بدون مجاملة .. سرايا القدس أم البدايات وأم النهايات

الساعة 11:10 ص|20 مايو 2021

فلسطين اليوم | عرفات عبدالله أبوزايد

مع الاعتذار للشاعر الكبير محمود درويش على اقتباس جزء من عنوان المقال من قصيدته الشهيرة "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، عموماً فحوى المقال لا يختلف عن رؤية محمود درويش لهذه الأرض التي جُبلت بدماء الشهداء وتضحيات أهلها الذين لم يألوا جهداً للحظة عن تقديم كل ما يملكوا في سبيل الدفاع عن كرامة هذه الأرض التي بقي الدفاع عنها لأهلها وبضع من الدول والكيانات الحرة في العالم العربي و الإسلامي، وعلى رأسها بكل تأكيد محور المقاومة الذي جعل من قدرات المقاومة الفلسطينية حكاية تُروى للأجيال وللأطفال، فهذا المحور رغم حصاره ومحاربته من دول محور الشر لم يبخل بالدعم المالي واللوجيستي والمعلوماتي بهدف تطوير وتنمية قدرات المقاومة وتعزيزها، وهو الأمر الذي أكد عليه الأمين على المقاومة الأستاذ المجاهد زياد النخالة "أبوطارق" حينما أكد في خطاب العِزة والكرامة في التاسع عشر من آيار / مايو 2021 ليعلن  بأن سلاحنا الذي نواجه به أحدث ما أنتجته الصناعة الأميركية هو مواسير المياه التي حولها مهندسو المقاومة لصواريخ تدك الكيان الصهيوني من جنوبه حتى شماله، لم يكن لتلك المواسير أن تتحول لصواريخ لولا فضل الله عزوجل ومن ثم دعم محور المقاومة لهذه الجهود التي تنحت في الصخر للوصول إلى قدرات دفاعية وهجومية تواجه آلة الحرب الصهيونية.

سرايا القدس "المهضوم حقها" في الإعلام الموجه والمسيس كالمعتاد، سرايا القدس التي يجب أن تُعطى حقها الحقيقي والطبيعي في سياق الصراع الفلسطيني الصهيوني، سرايا القدس التي لا يمكن اختزالها في إطار معركة سيف القدس فحسب، فسرايا القدس في إطار رؤية أمينها العام صاحب الرؤية والبصيرة والمبدأ الثابت على الحق في إعلانه سلفاً عن استراتيجية "المشاغلة" للعدو والتي في حينها تلقفتها جماهير وشباب شعبنا بكل تأييد وترحيب، هذه الاستراتيجية التي مهدت الطريق لمرحلة جديدة في آليات وطبيعة ومضمون الصراع مع العدو الصهيوني، والتي شكلت اللبنة الأولى للبدء في مرحلة الانتصارات الحقيقية للمقاومة أمام الاحتلال.

لم تُغيب حركة الجهاد الإسلامي كافة العوامل الداخلية و الخارجية في مشاغلتها مع العدو الصهيوني، بل كانت الأكثر صدقاً وقرباً لتطلعات الشعب الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية، فكانت سرايا القدس كعادتها ورغم كروت الإرهاب التي وجهت لقادتها في الداخل والخارج، إلا أن هذه القيادة لم تنصاع لهذه التهديدات، وكانت سرايا القدس الأكثر صدقاً والتصاقاً بمواقفها والأكثر تطبيقاً لتصريحاتها من خلال قيامها ببدء جولة "سيف القدس" وذلك عبر تفجيرها مركبة للعدو بداخلها عدد من قادته وذلك عبر استهدافها بصاروخ موجه من نوع كورنيت، بدون مجاملة يجب أن نعترف بأن سرايا القدس استطاعت أن تُجبر كافة قوى المقاومة على الدخول في معركة شرسة مع العدو، وذلك عندما قامت سرايا القدس ما بعد تفجير المركبة الصهيونية بإطلاق صواريخ ثقيلة تجاه "تل أبيب" وهي تفتح الباب على مصراعيه أمام كافة قوى المقاومة وذلك إيذاناً بالدخول بكل قوة في المعركة، لم تمر بضع أيام حتى أعلنت سرايا القدس عن إدخالها للخدمة صاروخ "القاسم" المخصص للحشود العسكرية، وعلى الرغم من أن الإعلام الموجه كان كما يبدو تجاهل فِعل سرايا القدس على الأرض، كانت قيادة حركة الجهاد الإسلامي غير آبهة بمجريات الدعاية الإعلامية بقدر اهتمامها بالقيام بدورها بالدفاع عن القدس وعن أهالي قطاع غزة.

