المنصات الرقمية في مواجهة التطبيع/ بقلم: انور العامودي

الساعة 11:37 ص|24 فبراير 2021

فلسطين اليوم

بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن توقيع اتفاقيات التطبيع بين بعض الانظمة العربية والكيان المحتل، استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي بجانب المواقع والفضائيات الإخبارية مواجهة المشروع، والذي شكل طعنة في خاصر الشعب الفلسطيني وقضيته، وشرعنة أعمال (إسرائيل)، وقبولها كدولة في المنطقة العربية.

ومنذُ اللحظة الأولى، أخذت المنصات الرقمية نصيبًا كبيرًا في مشروع التطبيع، حيثُ استفاد منه الرافضين والمؤيدين له، فالأول حاول إظهار مخاطر وتداعيات التطبيع بمختلف مضامينه، والثاني سعى لتمرير تلك العلاقات غير المشروعة، وترويض الشعوب العربية نحوه.

وبجهود منظمة وأخرى عشوائية شاركت تطبيقات التواصل بدعم من المتضامنين مع القضية الفلسطينية في العالم المدافعة بقوة عالية في مواجهة مشروع "نتنياهو-ترامب"، الهادف إلى جعل (إسرائيل) جزء لا يتجزأ من منطقة الشرق الأوسط، وجعل العلاقات الاحتلال طبيعية مع الأنظمة العربية.

أشكال المواجهة على مواقع التواصل أخذت أشكالاً عدة، منها: نشر بوستات، وتريندات، وفيديوهات، وتصميمات، انفو جرافك، وفيديو جرافك، وعقد ورشات وندوات إلكترونية" توضح مخاطر التطبيع على القضية الفلسطينية والمنطقة العربية، ما يجعل المنطقة تبعًا للاحتلال في المجالات الاقتصادية والأمنية والسياسية.

وشهدت المواقع الافتراضية إطلاق العديد من الهشتاقات مع تغريدات وصلت لمئات الالاف من المتضامنين مع القضية الكونية والرافضين للتطبيع من جميع دول العالم، منهم صحفيين وكتاب وشعراء وأدباء ومشهورين وفنانين وغيره، والتي اجمعوا من خلالها على مخاطر التطبيع على فلسطين وعن تغلغل الاحتلال في الأمة العربية والإسلامية.  

nOOSM.jpeg

وضمن مشروع تخرج من دبلوم "المقاطعة والتطبيع بين السياسة والقانون" المقدمة من أكاديمية المسيري للدراسات والتدريب"، قمت بالحديث مع المختص الرقمي، سائد حسونة بشأن مواجهة مواقع التواصل الاجتماعي للتطبيع وملاحقته وهي (الضم، وصفقة القرن).

وأكد حسونة ، أن "الاعلام بأدواته الجديدة واجهة التطبيع في مراحله من خلال إظهار اظهار مخاطر التطبيع على الحقوق الفلسطينية وفضح المطبعين أمام الجمهور العربي والإسلامي بوصفهم الخارجين عن قضايا الأمة".

وأوضح المختص الرقمي، حسونة، الاعلام الرقمي "واجهة التطبيع من خلال استخدام استراتيجيات عديدة أهمها الاتصال الفعال مع الجمهور في بث الوعي وتوضيح المفاهيم الأصلية لمجريات التطبيع العربي الإسرائيلي".

في حين، رأى، أن الاحتلال استخدم تلك المواقع الاجتماعية بشكل محترف، وجند مدراء هذا الشركات أو عقد اتفاقات أمنية معهم لتحييد الرواية الفلسطينية، حيثُ بات الفلسطيني يجابه في كل مكان، وتابع بالقول: إن "(الدبلوماسية الرقمية) بكل تأكيد أصبحت ساحة مجابهة واشتباك غير مسلح، بل اشتباك على تثبيت الحقوق والحضارة وهوية الإنسان على هذا الأرض".

