اقتصاديون: 2020 العام الأسوأ للاقتصاد الفلسطيني

الساعة 09:41 م|24 ديسمبر 2020

فلسطين اليوم

وصف اقتصاديون الوضع الاقتصادي الفلسطيني خلال عام 2020 بالأشد سوءاً على مدار السنوات الماضية، جراء جملة من العوامل ابرزها تداعيات تفشي فيروس كورونا وازمة المقاصة اللتان تركتا تداعيات كارثية ألقت بظلالها على مجمل الأنشطة الاقتصادية.

واعتبر الخبير الاقتصادي د نصر عبد الكريم، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الاميركية في جنين ان الوضع الاقتصادي في عام 2020 كان الأسوأ على مستوى دول العالم ككل، أما بالنسبة لفلسطين فبدأ تدهور الوضع الاقتصادي منذ بداية مشكلة احتجاز الاحتلال لأموال المقاصة ومن ثم تداعيات تفشي فيروس كورونا، الأمر الذي ادى لتراجع الناتج المحلي بنسبة تتراوح من 12% الى 15% وبالتالي تراجع نصيب الفرد بنسبة وصلت لنحو 15% .

قال عبد الكريم " كان عام 2020 الأشد سوءاً خاصة بالنسبة للفئات المهمشة سيما في قطاع غزة الذي عانى من الحصار وكذلك من أزمتي المقاصة وفيروس كورونا وتضرر عمال المياومة والمشاريع الصغيرة، وازداد خلال هذا العام عدد الأسر التي تتلقى مساعدات كشريحة دفعت الثمن غالباً جراء العوامل المذكورة".

ونوه عبد الكريم إلى أن الحكومة لم تستطع التدخل لضخ سيولة في الاقتصاد ومساعدة المتضررين في ظل ما تعانيه من أزمة مالية خانقة، وبقي دورها تنظيميا في حين أن دولاً أخرى قدمت مساعدات للشركات والعمال.

توقعات اقتصاد فلسطين للعام المقبل

وحول توقعاته للعام المقبل بين عبد الكريم أن تحسن الوضع الاقتصادي في العام المقبل يظل رهن ما سيطرأ من تغيرات على المشهد السياسي من ناحية والتطور الايجابي على صعيد مكافحة فيروس كورونا، وبالتالي حال افتراض انتهاء ازمة كورونا او تخفيف آثارها خلال الربع الأول وحدوث تطور في العلاقة مع الكيان الاسرائيلي من حيث دفع العملية السياسة في ظل الإدارة الاميركية الجديدة، اضافة الى المشهد المتعلق بالوضع الداخلي على صعيد حدوث تطور في قضية المصالحة فسيكون الوضع الاقتصادي افضل حالاً من عام 2020.

وتوقع أن يكون الوضع الاقتصادي خلال العام المقبل افضل في ظل انتهاء أزمة المقاصة وحال حدوث تغير إيحابي على صعيد انتهاء أزمة كورونا، ولكن في حال مواجهة سيناريو مختلف كتبنّي الرئيس الأميركي القادم جو بايدن لصفقة القرن ووصول حكومة إسرائيلية يمينية أكثر تطرفاً إلى سدة الحكم في شهر آذار المقبل، فمن الممكن أن تفتعل إسرائيل أزمة ليعود المشهد الاقتصادي إلى الانكفاء مجدداً.

ولفت عبد الكريم إلى ان خسائر الاقتصاد الفلسطيني خلال عام 2020 تقدر بنحو ملياري دولار، وهو ما يعادل نسبة الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي التي تراوحت من 12% الى 15% بحسب مركز الإحصاء.

خسائر القطاع الصناعي

من جهته، أشار نائب رئيس الاتحاد العام للصناعات علي الحايك إلى أن عدد العمال في القطاعات الصناعية في محافظات غزة بلغ قبل أزمة "كورونا" نحو 21 ألف عامل، ليتراجع هذا العدد في شهر آب الماضي عقب تفشي الوباء داخل المجتمع لنحو 1700 عامل وليعود تدريجياً عقب التعايش مع الوباء لنحو 10 آلاف عامل .

