من مُعلم.. إلى بائع كتب على بوابة الجامعات بغزة: حكاية شغف لا محدود

الساعة 11:40 ص|23 فبراير 2021

فلسطين اليوم

أمل خالد الوادية

على رصيف باب الجامعة الإسلامية، يَصُفُ كتبه التي بدأ بشراءها وهو ابن الرابعة عشر عاماً، بشكل أفقي يجذب عيون المارة، لحبه الشديد للقراءة والمطالعة، فبعد تقاعده مُعلماً من وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، قَرَر أن يبيع ما لديه من كتب بمختلف أشكالها؛ لينتفع منها مادياً، وينفع المجتمع فكرياً.

هو المعلم محمد حسن ماضي من مخيم الشاطئ غرب قطاع غزة، عُين مدرسٌ للمواد الاجتماعية في مدارس "الأونروا" منذ عام 2000، وتقاعد هذا العام، كان يتردد إلى المكتبات وهو طفلٌ، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك إلا مكتبة واحدة في قطاع غزة وهي (مكتبة الهلال الأحمر)، لأن الاحتلال الصهيوني كان يمنع قيام مؤسسات ثقافية واجتماعية وغيرها، وكان هدفه الأكبر تفريغ الوطن من القوى العاملة وخاصة الشباب.

هوس القراءة فائدة للآخرين

 يقول المعلم ماضي لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": "أصبحت القراءة لدي احتراف وهواية، فحين أتعب منها أذهب إليها، أهرب من الكتاب للكتاب، هي الداء والدواء، كانت حياتي من 5 إلى 6 ساعات قراءة، هذا ما دفعني لشراء الكتب منذ كنت طفلاً، في حين أن غيري من الأطفال كان ينفق مصروفه على المسليات، فأصبحت أملك من 2000 إلى 4000 كتاباً في كل فنون الثقافة والعلم من أدب، و روايات تاريخية، و ثقافية، وإسلامية، و اقتصادية، فوجدت من المهم أن أوفر هذه الكتب لأبناء وطني بسعر زهيد، بما أن معظمها لا يوجد بالمكتبات العامة."

وأشار ماضي إلى أنه يمشي تحت مبدأ نفع أو استنفع، فبدلاً أن تذهب هذه الكتب سدى وتموت تحت طيات الرطوبة، ينتفع بها طلبة الجامعات، ومنه يستثمر وقت فراغه لأن العمل جهاد وسعادة كما قال الرسول ( صلى الله عليه وسلم):" هناك ذنوب لا يكفرها إلا السعي في طلب الرزق".

صعوبات تقليدية

وأضاف ماضي :"أن العامل النفسي لعب بشكل كبير بداخله، فكان يراوده حديث بينه وبين نفسه أنه كان معلماً وصاحب منصب ومعروف بين الناس، وأهالي الطلاب ،والمدرسين، ومشرفي الوكالة، ويقف الآن يبيع الكتب، استطاع أن يتغلب على هذا الشعور بالمواجهة وكسر الخوف، كما قال : (المثقف أول من يقاوم وآخر من ينكسر)، فحين ذهب إلى حفل التكريم الذي أعدته المدرسة، أخبرهم أنه سيقف على بوابة الجامعة ليبيع كتبه، فعلى الرغم من الاقبال الضئيل جداً من قبل الطلبة، إلا أن ذلك لم يكسر عزيمته وإرادته، لأن هدفه ليس مادياً."

أمنيات قارئ ومعلم

يقول المعلم:"أتمنى كما حدثت انتفاضات عسكرية على الاحتلال، أن نعمل انتفاضة فكرية ونغير القيم الموجودة في واقعنا، كما قال سقراط "ابدأ بنفسك"، لأن العقل هو أهم شيء في جسم الإنسان، وغذاءه القراءة."

وتابع:"أنا أسعى لأبني إنسان مثقف لديه انتماء وطني، وأخلاقي، ويملك رؤية سياسية، وثقافية، إنسان يتحمل مسؤولياته في قضاياه الاجتماعية والاقتصادية ليس فقط انسان يهتم بجماله ومظهره".

 وكما قال الشاعر:

ليس الجمال بأثواب تزيننا     إنما الجمال جمال العلم والأدب

المعلم بائع الكتب (1).jpeg
المعلم بائع الكتب (6).jpeg
المعلم بائع الكتب (5).jpeg
المعلم بائع الكتب (4).jpeg
المعلم بائع الكتب (3).jpeg
المعلم بائع الكتب (2).jpeg
 

 

 

 

 

   

 

 

 

كلمات دلالية