د. محمد مشتهى
الإيرانيون يمتلكون ترسانة صاروخية تستطيع تدمير "تل أبيب"، وفي المقابل "إسرائيل" تمتلك ترسانة نووية تستطيع تدمير طهران.
وفي حال قَصفت إيران "تل أبيب" فبكل تأكيد لن تقف "إسرائيل" متفرجة عليها، بل سترد وتضربها بالنووي، عندها يصبح التدمير متبادل لكلا الطرفين، وهذا ما يسمى بالردع المتبادل.
الدول بالعادة تبني ترسانتها وأسلحتها العسكرية كي تردع الآخرين من الاعتداء عليها بالدرجة الأساس.
في المقابل هناك تصريحات إعلامية ردعية تُصرّح بها الدول، تلك التصريحات تسير بالتوازي مع بناء ترسانة أسلحة ردعية، ومن أمثلة تلك التصريحات أن تقول ايران: *سنسوي "تل أبيب" بالأرض اذا هاجمتنا "اسرائيل"*، لذلك قد يتبادر الى الأذهان بأنه مادامت إيران قادرة على ذلك فلماذا تمتنع عن ضرب "تل أبيب"؟
إن من يمتلك السلاح الرادع يمتلك التصريح الرادع، أما مَنْ لا يمتلك السلاح الرادع ثم يطلق تصريحات رادعة مؤكدا انه سيصبح محل استهزاء وسخرية وعدم ثقة من الآخرين، ثم إنه لن يردع الطرف الآخر.
إذن القصة في وجود السلاح الرادع الذي في حال استخدامه من دولة ضد أخرى تصبح الحرب متبادلة ثم يكون التدمير متبادل وهذا ما يسمى *بخيار شمشون*، هذا الخيار يمكن استخدامه فقط عندما تشعر دولة بأنها مهددة بالفناء وبالنووي، عندها لن تتردد في ضرب الطرف الآخر ليصبح التدمير متبادل.
إذن هي إشارات وتصريحات ردعية بين الدول مفادها: إذا ضربتني سأضربك.
"إسرائيل" تضرب الايرانيين في سوريا، لماذا لم يردوا في العمق؟
اولاً: هذا الضرب يعتبر طرفي وليس مصيري، وعند القول بأنه طرفي لا يعني التقليل من أهميته أو خطورته، ثانياً: الدول عامة وإيران كدولة لها حساباتها الاقليمية والسياسية والعسكرية، عندما يتم ضربها بالأطراف، هنا يكون الرد مختلف بقدر الضربة، ثم انه يخضع لحسابات دقيقة، هكذا تعمل الماكينة العقلية للدول، فعندما تستهدف "اسرائيل" ايرانيين أو مواقع لإيران في سوريا، عندها من المتوقع أن تلجأ ايران او لا تلجأ (وفق حساباتها) لاستهداف مواقع للاحتلال في الجولان مثلاً، بمعنى ضرب طرفي مقابل ضرب طرفي، لكن في حال ضُربت إيران بالعمق حينها ليس لذلك حسابات سوى الضرب بالمثل لأنه يعتبر ضرب مصيري.
ويمكن اسقاط الأمر كذلك على ما حدث من تبادل ردعي لضرب السفينة "الاسرائيلية" في خليج عمان، وكذلك عندما تم اختطاف ناقلة نفط ايرانية قابله اختطاف لناقلة نفط بريطانية، وبهذا القياس الردعي الواضح يمكن القول بأنه في حال تم إطلاق النار على العمق الايراني فإن العمق الصهيوني مستهدف لا محالة.