خبر سياسة اوباما.. اسرائيل اليوم

الساعة 09:58 ص|12 مارس 2009

بقلم: البروفيسور ابراهام بن - تسفي

تبدو اجراءات بداية حكومة اوباما في الساحة الدولية للوهلة الاولى رحلة الى الوراء في سرداب الزمن، مباشرة الى بدء الستينيات وفترة ولاية جون كندي في البيت الابيض. وان استعداد اوباما المعلن للاعتماد على جزرة التعويض والاغراء نحو الاصدقاء والاعداء كأداة ضغط لتليين سلوكهم – يثير من خبايا النسيان جهود كندي لتحويل مصر الناصرية الى سبيل اعتدال بواسطة رزمة حوافز اقتصادية سخية ومتنوعة.

لكن تحليلا اعمق للامور يشير الى انه في حين اشتقت هذه الاستراتيجية في عهد كندي من تصور عام مليء بالتفاؤل، امن بقدرة الترياق الاقتصادي على هندسة المجتمعات – تصوغ طموح حكومة اوباما رؤية متشائمة ومعرفة لحدود الممكن.

ان اوباما بخلاف كندي، الذي كان مقتنعا بانه لا حدود لقدرة الانسان على اختراق مجالات جديدة قد جر الى دبلوماسية "العقوبات الايجابية" من موقف ضعف واضطرار. في المرحلة التي يتهاوى فيها الخيار العسكري (ما عدا الساحة الافغانية) ازاء مراكز تهديد (ايران)، ويفترض فيها ان تبذل الادارة جل مواردها لاعادة الانتعاش الاقتصادي، لا مناص بالنسبة اليها من ان تجعل محل سوط التهديدات جزرة الوعود. من هذ الجهة تشير اجراءات اوباما حتى الان الى تطوير "مبدأ كندي". فبدل اقتراح سلة الافضالات على العدو مباشرة (كما حدث في فترة كندي مع مصر)، يقترح الرئيس الامريكي الطعم للقوى المركزية في النظام الدولي لكي تتفضل من جهتها بدل ذلك باستعمال التأثير الملين والضابط على حلفائها او اصدقائها العصاة. مثلا طلب الى ادارة بكين اخيرا ان تمتنع عن اي خطوة قد تزيد الازمة الاقتصادية الامريكية سوءا وان تبذل جهدا كي تقنع كوريا الشمالية بالكف عن شحذ سيوفها الذرية وعن اجراءات تهديدة اخرى في الحلبة. وذلك عوض استعداد واشنطن للتسليم باستمرار نقض حقوق الانسان في الصين. وهكذا اقترح اوباما على رئيس روسيا مدفديف، اخيرا صفقة تقوم على استعداد موسكو لتجنيد نفسها في مهمة اقناع طهران بعدم تجاوز السقف الذري، عوض تجميد الخطة الامريكية لنصب نظام الدفاع المضاد للصواريخ على ارض جمهورية التشيك وبولندا.

في كل ما يتصل بالمسيرة السياسية المتعلقة باسرائيل – لن تطمح واشنطن الى تقديم خريطة الطريق خاصة او مسيرة انابوليس، بل المبادرة السعودية خاصة. بالرغم من ان هذه المبادرة قد طرأت عليها عدة تحولات حتى الان، فلا يجب ان ننسى الركائز الاساسية التي بنيت عليها وهي: الانسحاب التام الى حدود الرابع من حزيران 1967، واقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وتحقيق القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة، والذي يشتمل على مبدأ حق العودة.

يجوز ان نذكر ان اي محاولة لاحياء هذه المبادرة ستوجب على اسرائيل ان تواجه جملة صعبة معقدة من الموضوعات الجوهرية المتصلة بطابع التسوية الدائمة، في حين ان مبدأ التدرج والمراحل الذي تشتمل عليه خريطة الطريق قد اخذ يتلاشى سريعا في الساحة السياسية.

يفترض ان تتضح سياسة اوباما من كل ما يتصل بالشرق الاوسط ودولة اسرائيل اتضاحا اكبر بعد ان تقوم في اسرائيل الحكومة الجديدة.

بالنسبة لحكومة بنيامين نتنياهو المستقبلة (ولا سيما اذا كانت حكومة ضيقة)، لن تكون الصورة وردية كثيرا اذا حاول الرئيس اوباما عوض استعداد نظام الاسد فصل نفسه – ولو جزئيا – عن ايران، كما يطلب الامريكيون، ان يقدم تسوية مع سورية، بهدي من المحاولات الفاشلة التي تمت في فترة كلينتون وبحسب مخططات مشابهة. لهذا يتوقع تحد سياسي ينبغي الاستعداد له مقدما.