خبر المواطنة « النمس » انتظرت ابنها الأسير ربع قرن .. لكن الموت أدركها قبل أن تراه!

الساعة 06:26 ص|24 مارس 2009

فلسطين اليوم-وكالات

"متى سيعودون يا ابني"، بهذه العبارات كانت الحاجة أم غازي النمس تبادرني بالسؤال تقريباً كل أسبوع، أثناء الاعتصام الأسبوعي لأهالي الأسرى في سجون الاحتلال.

أحياناً كنت ألوذ بالصمت وأحياناً أخرى أردد بعض العبارات المشجعة، وأنا أعرف في داخلي أن لقاءها مع ابنها غازي المحكوم بالسجن المؤبد ربما يطول.

بالأمس كان مقعدها في الاعتصام الأسبوعي لأهالي الأسرى فارغاً واحتلته امرأة أخرى، ليس لأنها لم تحضر إلى الاعتصام على غير عادتها، بل لأنها ذهبت إلى لقاء ربها.

"ماتت أم غازي"... بهذه الكلمات تناقل أهالي الأسرى خبر وفاتها وعيونهم تضج بالحزن الكبير على غيابها، وهي التي كانت تداوم على حضور الاعتصام رغم سنوات عمرها الـ 75.

وفي تفاصيل حكاية موتها، قال الأهالي إنها كانت تحضر احتفالا تكريميا لأهالي الشهداء والأسرى في غزة قبل يومين، حيث فارقت الحياة تاركة رأسها يرتاح قليلاً على كتف زوجة الأسير نافذ حرز.

وقالت زوجة أحد الأسرى وهي تغالب حزنها: منذ خمسة أعوام وأم غازي تحلم بلقاء ابنها غازي الذي يمكث في السجن منذ 24 عاماً.

وتابعت: كانت تسابق الموت من أجل الوصول إليه، لكن الموت أدركها قبل أن تعانقه، بعد أن شعرت أنها سوف تلتقيه.

أهالي الأسرى يشعرون بالحزن لغيابها بعد أن اعتادوا على رؤيتها تشاركهم كل فعاليات التضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال، وشكل غيابها المؤلم صدمة لعدد كبير منهم، رغم أنهم كانوا يتوقعون الموت كل يوم.

ويقول موفق حميد، مسؤول العلاقات العامة والإعلام في جمعية الأسرى والمحررين "حسام" الذي كان يعرفها منذ سنوات إن أم غازي امرأة مناضلة لم تكن تأتي للاعتصام للتضامن مع ابنها فقط، بل للتضامن مع باقي الأسرى.

وأعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس لوفاتها كان فشل صفقة "شاليت" وهي التي كانت تتمنى رؤية ابنها يخرج من السجن قبل أيام.

وقال بصوت حزين: لم تتغيب أم غازي يوماً واحداً عن هذا الاعتصام، فبالرغم من مرضها كانت تحرص على القدوم من حي الصبرة بمدينة غزة.

ويستذكر حميد مواقف كثيرة لأم غازي وهي تهتف وتصرخ وتطالب بإطلاق سراح الأسرى منذ 14 عاماً، هي عمر الاعتصام الأسبوعي.

وأضاف: مع غياب أم غازي نفقد امرأة مناضلة أخرى، بعد أن فقدنا والدة الأسير أيمن الفار، رابع أيام الحرب، لافتا إلى أن أمهات وزوجات الأسرى يصارعن الموت يومياً ويحلمن برؤية أبنائهن خارج السجن.

جميع أهالي الأسرى يعرفون أم غازي عن قرب، وجميعهم يحملون حكايات كثيرة عنها، قد يختلفون في تفاصيل الحكايات، لكنهم لا يختلفون في قسوة غيابها المفجع دون رؤية غازي يخرج من السجن.

بالفعل كان مقعدها بالأمس شاغراً، وسؤال كبير يرتسم في مخيلة أهالي الأسرى: من الذي سيغيب من أهالي الأسرى وأمهاتهم في الاعتصام القادم؟.