سرايا القدس التي لم تستكين للحظة على الرغم من ضيق الحال والحصار الذي تعيشه مثلها مثل أهالي قطاع غزة، والذي لم يجعلها تتكاسل، بل على العكس حولت المحنة والتهديد إلى فرصة، من خلال توجيه كافة إمكانياتها نحو تطوير قدراتها العسكرية على كافة الصُعد، واستطاعت أن تُظهر بعضاً من بأسها في معركة "سيف القدس"، هذه المعركة التي جاءت رداً على الانتهاكات الصهيونية بحق أهلنا في القدس وحي الشيخ الجراح الذي يسعى الصهاينة لتهجير أهله، سرايا القدس التي بدأت المعركة كعادتها في كافة المعارك التي تحتاج الرجال الصادقين والطاهرين الملتصقين مع شعبهم وأمتهم.

إن مشاهد العز والكرامة التي ينشرها الإعلام الحربي أصبحت حديث الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فذاك صاروخ الكورنيت الذي استهدف الجيب بشكل مباشر، وذاك رامي الهاون الذي يتكئ ويجلس على ركبته ويرمي قذائفه بكل هدوء وطمأنينه، وذاك صاروخ القاسم الذي يحمل 400 كلجم من مادة الـ TNT، وتلك الصواريخ في "المشاطيح" المكتوب عليها صُنع في فلسطين، وذاك الملثم الأسمر الناطق العسكري لسرايا القدس الذي يخرج يهدد بقرار قيادة الحركة وقيادة السرايا، كل تلك المشاهد أصبحت أيقونة لمعركة سيف القدس عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي ضجت بآلاف الصور والفيديوهات لحركة الجهاد الإسلامي، وذلك بمبادرة فردية وغير منظمة من شباب غير محسوبين أصلاً على حركة الجهاد الإسلامي، إنما شباب آمنوا بهذه الحركة وبقيادتها، وآمنوا بأن هذه الحركة لا تعمل وفق حسابات ضيقة.

سرايا القدس التي كانت أم البدايات دوماً في أي موقف يحتاج أن يكون هناك دور للمقاومة، وفي معركة القدس كانت سرايا القدس أم البدايات دوماً للدفاع عن القدس، سابقاً وحديثاً، مهند حلبي مفجر انتفاضة القدس قبل سنوات لم يكن سوى ثائراً على درب الشقاقي وطوالبة، واليوم في خِضم هذه المعركة سرايا القدس كانت رأس الحربة بها، فكانت كلمة الإيمان والوعي والثورة التي كانت مقتضبة ولكنها تحمل الكثير من المعاني والرسائل، كلمة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الأستاذ المجاهد زياد النخالة التي بدأها وهو يخاطب المجاهدين أبناء سرايا القدس والمقاومة بالقول: "أيها المجاهدون في أقدس الساحات، وأكثرها قربًا من السماء، الحاملون سيف القدس اليوم، وتصنعون المعجزة بدمكم وإراداتكم، فهذا هو يومكم، وهذا هو نصركم العزيز".، وتابع بالقول: أنتم الطوفان الواعد والمقدس باتجاه القدس، ومن غزة المقاومة ترسمون ملامح مستقبلنا، وتكسرون هيبة الدولة اللقيطة، وتذلونها