وأكد الحايك أن العمل في كافة القطاعات الصناعية انخفض وتراجع الى معدلات غير مسبوقة خلال أزمة كورونا، وذلك باستثناء قطاعات الصناعات الغذائية والكيميائية والملابس، مؤكداً ان الطاقة الإنتاجية لمجمل القطاع الصناعي لا تتجاوز 10% مقارنة مع ما كانت عليه قبل تفشي وباء كورونا، وبالتالي قدرت خسائر الصناعات بملايين الدولارات.

ولفت الى ان أهم التدخلات التي اتخذها الاتحاد في عام 2020 على صعيد مساعدة البعض من عمال المصانع المتضررين، تمثلت بتنفيذ برامج ومشاريع تشغيل مؤقتة لمساعدة عدد محدود من العمال وتوزيع مساعدات عاجلة بقيمة 100 دولار لعدد آخر من متضرري "كورونا" شملت 2000 عامل، بالإضافة الى حصول 700 شخص على تشغيل مؤقت لمدة شهرين بواقع 300 دولار وذلك بتمويل سويدي عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "UNDP " وحالياً هناك جهود مع مؤسسة الإغاثة الإسلامية لتوزيع قسائم مساعدات عاجلة.

ونوه الى ان المصانع المغلقة بلغت 500 مصنع من أصل 2200 مصنع وورشة لكافة القطاعات، متوقعاً ان يشهد العام المقبل تدخلات من قبل جهات مانحة مختلفة، داعياً لتعويض العمال وأرباب العمل عن خسائرهم في ظل حالة الشلل شبه التام الذي يعانيه اقتصاد قطاع غزة، وتعطل المرافق الصناعية والتجارية والخدمية.

وكان الحايك قدر الخسائر المباشرة وغير المباشرة للاقتصاد الفلسطيني في القطاع نتيجة تفشي فيروس كورونا، وبدء إجراءات الإغلاق في آب الماضي، بأكثر من مليار دولار شملت خسائر قطاعات الصناعة والتجارة والسياحة والنقل والمواصلات، والتعليم والصحة، والتشغيل والعمل.

تراجع في تمويل مشاريع العمل الأهلي

من جهته، أشار مدير شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة امجد الشوا الى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية انعكست سلباً على واقع عمل المنظمات الأهلية في القطاع في ظل ازدياد الاحتياجات وتراجع نسب التمويل الإنساني وتوجيه معظم التمويل للاحتياجات الصحية المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا.

وأوضح الشوا أن كلفة تنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2020 بلغت 420 مليون دولار بما في ذلك ما خصص منها لمواجهة فيروس كورنا "72 مليون دولار" بينما نسبة الاستجابة والتمويل الفعلي التي حظيت به الخطة بلغ فعلياً 230 مليون دولار ما شكل نسبة نحو 55% لافتاً في هذا السياق الى أن خطة العام الماضي بلغت 350 مليون دولار وتم الاستجابة لهذه الخطة بنسبة 73%.

وبين الشوا أن المنظمات الأهلية عملت منذ مطلع العام الجاري على تحويل جزء كبير من برامجها ومشاريعها للاستجابة للاحتياجات الناجمة عن الجائحة، وبخاصة توفير المعقمات ودعم الأسر المحجورة وتنفيذ عدد من حملات التوعية، إضافة إلى دعم المزارعين والصيادين وغيرهم من فئات المجتمع المختلفة.

وأكد الشوا أن العديد من المنظمات الأهلية باتت تعاني عجزاً تمويلياً كبيراً جراء تقليص أكثر من جهة مانحة لموازنتها، إضافة إلى حملة تحريض إسرائيلية غير مسبوقة بحق منظمات المجتمع المدني الفلسطيني في وقت تزداد فيه الاحتياجات الانسانية والصحية في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة وانعدام الامن الغذائي بشكل غير مسبوق .

