثته حُبَّ فلسطين وحبَّ الجهاد والمقاومة، فَرِضَع لبن الكرامة والعزة وشبَّ على الفداء والتضحية.

تلقى شهيدنا المجاهد وليد مراحل تعليمه المدرسي في مدارس بلدة بني سهيلا شرقي خان يونس، حيث كان مثالاً للطالب المجتهد المُثابر والمُجِد في دراسته، وأكمل تعليمه الجامعي ليحصل على درجة الدبلوم المتوسط في تخصص المحاسبة من الكلية الجامعية للعلوم والتكنولوجيا، ثم درس الهندسة في نفس الكلية وتخرَّج منها بتفوق.

صفاته وأخلاقه

"بشوشَ الوجه مبتسم الثغر، طيباً، باراً، كريماً، نقيَ الفؤاد دَمِثَ الأخلاق، مُخلصاً في عمله.." بتلك الكلمات وصفت والدة الشهيد أبو شاب نجلَها الذي ارتقى خلال معركة سيف القدس.

وتقول الأم المحتسبة خلال حديثها لموقع السرايا:" نَجْلي وليد اجتمعت فيه كل الصفات الجميلة، وكان مُلتزماً في المساجد، يَضع مخافة الله بين عينيه، حاملاً لهموم إخوانه، ويُساعد الصغير والكبير".

وبدموع العز والفخر تُضيف: "تُشرفني شهادة ابني وليد وترفع رأسي عالياً، فأنا راضية عنه، وكلنا فداء للأقصى وفداء للقدس".

تعلقه بالمساجد

كان شهيدنا المجاهد وليد أبو شاب مُلازماً لبيوت الله، مُحافظاً على الصلوات في الصفوف الأولى، عرفته محاريب المساجد وحلقات التحفيظ وموائد القرآن الكريم، رَطبَ اللسان مُكثِراً من الذِّكر والاستغفار والدعاء، يُحفِّظُ الأشبالَ والطلابَ كتاب الله.

فمسجد عمرو بن العاص برواده وأشباله خيرُ شاهدٍ على أخلاقه الطيبة وسيرته العطرة، كيف لا! وقد نشأ منذ صغره في طاعة الله، وتعلَّق قلبُه بالمساجد وبالصف الأول.

مشواره الجهادي

شبَّ شهيدنا المجاهد وليد أبو شاب في بيئةٍ احتضنت الجهاد والمقاومة، فعشقَ الجهاد والاستشهاد، وعاهَد نفسه أن يُقاوِم هذا المحتل الغاصب للأرض والمنتهك للعرض والمُستبيح للمقدسات حتى آخر رمق في حياته، فانضم إلى صفوف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين منذ نعومة أظفاره، وكان نشيطاً ومُشاركاً في أنشطتها وفعالياتها كافة، ثم أَلَحَّ على إخوانه في قيادة سرايا القدس بالانضمام إلى صفوف المجاهدين، حيثُ تلقى عدداً من الدورات العسكرية التي أَهَّلَته ليكون مُجاهداً صنديداً من مجاهدي سلاح المدفعية بلواء خان يونس.

وحرص شهيدنا أبو شاب على السمع والطاعة لمسؤوليه، وسخَّر حياته كلها في سبيل الله تعالى، فتراه في ميادين التجهيز والإعداد أسداً هصوراً من أسود السرايا الميامين، نهارُه إعدادٌ وتدريب، وليلُه رباطٌ وقيامٌ وقراءةُ قرآن.

اللقاء الأخير

تروي والدة الشهيد المجاهد وليد أبو شاب تفاصيل اللقاء الأخير الذي جمعها مع نجلها الشهيد، مُوضِحَةً أنه "أجمل ذكرى في الحياة".

وتمضي بالقول: "ثاني أيام العيد دخلتُ الغرفةَ على ابني وليد مرتين لأطمئن عليه، مع أني لم أعتد أن أفعل ذلك مرتين، فوجدته يقرأ القرآن الكريم، فابتسم لي وقال: "يا أمي.. وصيتي لكِ إن لم أتمكن من ختم القرآن كاملاً واصطفاني الله شهيداً، فأوصيكِ بأن تُكملي قراءته من حيث انتهيت؛ لأن أجره سيصلني بعد مماتي".

تمنى الشهادة فنالها

وتُتابع الوالدة الصابرة حديثها لموقع السرايا: "ما يُميِّز وليد أنه كان واثقاً بنصر الله تعالى،  لذلك كان دائماً ما يُردِّد الأنشودة الجهادية "على الجبال خلف التلال وفي الوديان ستُهزمون.. ستُهزمون".

وعن اللحظات الأولى لاستشهاده، تُضيف: "تلقيتُ نبأ استشهاد ابني وليد بمشاعرَ مُختلطة بين الحزن والفرح، لكن الفرح كان أكبر لأنه تمنى الشهادة وزرع ثمرة استشهاده فنالها".

وتُواصل بدموعٍ منهمرةٍ: "لا نقول إلا كما قال رسولنا الكريم –صلَّ الله عليه وسلم- إنَّ العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنَّا على فراقك يا وليد لمحزونون، ولكننا سنصبر ونحتسب".

وبتحدي وثبات تُؤكِّد: "الشهيد وليد حي لم يمت، وشهداؤنا تاج الرؤوس ومقلة العيون، وأقول للصهاينة والعملاء الأوغاد أننا لن نحيد عن هذا الدرب، وسنبقى نُقدِّم المزيد والمزيد حتى تحرير أرضنا وقدسنا، وإن ارتقى مجاهدٌ فسيخلفه ألف مجاهدٍ ومقاوم".

رحيل الفارس

ارتقى شهيدنا المجاهد وليد زهير أبو شاب وقد وفقَّه الله لنطق الشهادتين، إلى علياء المجد والخلود شهيداً مقبلاً غير مدبر؛ في قصفٍ غادرٍ من طائرات الحقد الصهيونية، ثاني أيام عيد الفطر المبارك بتاريخ 14 مايو 2021م، بعد أن أكمل مهمته في قصف المستوطنات الصهيونية؛ ليكون عيدُه في الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء، وليروي بدمائه الطاهرة ثرى وطننا الطاهر، ويلحق بدرب إخوانه الصادقين وتتعانق روحه الزكية مع أرواحهم.

كلمات دلالية