خبر هل وصل إعمار غزة إلى طريق مسدود مع تعثر المفاوضات بشأن تبادل الأسرى مع إسرائيل؟

الساعة 07:09 م|20 مارس 2009

فلسطين اليوم – غزة

 يشعر الفلسطينيون بالقلق من الصعوبات التي يواجهونها في إعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وقد كانوا يعقدون الآمال على أن تشكل صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة (حماس) بداية لإحراز تقدم على مسارات فتح المعابر أمام البضائع والأفراد وبالتالي بدء الإعمار. وأصيب الفلسطينيون بخيبة أمل كبيرة بعد إعلان إسرائيل و"حماس" فشل المفاوضات غير المباشرة التي رعتها مصر للإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت الذي أسرته "حماس" وفصيلان فلسطينيان في هجوم على الحدود مع رفح جنوب قطاع غزة في حزيران (يونيو) 2006 .

 

وتوقع الفلسطينيون أن يكون تأثير فشل الصفقة أكثر سلبية خصوصاً على الأوضاع في قطاع غزة الذي يعاني من حصار مشدد منذ عامين ونصف عام وبحاجة ماسة الى عملية إعادة إعمار شاملة، لاسيما بعد إعلان إسرائيل زيادة الضغوط على حركة "حماس" وتشديد حصار قطاع غزة ومواصلة إغلاق معابره. وقال مسؤولون فلسطينيون ان مثل هذه الأوضاع قد تعصف بشكل أساسي بجهود إعادة الإعمار.

 

وكانت إسرائيل شنت هجوما مدمرا على قطاع غزة الذي يقطنه مليون ونصف مليون فلسطيني في 27 كانون الاول (ديسمبر) الماضي دام 22 يوما وخلف 1330 شهيدا ونحو خمسة آلاف جريح فلسطيني وسبب دماراً هائلاً قدرت منظمات فلسطينية تكاليف إعادة إعماره بنحو ثلاثة مليارات دولار. وتعهدت دول مانحة في مؤتمر دولي عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية قبل شهر بتقديم نحو أربعة مليارات لإعمار القطاع، غير أن هناك مخاوف فلسطينية من أن تظل هذه التعهدات حبرا على ورق لا ترى النور على أرض الواقع في ظل استمرار الحصار.

 

ويعتبر المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل أن الحكومة الإسرائيلية تعمدت "إفشال" مفاوضات صفقة تبادل الأسرى بغرض غلق الباب أمام فتح معابر قطاع غزة ورفع الحصار عنه أو إنجاح عملية إعادة إعمار القطاع. وأشار عوكل الى أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته ايهود أولمرت حركت ملف صفقة تبادل الأسرى ثم أعلنت فشله "لتوفير الذرائع الكافية لتعطيل قضايا انفتاح الفلسطينيين على العالم وفي مقدمتها توحيد الصف الفلسطيني وإعمار القطاع".

 

وأوضح أن تل أبيب تهدف من وراء ذلك إلى إبقاء قطاع غزة تحت الحصار وكذا وضع حركة "حماس" في موضع المسؤولية عن كل ذلك بدعوى رفضها محتويات الصفقة التي تقدمها حكومة أولمرت وتصر فيها على عدم الاستجابة لمطالب "حماس".

 

وحذر عوكل من أن تكون هذه الخطوات مقدمة لتصعيد عسكري إسرائيلي جديد على قطاع غزة المدمر وتصعيد الإجراءات العقابية ضد سكانه "بما يستفز حكومة اليمين المتطرف المقبلة التي لا تحتاج أصلا إلى استفزاز لكي تتابع السياسة العدوانية ذاتها ضد قطاع غزة وحماس التي تسيطر عليه".

 

وكانت إسرائيل و"حماس" تبادلتا الاتهامات بشأن عرقلة فشل صفقة تبادل الأسرى ومن قبلها فشل مفاوضات للتهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار بما يضمن فتح معابر القطاع المحاصر والذي تحذر منظمات دولية من عواقب استمرار تدهور أوضاعه الاقتصادية وتأخير عمليات الإعمار على المعيشة الإنسانية لسكانه.

 

ويشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، ناجي شراب إلى أن استمرار حصار القطاع وإغلاق معابره ومنع إسرائيل إدخال المواد الأساسية لإعادة الإعمار "يقضي على فرصة حتى لبدء العمليات الأولية لإعمار القطاع".

 

وقال شراب ان إسرائيل تمارس من وراء هذه السياسيات "التصعيدية" مزيدا من الضغوط على "حماس" ووضعها في القطاع لدفعها نحو تليين مواقفها من شروط صفقة التبادل. وأضاف أن المطلوب فلسطينيا في مواجهة السياسيات الإسرائيلية "إنهاء الانقسام الداخلي والعودة للوحدة الوطنية عبر تشكيل حكومة توافق وطني ببرنامج سياسي أكثر استجابة للمتطلبات الدولية من دون تقديم تنازلات".

 

وأكد شراب الحاجة الفلسطينية لفتح ودعم منافذ الاتصال والتواصل مع المجتمع الدولي بغرض تحقيق الضغط الدولي على إسرائيل من أجل رفح حصار غزة وفتح معابره "كونه السبيل الوحيد لإعادة الإعمار".

 

وفي هذا السياق، يقول المستشار السياسي في وزارة الخارجية في الحكومة الفلسطينية بغزة، أحمد يوسف ان قضية إعادة إعمار غزة "هي قضية وطنية فلسطينية بالتزامات دولية واجبة الاستحقاق". ووصف يوسف التوجهات الإسرائيلية نحو تشديد حصار قطاع غزة ورفض فتح معابره بأنها "جريمة حرب" ضد السكان الفلسطينيين وترمي إلى زيادة معاناتهم ومنع إعادة الإعمار.

 

واعتبر أن هذا الواقع "يتطلب تحركا جديا من المجتمع الدولي لممارسة الضغط على تل أبيب بغرض دفعها لفتح معابر القطاع ورفع الحصار بفصل هذه القضية عن صفقة التبادل وكونها استحقاقا إنسانيا لا يحتمل التأخير". وبعد ان اتهم يوسف إسرائيل بمواصلة تحركات منع أي انفتاح فلسطيني على العالم عبر عرقلة صفقة التبادل، قال إن الفلسطينيين ينتظرون التوافق "قريبا" على حكومة توافق وطني متفق على برنامجها وسياساتها لمواجهة السياسيات الإسرائيلية وتلبية استحقاقات الإعمار.