خبر العنوان على الجدار.. هآرتس

الساعة 09:37 ص|17 مارس 2009

بقلم: عميرة هاس

جئنا لابادتكم الموت للعرب، كاهانا كان على حق، لا تسامح، نريد الاغتيال، العربي الرجل هو العربي في القبر. هذه مجموعة مختارة تمثيلية من الكتابات التي كتبها جنود اسرائيليون على جدران منازل الفلسطينيين في غزة التي حولوها الى قواعد ومواقع لاطلاق النار خلال عملية "الرصاص المصهور". هنا وهناك كتب جندي سلسلة من العبارات او الاقتباسات التوراتية بهذه الروحية. كتب شتائم موجهة للنبي محمد ولاسماعيل هنية وذكر اسم فريق كرة القدم المفضل وترتيبات المناوبة بين الجنود.

عندما عاد اصحاب المنازل اليها وجدوا دمارا كبيرا في الاغلب – سواء من القذائف الاولى التي اطلقها الجيش الاسرائيلي على المنازل في الاحياء النائية من اجل ابعاد المواطنين من المنطقة او من اقتحام المنازل واعطاب الاثاث والملابس والجدران والحواسيب واجهزة الكهرباء. في احيان كثيرة بقيت منازلهم منتصبة وسط حي مدمر قد تحول الى انقاض. السكان وجدوا ايضا قذارة كبيرة خلفها الجنود من ورائهم. مراكز الابحاث في اسرائيل تقوم بتسجيل كل كتابة تشهيرية مسيئة تكتب في المقابر اليهودية في الخارج وتوثق كل مقالة مثيرة للاشكال حتى تتحقق من اللاسامية هناك. وسائل الاعلام تولي اهمية كل عنوان يكتب ضد رئيس الوزراء المقتول اسحق رابين. ولكن العنصرية اليومية بتعبيراتها المؤسساتية والشعبية ضد عرب اسرائيل وضد الفلسطينيين في الضفة تلقى في العادة تغطية حذرة مقتضبة.

ليس غريبا ان العبارات التي كتبت بالعبرية على الجدران في الاحياء الفلسطينية لم تستوعب من قبل ادوارت الاستشعار الاسرائيلية الحساسة دائما للعنصرية ضد اليهود.

التقارير والدلائل التي تشير الى قتل مدنيين كثيرين من مسافة بعيدة او قصيرة تنفى من قبل المراسلين العسكريين وتنعت بالزيف ومجافاة الحقيقة او يقولون بصورة عامة ان المخربين مسؤولين عن ذلك لانهم اختبأوا في الجوار. المجتمع الاسرائيلي الذي ينظر لعملية "الرصاص المصهور" كأرشيف مغلق جاهز دائما لتقبل كل خدعة وفرية تشير الى ان جيشه محق ويتمتع بالتفوق الاخلاقي.

ولكن ليس من الممكن نفي العبارات المدونة بالعبرية خصوصا انها تترافق مع اسماء الوحدات والكتائب الاسرائيلية. وفعلا قام الناطق الاسرائيلي بالرد على ذلك قائلا انها تتناقض مع قيم الجيش الاسرائيلي وانه ينظر اليها بخطورة.

لم يقم الجنود كلهم بالكتابة ولكن من كتب – من قادة وغيرهم لم يمنع من القيام بذلك ولم يقم احد بمسح ما كتبه. لذلك هذا هو المكان للثناء على مصداقية الجنود واستقامتهم. الجنود شعروا انهم طلقاء في الكتابة فكتبوا ما كتبوه لانهم عرفوا – مثل الطيارين وموجهي الطائرات بلا طيار الحاملة للصواريخ – ان قادتهم قد اطلقوا يدهم في الهجوم على السكان المدنيين. ان كان الامر كذلك فلماذا تكون الكلمات المكتوبة مشكلة؟ ما كتبوه على الجدران يعبر عما فهموه كروح للمهمة التي ارسلوا لتنفيذها.

من كتبوا هذه العبارات من جنود نظاميين ترعرعوا على واقع الاحتلال والتفوق العسكري الاسرائيلي – لم يتعرضوا لكي الوعي بعد في ان العالم لا ينتج السلاح فقط وانما القوانين والنظم والمعايير الانسانية ايضا مثلما حدث مع اسلافهم الكبار.

قادتهم سمحوا لهم بأن يخرقوا هذه المعايير التي لا يعرفون بوجودها بالتأكيد. الشبان خلافا لمن يكتبون الردود في مكتب الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي لا يتمتعون بالمهارة والتجربة في تغطية عمليات الجيش ومهماته بكلمات مبهمة تطمس الحقيقة.