خبر الرأسمالية أكثر خنزيرية .. هآرتس

الساعة 11:57 ص|22 مارس 2009

بقلم: نعمة شيفي

هناك معضلة صعبة تطل على ابواب الاقتصاد الاسرائيلي: ما الذي يتوجب فعله بالتناقص المتزايد في عوائد الضرائب واتساع دائرة العاطلين عن العمل. هذا ليس فقط سؤالا رياضيا. هذه ايضا قضية محاسبة للنفس. كل الردود المحتملة صعبة، ولكن قلة منها فقط ستساعد في الحفاظ على القدرة الكامنة النوعية للمجتمع الاسرائيلي وانسانيته واخلاقيته.

محافظ بنك اسرائيل ستانلي فيشر، اختار الرد بطريقة "رب البيت فقد صوابه"، التي نجحت في الولايات المتحدة في الثلاثينيات: الاستثمار الكثيف في البنى التحتية واعادة تحريك سوق التشغيل الآخذ في التقلص. هناك شك في ان يكون ذلك ملائما لاقتصاد القرن الواحد والعشرين بعد مرور 70 عاما عليه. ولكن من الواضح ان التقليص المصطنع لعدد العاطلين عن العمل سيحمي الافراد من التدهور الاخلاقي حتى درجة التحطيم المحتمل لعزيمة وروح المجتمع كله.

ولكن، هناك من يعتقدون ان من الممكن اختيار الطريق الاسهل: في الاسبوع الذي كشفت فيه مجلة "ذي – ماركر" النقاب عن ان وزارة المالية ستطرح للنقاش اقتراحا مثيرا للقشعريرة: المس بمجالات عمل معينة، النقطة الاضعف للمجتمع الاسرائيلي. في دائرة الاستهداف: رواتب المعلمين والمحاضرين والاطباء.

اختيار ثلاثة مهن ضرورية وحيوية للاقتصاد سيتسبب في ثمن متأخر سندفعه عندما يعود الازدهار. عمل المعلمين والمحاضرين والاطباء في القطاع العام يتمخض عن راتب معقول ومنطقي وهذا يكفي. من يختارون التوجه الى هذه الاختصاصات، ولا يقعون في اغراء تجسيد تطلعاتهم في القطاع الخاص، هم مثاليون يرغبون في تربية جيل المستقبل والتخفيف من آلام المرضى وتحسين وضع المجتمع كله من خلال ذلك. التعرض لهم والمس بهم سينضم الى التعرض لمجموعات هامة اخرى قد حسم مصيرها من الان. عشرات الاخصائيين النفسيين في القطاع العام سينضمون الى قائمة العاطلين عن العمل، ومعهم معلمو الفنون ومرشدو المواصلات – الاختصاصات التي يتم تقليصها في هذه الايام لانها ليست ضرورية حسب رأي بعض الاطراف في وزارة التربية والتعليم.

هذه ليست فقط حسابات اقتصادية بسيطة. السؤال هو اين يختار المجتمع الاسرائيلي التقليص. من الواضح ان الركود العميق يستوجب التقليص وقطع اجزاء من اللحم الحي. ولكن هل التعليم في المدارس هو ترف لا داعي له؟ وهل التعليم العالي عبارة عن كماليات؟ والعلاج الطبي اللائق هو فقط لحم ام انه العمود الفقري ذاته؟

المثاليون كائنا من كانوا، اطباء يجدون عملا في القطاع الخاص او خارج اسرائيل، سيهاجرون ويرحلون. المحاضرون وخصوصا اولئك الذين يأتون من المجالات التطبيقية، سيحذون حذوهم. الاساتذة الجيدون سيفضلون عرض خدماتهم على الاجهزة الرمادية او التركيز على الدروس الخاصة، السوداء تماما.

الاضرار بعيدة المدى واضحة. قدر متناقص من التعليم، الامر الذي يعني تقليص التنمية والتطوير ايضا بعد ان يستقر الاقتصاد. وتناقص الصحة يعني نفقات هائلة على مجموعات سكانية فقيرة طوال سنوات .

وهناك ايضا اضرارا على المدى القصير. التلاميذ الذين فقد اهاليهم عملهم ويمرون في ضائقة لن يتمكنوا من الاستفادة من المساعدة النفسية التي سيقل توفرها اصلا. من الذي سيعزيهم ازاء تناقص سعة الصدر والتسامح؟ بالتأكيد ليس معلمو الفنون الذين سيقالون هم ايضا حتى ذلك الحين.

السهولة والاستخفاف اللذين يظهرا من خلال الاستعدادية للتضحية برواتب الاكاديميين الذين يظهرون في صورة الشبعانين نسبيا تطمس مغزى هذه الخطوة. هم ايضا مثل اولئك الذين يعيشون في وضع افضل من وضعهم، سيواصلون منح الخدمات الضرورية للتقدم في الحياة. ولكن من يتواجدون في اسفل السلم الاقتصادي – الاجتماعي لن يتمكنوا من الدفاع عن انفسهم. سيقللون من التعليم ويكثرون من المرض. مع عودة الازدهار سنكتشف ان الراسمالية اكثر خنزيرية وقذارة في فترات الركود.