"أبغض الحلال في غزة": تعددت أسبابه والمأساة واحدة

الساعة 09:05 م|20 ديسمبر 2020

فلسطين اليوم

يعيش المجتمع الفلسطيني عامة، وقطاع غزة على وجه الخصوص، تفاصيل كارثية ومخيفة لظاهرة الطلاق، التي باتت تتزايد وتهدد رباط الأسرة العربية، وتُقرّبه من حافة التفكك والضياع.

والمتابع للشأن الفلسطيني وأوضاعه الاجتماعية لحظ ازدياداً في أعداد نسب الطلاق والتوجه للمحاكم لحل الخلافات الزوجية بالفراق، لأسباب عدة يكون في نهايتها الأطفال هم الضحية، ليكون فعلاً "أبغض الحلال عند الله الطلاق".

وبحسب تقارير صادرة عن مراكز إحصاء فلسطينية، ارتفع الطلاق بشكل كبير، حيث يرجع ذلك لعدة عوامل، كان أهمها، الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني.

                                         معدلات الطلاق

مختصون يؤكدون أن معدلات الطلاق داخل قطاع غزة، في عام 2020، وصلت أرقام تاريخية غير مسبوقة، تخطت كل الأرقام التي سُجّلت على مدى السنوات الماضية، وكان جميعها متقارباً بعض الشيء من معدلات الزواج.

فمن جهته، يقول المحامي الشرعي، نصر خضر، "إن نسبة الطلاق زادت في عام 2020، ما يقارب بنسبة 17% عن السنوات الماضية، ولكن لا تفوق نسبة الزواج."

وأشار خضر إلى أن الأسباب التي تقف وراء ارتفاع معدلات الطلاق، " سوء الأحوال الاقتصادية، وهو سبب يأتي في مقدمة أسباب هذه القضية، التي لا تترك آثاراً سلبية على الزوجين فقط، بل يمتد ليصيب المجتمع، ومؤسساته، وأفراده، وكذلك الأسباب الاجتماعية، ( كالخلع وتعدد الزوجات)، وكذللك التفاوت الفكري والثقافي، والزواج المبكر ."

وتابع حديثه لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، بأنه لا يمكن التكهن بالمستوى التي يمكن أن تصل إليه نسب الطلاق في قطاع غزة مستقبلاً، وإن لم تُبادر الحكومات والمؤسسات بطرح حلول، لمواجهة هذه الظاهرة التي تهدد المجتمع.

                                       معاناة مطلقة

تشير الثلاثينية المطلقة (ز.أ)، وهي أم لأربعة أطفال، إلى أنها انفصلت عن زوجها بعد خمسة عشر سنة من الزواج.

وأوضحت في حديثها لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، " إن اتخاذ قرار كهذا أمر صعب جداً؛ لأنه قرار مرتبط بمصير حياة ومستقبل خاصة لأطفالي."

وتتابع حديثها قائلةً: "إن أولادي هم الخاسرون من طلاقي"، مؤكدةً أن نشأة الأولاد في بيئة متنقلة بين الأم والأب يؤثر على نفسيتهم، وعدم قدرتهم على تحمل الأعباء بشكل أفضل.

وبيّنت أنه بسبب عدم عدالة القوانين، وعدم رغبتها في اللجوء للمحاكم للحصول على حقوقها بعد الطلاق، تنازلت عن جميع مستحقاتها.

في نفس السياق تقول: (ه.س 22 عاماً)، " ما زلت أقف على أبواب المحاكم، وأنتظر عدالة القانون، حتى أنفصل تماماً عن زوجي الذي لم أستمر معه سوى ثلاثة أشهر تقريباً من يوم زواجي."

وتضيف في حديثها: " كان اتخاذ القرار صعباً، لكن معاملة الزوج السيئة، وأم ووالد الزوج بشكل خاص، اللذان كانا يتدخلان في كل أموري، عدا عن ذلك الوضع المادي الصعب لديهم، كل ذلك أسباب دفعتني لاتخاذ هذا القرار."

وكما ألمحت إلى أنها ستواجه معوقات اجتماعية، منها تغير نظرة المحيطين بها، لكنها أكدت أنها لن تتأثر بذلك، طالما أنها ستتمتع بحياة أفضل وأكثر استقراراً.

                                          أثر الطلاق

ويُعتبر الطلاق أحد القرارات الصعبة التي يمر بها الزوجان، وقد يمس باقي أفراد الأسرة بما فيهم الأولاد.

وفي ومقابلة مع (د.ع 18 عاماً ) تقول : " انفصل أبي وأمي عن بعضهما منذ سنتين، لأسباب خاصة بهم، ولم يتنازل أحدهما عن بعض حقوقه لأجلنا"

وتضيف(د) "إن انفصال والديّ لم يكن بالأمر السهل علينا، إذ أثّر سلباً علينا أنا وأخوتي الاثنين، حيث أصبح معي مرض نفسي نتيجة هذا الأمر، ونحن الآن نعيش متنقلين بين أمنا وأبينا."

حسن اختيار الشريك

وبدوره يقول الداعية الإسلامي د. أسامة الأيوبي: " يعد الطلاق أمراً شاذاً خاصة للزواج المبكر والمؤقت، الذين شاعا في هذا الزمان."

ولتجنب هذه الظاهرة يشير الأيوبي، إلى أنه لابد أن يحسن كل من الطرفين اختيار شريك حياته، وأن يتقصى كل المعلومات الممكنة عنه.

ويتابع حديثه لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، " أن الرسول صلى الله عليه وسلم، حثنا بقوة على هذا الأمر عندما قال: "انتقوا لنطفكم"، وقال: " تخيروا لنطفكم" فعلى كلا الزوجين أن يتخيّرا الأفضل بالتقصير عن كل ما يمكن التقصي عنه، من أخلاق، نسب، وسلوك وغيره."

ونبّه إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " أبغض الحلال عند الله الطلاق"، فيجب ان يتريّث كل من الزوجين قبل اتخاذ مثل هذا الأمر.

وبيّن، أن الله أرشد الرجال لتقويم نسائهن بالوعظ، وهو لين الكلام، وتذكيرها بالله وحقه الذي طلبه الله منها.

ومع ذلك يبقى الوضع الاقتصادي الصعب داخل فلسطين، هو السبب الأكثر بروزاً لارتفاع حالات الطلاق، الذي بات ينهش الجسد الفلسطيني.

كلمات دلالية