خبر الرصاص والأزمة-هآرتس

الساعة 11:21 ص|19 مارس 2009

بقلم: أسرة التحرير

حملة "رصاص مصهور" انتهت قبل شهرين بتبجح زعماء اسرائيل: لحماس وجهت ضربة ساحقة، ستردعها من اطلاق الصواريخ، واذا استمرت في مساعيها لتهريب السلاح الصاروخي الى غزة، فستتجند الاسرة الدولية باسرها، من واشنطن وحتى القاهرة لاعتراض طريق الوسائل القتالية. الثمن الذي دفعه السكان المدنيون في غزة، بمئات القتلى (اضافة الى مئات المسلحين الذين ينتمون الى حماس والمنظمات المقاتلة ضد اسرائيل)، عرض كنتيجة مؤسفة ولكن اضطرارية لسياسة استخدام النار للدفاع عن جنود الجيش الاسرائيلي.

الآن، مع خيبة الامل المتعاظمة من تبدد الانجازات المعلنة للحملة، جاءت موجة اخرى من الشهادات والافادات من داخل البيت، على لسان جنود كانوا هناك، شاهدوا الاحداث بل واحيانا يتحدثون عن أنفسهم. عاموس هرئيل يأتي اليوم وغدا في "هآرتس" بتقرير باعث على الصدمة عن حديث اجراه في الشهر الماضي خريجو المعهد التمهيدي العسكري في اورانيم، ممن شاركوا في القتال في غزة كمقاتلين وكضباط صغار. هذه رواية راهنة لـ "حوار المقاتلين"، الذي نشر في اعقاب حرب الايام الستة وابرز الترددات لدى الجيل الذي شارك في الهجوم في حرب دفاعية عادلة، ولكنه وجد نفسه ينجر في المعركة وما بعدها ايضا الى اعمال تتعارض مع القيم الاخلاقية التي تباهى بها. جيل الاحفاد للمشاركين في ذاك الحوار يدل يقول في افاداته، الفظة في صدقها، ان الوضع يثير قلقا حتى اكثر مما في العام 1967.

الجنود يشهدون على قتل مدنيين أبرياء، تدمير لمجرد التدمير، طرد عائلات من بيوتها التي استولي عليها وجعلت مواقع عسكرية مؤقتة، انغلاق حس بالنسبة لحياة البشر والميل للسلوك الحيواني. السلوك الفضائحي لم ينبع من سياسة القيادة العليا، ولكنه نبت على خلفية القطيعة بين المستويات التي من قادة الكتائب فما فوق وبين ما يجري في السرايا، في الحظائر وفي البيوت التي استولى عليها الجنود انتظارا لاستمرار القتال، بعد أن انسحبت خلايا حماس واختفت في المنطقة المدينية المكتظة. وعندما لم يكن هناك للجنود من تبقى للقتال ضده، فباتوا يقاتلوا من كان هناك.

لا يكفي التحقيقات الداخلية للجيش الاسرائيلي، والتي تجري بكسل. هذا هو ذات الجيش الذي يتشرب اكثر فأكثر التزمت الديني، من مدرسة الحاخامية العسكرية. جدير بالتحقيق بالظاهرة بادوات خارجية واقتلاعها من جذورها، خشية أن يحطم العفن الجيش الاسرائيلي والمجتمع الاسرائيلي.