ما بين التنازل والتفريط.. بقلم/ خالد صادق

الساعة 02:07 م|02 مارس 2021

فلسطين اليوم

فرق كبير ان يتم التنازل عن بعض المواقف لأجل انجاح مسارات تخدم الصالح العام, وتؤدي الى ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني, وتوحيد الصفوف لمواجهة اخطار اكبر واعداء مركزيين, فرق كبير ان تتنازل لتعلي مصالح هامة على قاعدة المصالح المرسلة والتي لا يمكن اعتبارها ولا الغاؤها الا وفق مصلحة كبيرة تعود بالنفع على الشعب كله وتؤدي لتفادي خطر اكبر, فما بين التنازل والتفريط خط رفيع لا يمكن تجاوزه, فالتنازل عن الثوابت او حتى تأجيلها عندما تكون النتائج والمحصلة صفرية فانه يصبح تفريطاً في حق من الحقوق الهامة التي لا تنازل عنها, فحوارات القاهرة التي حدثت مؤخرا بين فتح وحماس بحضور الفصائل الفلسطينية وبرعاية القاهرة, قدمت فيها تنازلات كبيرة, على امل ان يتم تجاوز الانقسام والشروع بمصالحة حقيقية, وانفاذ الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني, لكن هذه التنازلات قد تصبح تقريطاً اذا ما قبلنا بان يكون سقف هذه الانتخابات اوسلو, وان لا يعاد ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية, وان لا تجرى الانتخابات للمجلس الوطني, وان لا ينظر الى هذا الحوار على انه يهدف في الاساس لخدمة شعبنا الفلسطيني وحل الكثير من مشاكله التي يعاني منها على مدار سنوات طوال وان التوافق الداخلي الفلسطيني مطلب وطني هام, والجميع مطالب ان يتنازل لمصلحة الشعب ولتخفيف الاعباء عنه وايجاد حلول لأزماته المتلاحقة .

بالأمس أصدر الرئيس محمود عباس، مرسومًا رئاسيًا بتشكيل محكمة قضايا الانتخابات, برئاسة قاضية المحكمة العليا إيمان ناصر الدين, والمحكمة تضم عضوية ثمانية قضاة آخرين من المحافظات الجنوبية والمحافظات الشمالية, وهذه خطوة تأتي في اطار عدة خطوات قد تؤدي الى تفجير الغام في وجه الانتخابات, لان فصائل المقاومة متخوفة من طريقة تشكيل هذه المحكمة بعدما أجرى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سلسلة تعديلات على طبيعة عمل المؤسسة القضائية، وكان من الضروري أن يكون القضاة فيها مستقلين بشكل كامل, لكن رئيس السلطة اعلن بأن المحكمة برئاسة قاضي المحكمة العليا, محكمة النقض إيمان ناصر الدين وهو الامر الذي قد يثير الخلاف لان الرئيس عباس كان قد اقال رئيس مجلس القضاء الأعلى عيسى أبو شرار، واصدر مرسوما بتعيين القاضية إيمان ناصر الدين رئيسا لمجلس القضاء, وهى اول فلسطينية تعين قاضية بقرار من الرئيس محمود عباس, ما يعني ان معيار استقلالية قضاة محكمة الانتخابات ليست حاضرة, ولا يمكن اعتبار السيدة ايمان ناصر الدين مستقلة, وعلى ما يبدو ان رئيس السلطة الفلسطينية يصر على اتخاذ قرارات فردية بعيدا عن رؤية الفصائل ومواقفها من القضائية العالقة التي تأتي دون مقدمات.

كل القضايا العالقة تم تأجيلها الى ما بعد الانتخابات التشريعية, كقضية موظفي 2005م, والموظفين المقطوعة رواتبهم, واستحقاقات اسر الشهداء والاسرى والجرحى, حتى موضوع رفع العقوبات التي تفرضها السلطة على قطاع غزة تم تجاهلها, وهذا تفريط وليس تنازلا, فالشعب الفلسطيني لم يشعر باي خطوات لتخفيف الاعباء عنه بعد حوارات القاهرة, حتى الافراج عن المعتقلين السياسيين واطلاق الحريات لم يتم, واليوم يدور حديث عن تأجيل او الغاء حوار القاهرة في مارس الحالي وهو ما كشف عنه أحمد مجدلاني أمين عام جبهة النضال الشعبي، الذي افصح عن وجود مقترحات واتصالات لتأجيل الحوار الوطني للفصائل الفلسطينية المقرر في القاهرة هذا الشهر؛ لبحث ملف انتخابات المجلس الوطني, وقال مجدلاني في حديث إذاعي لصوت فلسطين إنه قد يكون من الملائم تأجيل حوار مارس إلى ما بعد انتهاء المرحلة الأولى وإجراء الانتخابات التشريعية, وهذا ايضا تفريط في حق اصيل للفصائل الفلسطينية في استكمال حوارات القاهرة, فليس من العدل ان يبقى الشعب الفلسطيني تحت طائلة العقوبات, وتبقى الفصائل الفلسطينية رهينة لرغبات السلطة وتوجهاتها التي تهدف الى استمرار الوضع على ما هو عليه داخل المنظمة, وعدم دمج حماس والجهاد الاسلامي فيها والالتفاف على انتخابات المجلس الوطني, ومنع اعادة تشكيله مجددا وفق رغبات جل الفصائل الفلسطينية.

السلطة وحركة فتح هي المستفيد المباشر من كل هذا التعطيل, لأنها ترسل برسالة واضحة للناخبين ان الامور والتسهيلات كلها معلقة بها, وأي خيارات اخرى في غير صالح الشعب, وهو سيدفع ثمن خياراته, والغريب ان حماس وبعض الفصائل يدركون ذلك جيدا, لكنهم قبلوا طوعا او كرها الانتقال من التنازل الى التفريط.

كلمات دلالية