خوفاً من فقدان الهوية المقدسية يضطر العديد من المواطنين الفلسطينيين للسكن في منطقة كفر عقب الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة إلى جانب الضفة الغربية، خارج جدار الفصل العنصري.
أسباب عديدة تدفع المواطنين للسكن في هذه البلدة التي تشكل حلاً وحيدا للكثير من المشاكل التي تواجه الفلسطينيين المقدسيين، مما يدفعهم لمواجهة مشاكل من نوع آخر نتيجة اختيارهم الاضطراري لهذه المنطقة.
انفجار سكاني
تقع بلدة كفر عقب في منطقة (ج) حسب اتفاقية أوسلو، مما يعني تبعيتها إدارياً للاحتلال بشكل كامل، إلا أن وجودها خارج جدار الفصل العنصري أدى لتهميشها من كل الجهات، بالإضافة إلى أن غياب المرجعية الإدارية والسياسية الواضحة، أدى إلى ارتفاع نسبة الجريمة والمشاكل فيها.
لم تقتصر معاناة البلدة هنا، فالاكتظاظ السكاني فيها أدى إلى تفاقم هذه المعاناة، حيث يعيش أكثر من 50 ألف نسمة على مساحة 3000 دونم فقط، وسط أزمة في الكهرباء، ومشاكل في شبكة الصرف الصحي.
يعيش سكان المنطقة وضعاً مأساوياً، حيث حوّلت أكوام النفايات المنتشرة على أطراف الطرق، البلدة إلى مكرهة صحية، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية، وانتشار المخدرات.
يذكر أن البلدة تضم مبنى بلدية تابع للاحتلال وآخر تابع للسلطة الفلسطينية كلاهما بصلاحيات محدودة يتطلب موافقة الاحتلال على تنفيذ المشاريع بصعوبة كالمعتاد.
تهجير قسري
السياسة التي يمارسها الاحتلال في تفريغ مدينة القدس، إضافة إلى الإجراءات الصعبة والمستحيلة أحياناً للبناء داخل المدينة أدت إلى تهجير مئات آلاف العائلات بشكل قسري إلى بلدة كفر عقب.
ورغم ظروفها الصعبة مقابل تكاليف أقل وبقاء بعض امتيازات السكان بمدينة القدس مثل الهوية والتأمين الصحي، اضطر البعض للعيش فيها، وشكل ذلك حلاً للعديد من الأزواج الذين يحملون هويات مختلفة.
ويشار إلى أن كفر عقب، شكلت حلاً وسطاً للشابات المقدسيات اللواتي يرغبن في الزواج من أزواج يحملون هويات ضفة والعكس، حيث يُمنع حامل هوية الضفة من دخول القدس، وتسحب الهوية المقدسية من حاملها في حال السكن خارجها.
في حين يعيش سكانها مخاوف من سحب هوياتهم المقدسية التي تتيح لهم الإقامة في القدس في أية لحظة.
ومن الجدير ذكره أن الاحتلال كان يمنع البناء في المنطقة التي تخضع لسيطرته قبل العام 2000، إلا بترخيص من بلدية القدس.
وكانت رخصة البناء محصورة بتشييد منزل لا يتجاوز الطابقين، وتكلّف حوالي 200.000 شيكل، لكن بشكل مفاجئ وضمن مخطط تهجير السكان الفلسطينيين، سمح الاحتلال للمقدسيين بالبناء فيها وبطوابق تتجاوز المسموح به لاستيعاب الأعداد الهائلة من المقدسيين المهاجرين إليها.
وبهذا المخطط تخلص الاحتلال من عدد هائل من المقدسيين بصورة "مشروعة"، ليعيشوا في مساحة قد يستغني الاحتلال عنها في أي وقت، ويتركها قنبلة سكانية موقوتة.