 

تراجع النشاط التجاري

بدوره بين مدير العلاقات العامة والاعلام لدى غرفة تجارة غزة د. ماهر الطباع أن القطاع التجاري عانى على مدار 14 عاماً من الحصار من سياسة وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي المفروضة على المعابر التجارية وأهمها منع إدخال العديد من السلع والبضائع بحجة الاستخدام المزدوج ومنع تسويق منتجات قطاع غزة في أسواق الضفة الغربية، ما أدى إلى تراجع حاد في نشاط القطاع التجاري وكافة الأنشطة الاقتصادية، ليضاف عليها تأثيرات جائحة كورونا وتداعياتها.

ونوه الى أن الاقتصاد الفلسطيني سجل تراجعاً حاداً وصل إلى 12% خلال عام 2020، لتشهد معظم الأنشطة الاقتصادية تراجعاً في القيمة المضافة، وانخفاضاً في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاعاً في عدد المتعطلين عن العمل لتدخل فئات جديدة إلى دائرة الفقر، ويتراجع بذلك مستوى الطلب العام لمؤشري الاستهلاك والاستثمار الكلي.

وبين أن عام 2020 شهد ارتفاعاً غير مسبوق في معدلات البطالة وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني فإن معدل البطالة في قطاع غزة قد بلغ 49% في الربع الثالث من عام 2020 وتجاوز عدد المتعطلين عن العمل، ما يزيد على 208 آلاف شخص، وبحسب البنك الدولي فإن معدلات البطالة في قطاع غزة تعتبر الأعلى عالميا خاصة نسبة البطالة بين فئة الشباب والخريجين في الفئة العمرية من 20-29 سنة الحاصلين على مؤهل دبلوم متوسط أو بكالوريوس في قطاع غزة لتتجاوز 72%.

وقال الطباع "ساهمت الأوضاع الاقتصادية الكارثية في قطاع غزة، والمتمثلة في انعدام توفّر السيولة النقدية بين المواطنين، إلى جانب انعدام القدرة الشرائية للمواطنين في ارتفاع حاد في حجم الشيكات المرتجعة، حيث اصبحت ظاهرة في قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة، وألقت بآثارها السلبية على حركة دوران رأس المال، وأحدثت إرباكاً كبيراً في كافة الأنشطة الاقتصادية كدليل واضح على حالة الانهيار الاقتصادي التي وصل لها قطاع غزة، حيث بلغ عدد الشيكات المرتجعة حوالي 15849 شيكاً بإجمالي 57 مليون دولار خلال الربع الأول والثاني والثالث".

وتوقع الطباع أن تستمر حالة التراجع خلال عام 2021 في ظل المؤشرات المذكورة وغياب أي حلول سياسية تلوح في الأفق على صعيد المصالحة أو على صعيد تحسن العلاقة مع إسرائيل، كما أن استمرار جائحة كورونا وإجراءاتها ستنعكس سلباً على الواقع الاقتصادي.

يذكر أن سلطة النقد الفلسطينية ومركز الاحصاء الفلسطيني أوضحا في بيان مشترك صدر حديثاً عنهما حول أداء الاقتصاد الفلسطيني للعام 2020، والتنبؤات الاقتصادية لعام 2021 أن الاقتصاد الفلسطيني سجل تراجعاً حاداً يصل إلى 12% خلال عام 2020 مقارنة مع عام 2019، وعلى مستوى الإنفاق تراجع الاستهلاك الكلي في فلسطين خلال نفس العام بنسبة 6% كما تراجع الاستثمار الكلي بنسبة 36% واستمر العجز في الميزان التجاري وتراجع حجم التبادل التجاري مع العالم الخارجي، وانخفضت الواردات والصادرات من وإلى فلسطين خلال العام 2020، حيث بلغ حجم التبادل التجاري 10 مليارات دولار بنسبة تراجع وصلت إلى 10% مقارنة مع عام 2019، وذلك نتيجة لانخفاض الصادرات بنسبة 7% لتصل إلى 2.5 مليار دولار، وانخفاض الواردات بما نسبته 11% لتصل إلى 7.4 مليار دولار خلال عام 2020، ليشهد الميزان التجاري تراجعاً في العجز وصل لنحو 5 مليارات دولار.

كلمات دلالية