خبر حكومة يمينية بقدم يسارية- يديعوت

الساعة 10:32 ص|11 مارس 2009

بقلم: ايتان هابر ..مدير مكتب رابين سابقا

من شبه المؤكد أن الهواتف في مكتب بنيامين نتنياهو ترن في الاونة الاخيرة دون انقطاع. لا وقت فراغ للتنفس بين مكالمة واخرى. الان، عندما يتجسد الائتلاف وتنجد الكراسي، بدأ صيد الوظائف – وكل من يسبق ينال. ولكن اليوم ايضا، عشية عرض الحكومة، ينبغي الافتراض بان نتنياهو ينتظر مكالمتين هاتفيتين. اما هما؟ فلا تأتيان. واحدة من تسيبي لفني، والاخرى من ايهود باراك.

أضع يدي في النار اذا حصل ان هاتف أي منهما نتنياهو اليوم واعرب عن استعداده للانضمام الى حكومته، فان هذا سيجد كل سبيل، كل حيلة لتقزيم قامة افيغدور ليبرمان وربما للتخلص منه تماما مع تنفس الصعداء وقول "الحمد لك إذ نجيتنا".

نتنياهو وليبرمان يعرفان بعضهما لـ 19 سنة على الاقل. فقد كانا قريبين جدا لدرجة انهما باتا يفهمان الواحد الاخر بغمزة عين، بكلمتين. ليبرمان هو خبير في شؤون نتنياهو: يعرف ضعفه، يعرف كم هو قابل للضغط والفزع، يعرف اين يضغط ومتى يخفف الضغط.

نتنياهو يعرف جيدا نزعة السيطرة لدى ليبرمان. في فترة معينة من حياتهما المشتركة سعى حتى الى التخلص منه، اقاله وجلب الى العمل الى جانبه يعقوب اكست، ولكن بعد وقت قصير عاد الى عادته الليبرمانية. يمكن التجرؤ والقول ان ليبرمان يسيطر على نتنياهو. موافقة لفني وباراك على الانضمام الى الحكومة ستكون بالنسبة له إذن كتحرير من القيود، ووداع للسجن.

مقبول القول ان ليبرمان، وبالتأكيد كوزير خارجية، سيعتدل ويلعب حسب القواعد المتبعة في العالم. من يعتقد ذلك لا يعرف طرق العمل في أمم العالم: من اللحظة التي يتبين فيها ان ليبرمان سيكون شخصية مركزية في حكومة نتنياهو، فانه توضع على طاولات كل اصحاب القرارات الهامين تلخيصات عن شخصيته وتقويمات للوضع. من تلك اللحظة تتقرر شخصيته في نظرهم، وحتى لو اسلم واصبح نائب احمد الطيبي، فان هذا لن يجديه نفعا. فهو قد تحدد كمن اقترح قصف سد أسوان وطهران، وبعث الى الجحيم بالرئيس المصري وعربد على عرب اسرائيل. لن تجديه أي محكمة.

مقابل ليبرمان، فان نتنياهو هو رجل العالم الواسع، الذي سافر من أقصى العالم الى أقصاه، التقى مع الزعماء وتعلم على مدى السنين كيف يقدر المكان الحقيقي لدولة اسرائيل في اوساط الامم واهمية وحيوية الشرعية الدولية. انضمام ليبرمان الى حكومته هو في نظر العالم مثابة "خرقة حمراء". اعداء اسرائيل سينتظرون ليبرمان في كل مكان وسيروجون بتصريحاته المتطرفة. وحتى لو اراد ان ينساها، وهو على ما يبدو لا يريد، فان وسائل الاعلام والمتظاهرين سيذكروه باقواله المتحمسة.

في هذا الوضع، فان الاستقبال الرسمي الاول وربما الاخير لليبرمان سيكون في جزر ميكرونيزيا. ومع ذلك يحتمل ان يلتقوه في كل دولة كي يسمعوا باذانهم اراءه. بالنسبة لنتنياهو الذي حظي مؤخرا بشرعية محسنة في بلاده وسيبحث عنها الان في العالم، فان هذه وصفة للمصيبة. حكومته تبدأ حكمها بالقدم اليسرى.

ولكن يبدو أن المشكلة الاساس لنتنياهو ليست في الخارج بل في الداخل، عندنا. في الوضع الراهن، مع عدد المقاعد التي لديه، يحتجز ليبرمان رئيسه السابق في مكان حساس جدا. كل ضغطة من ليبرمان ستنزع صرخة الم من جانب نتنياهو، الذي سيتعين عليه العودة لاطاعته مثلما كان في بداية التسعينيات. من ناحية نتنياهو هذا وضع لا يطاق، لان ليبرمان في نظره هو أيضا شخص غير متوقع. الحياة البرلمانية ستكون جحيما، وليبرمان سيكون صاحب القرارات الحقيقي.

من هذا العناق الخانق يرغب نتنياهو في أن يتحرر، وعن حق، وبسرعة. وعليه يبدو أنه ينظر بشوق الى الهاتفين الرنانين على طاولته: قد تكون هذه تسيبي؟ قد يكون باراك؟ .