وحول ان كان هناك استراتيجية واضحة لدى مستخدمي المنصات الالكترونية في محاربة المحتوي "الإسرائيلي"، أوضح أن الاعلام الجديد الفلسطيني يعتبر حديث العهد والأدوات ويعيش تجربة حياتية فريدة فٌرض عليه التعامل معها والتطوير في ظل نقص الإمكانات وتقنيات الاتصال الحديثة وعليه استخدم آليات محدودة الوصول.

وتابع "لكن طول المدة وعظم المحتوى والمضمون عمل على كسر هذه القاعدة، وعليه استخدم المحتوى العادي حتى تطور إلى الانفو فيديو الحديث، إضافة الى انه استخدم المؤثرين المحليين كاستراتيجية فاعلة في الاعلام الجديد، لكن عاني كثيرا من نقص في المؤثرين العرب والدوليين خصوصا مع موجة التطبيع العالية الأخيرة".

وحول محاربة شبكات التواصل خاصة الفيسبوك، المحتوى الفلسطيني، شدّد حسونة، على أنه "الاحتلال الإسرائيلي سخر كل إمكاناته وطور علاقاته مع هذه الشركات كوسيلة مهمة، للضغط على الشعب الفلسطيني ومحاصرته في كل أماكن تواجده ومحاولة الحد من تأثيره عبر نقل روايته الصادقة".

ووجه المختص الرقمي، حسونة، نصائح عدة لمستخدمي المواقع التواصل في محاربة الرواية "الإسرائيلية"؟.

1 – نشر المحتوى الخاص بهم بأكثر من لغة ما أمكن ذلك، للوصول إلى شرائح جديدة ومستويات أعلى من التفاعل.

2 - تعزيز حضور فن الانفو جرافيك في منشوراتهم كونه له القدرة على تقديم المعلومات بشكل مبسط للمتابعين.

3 – صناعة مقاطع فيديو متخصصة حول المدن والقرى الفلسطينية وتأصيل الحق الفلسطيني.

4 – إنشاء منصات فلسطينية على التواصل الاجتماعي حول الاحداث الفلسطينية المركزية والتعريف بها للعالم من خلال انتاج مواد إعلامية مناسبة.

5 - تعزيز الثقة بوسائل الاعلام الفلسطينية من خلال محاربة الشائعات حول الحق الفلسطيني وفضح جرائم الاحتلال بشكل مركز ودقيق.

وفي المقابل استغل عرابي التطبيع وهم: (الامارات، البحرين، السودان، المغرب)، مواقع التواصل في الترويج لمحاسن مشروعهم بهدف ترويض الشعوب نحو قبول الفكرة، إلا أن جهود تلك الدول فشلت أمام صخرة أصحاب الحق، وبقيت الفكرة مرفوضة جملةً وتفصيلا.

ورغم محاولة المتضامنين مع القضية الفلسطينية مواجهة التطبيع، إلا أنه ظهرت المزيد من الصفحات والحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الأجهزة الذكية التي تخدم مصالح التطبيع في استهداف الجهور العربي، لقبول الفكرة.

وتتمتع تلك الصفحات والحسابات الموجهة، بخصوصيات، أنّها تستقطب بعضا من دارسي اللغة العبرية والمهتمين بها عربيا، بما يضعهم في صميم الحالة التطبيعية ويستعملهم في إذكاء هذه الصفحات والحسابات وإنعاشها مع تقديم الاحتلال من نافذة ثقافية تبدو ودِّية للغاية، وهو ما يؤكد على استغلال (إسرائيل) للمنصات الافتراضية، في ابراز مشاريعها التهويدية.

وفي العلاقات الدبلوماسية "الإسرائيلية" مع الدول العربية، يستغل الكيان المحتلة وسائل التواصل للتواصل مع العرب وتعزيز المواءمة المتنامية مع دول عربية مسلمة سنية، وفق تقرير لموقع الجزيرة نت.

وفي دليل الصحفيين والمؤسسات الإعلامية للتعامل مع التطبيع الإعلامي أوضح أن التطبيع في الاعلام الرقمي الاجتماعي، جاء على النحو التالي:

أولاً: المتابعـة والإعجـاب بالمنصـات العالميـة "الإسـرائيلية" علـى وسـائل التواصـل الاجتماعــي، ومشــاركة مضامينهــا واعتمادهــا كمصــدر للمعلومــات ســواء كانــت هــذه المنصــات تتبــع لمؤسســات أو لأفــراد.

ثانيًا: التفاعــل والتعليــق علــى منشــورات الصفحــات "الإســرائيلية" علــى مواقــع التواصــل الاجتماعــي وخاصــة الناطقيــن الإعلامييــن لدولــة الاحتـلال، لأن أي تفاعل وإن كان سلبًا يعني وصوله لجمهور أكبر.

ثالثًا: التواصــل مــع الإســرائيليين" وقــادة الاحتــلال والناطقيــن الرســميين علــى مواقـع التواصـل الاجتماعـي بهـدف الحصـول علـى روايتهـم وعـرض آرائهـم.

رابعًا: تــداول إنتاجــات إعلاميــة ووصــلات دعائيــة "إســرائيلية" بهــدف نقــل روايــة الاحتــلال إلــى الجمهــور.

خامسًا: المشــاركة فــي المنتديــات الاعلاميــة والمجموعــات الصحفيــة علــى مواقــع التواصــل الاجتماعــي التــي تضــم "إســرائيليين".

سادسًا: نقـل أي مـادة إعلاميـة علـى مواقـع التواصل الاجتماعـي والمواقع الصحفية تتضمـن الروايـة "الإسـرائيلية" كمـا هـي دون التغييـر الـازم فـي المصطلحـات والمضمون.

وفي دراسة علمية بعنوان "التطبيع وتفاعلاته الإعلامية" للباحث حسام شاكر، أكد أن الكيان المحتل بذل جهودًا كبيرًا في إيصال رسائله إلى المحيط العربي مباشرةُ، لاسيما في التشبيك الرقمي وتطبيقات التواصل، يضمن له المعايشة الافتراضية، ويعتبر فرصة لمساعي لترويض فكرة التطبيع.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، أشار الباحث شاكر إلى أن شواهد التطبيع الشبكي، جاءت على النحو التالي:

أولاً: حضور متحدثي الاحتلال بالعربية في المنصات الرقمية.

ثانيًا: تداول مقاطع ومواد ووصلات دعائية من إنتاج جهات رسمية في نظام الاحتلال.

ثالثًا: ظهور صفحات وحسابات عبر مواقع التوصل الاجتماعي وتطبيقات الأجهزة الذكية مكرسة للتطبيع الثقافي.

وعن أهداف الخطاب التطبيعي المباشر، تحاول جميع الأطراف المطبعة مع الاحتلال، بما فيها حكومة الاحتلال إلى إلقاء خطابات مباشرة إلى الجمهور العربي، على نحو السعي لتحقيق جملة الأهداف، وهي:

محاولة كسب المشروعية للتوجه التطبيعي.

تبرير المشروع الجديد وتسويغه والتماس الذرائع له.

التكييف الذهني للوعي الجمعي، عبر تهيئة الأذهان للانزلاقات التطبيعية التدريجية.

تشويه الأطراف المقابلة الرافضة للتطبيع، وكبح مساعي مواجهة المشروع.

تحسين الرصيد المعنوي والأخلاقي الزائف للضالعين بالتطبيع.

منح الانطباع بتنامي القبول بالحالة التطبيعية والالتفاف الداعم حوله، إضافة إلى التثبيط من رض التطبيع.

وفي الختام، فإن منصات التواصل باتت اليوم أداة قوية في تغير الرأي العام، لاسيما بالقضايا السياسية، إذ لا يمكن الاستغناء عنها، باعتبارها ساحة حرب الروايات، وعلى الفلسطينيين والأمة العربية أن يشكلان استراتيجية واضحة تظهر مخاطر المشاريع "الإسرائيلية" على فلسطين والمنطقة العربية، والتنبيه من تمرير مشروع التطبيع، وتداعياته المستقبلية، ومواجهته.

كلمات دلالية