انشقاق ساعار عن حزب الليكود وتضييق الخناق على نتنياهو... بقلم / أ.هاني عواد

الساعة 02:32 م|17 ديسمبر 2020

فلسطين اليوم

شكلت الخارطة الحزبية على الساحة السياسية الاسرائيلية في العقد الاخير حالة غير مسبوقة من الانقسامات والانشقاقات داخل الاحزاب السياسية العاملة على المسرح السياسي الإسرائيلي والتي افضت الى حالة جدلية واسعة داخل المجتمع الإسرائيلي بفعل المتغيرات الجديدة التي طرأت على استراتيجية اسرائيل على الصعيدين الإقليمي والدولي والتي اصبح نتنياهو اللاعب الوحيد فيها بامتلاك سيناريو تسجيل الاهداف داخل خط ال 18 و التي تخاطب عواطف المواطن الإسرائيلي بين حلم اسرائيل الكبرى وحقيقة اسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي على مستوى سياساته الخارجية من ناحية, وجامعا خلفه معسكر اليمين بكل تعدداته الايدلوجية المتطرفة من ناحية اخرى.

ونظرا للتطورات التي تشهدها المنطقة والحالة الجدلية داخل الرواق اليميني والشعبي فضلا عن الرواق اليساري على شخصية نتنياهو الدكتاتورية والكولونيالية السياسية في احتكار مؤسسات الدولة , يسعى لاعبون جدد على الاطاحة بنتنياهو واصلاح النظام الديمقراطي الذى اصيب بعطبٍ كبير , وتعديل مسار الحياة السياسية من جديد.

وشكل حزب الليكود الذى يقوده نتنياهو حاليا مركز قوة في العمل السياسي منذ انطلاقته منتصف السبعينات من القرن الماضي الذى مثل التيار المحافظ الصهيوني داخل الحياة السياسية الاسرائيلية والذى ينطوي داخله التيارين المحافظ الديني والمحافظ الليبرالي داخل معسكر اليمين الاكثر تنفذا في صناعة القرار.

ويسجل انشقاق جدعون ساعار عن حزب الليكود وتشكيله لحزبا ليبراليا جديدا في هذه المرحلة نقلة نوعية ثانية في قيادة مرحلة جديدة نحو مستقبل الحلول للقضية الفلسطينية, تعود بنا الى الوراء عندما انشق اريئيل شارون عام 2004 عن حزب الليكود وشكل حزب كاديما الليبرالي وقاد دفة الحكم ونفذ قرار الانسحاب من غزة عام 2005 بعيدا عن تأثيرات الاحزاب الدينية المتطرفة ومفضيا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الى مرحلة جديدة اكثر تعقيدا.

ويحاول جدعون ساعار المنشق بحزبه الجديد " الامل الجديد " تشكيل معسكر يميني ليبرالي رافضا لسياسات نتنياهو واعادة الامجاد الى بنى بيجن مؤسس حزب الليكود والبطل القومي في نظر كل مواطن إسرائيلي, وخلق ايدلوجية مشتركة مع الاحزاب الليبرالية الاخرى ذات الثقل البرلماني لحزبي اليمين الجديد الذى يقوده نتفالى بنت , و اسرائيل بيتنا الذى يقوده افيجدور ليبرمان وحزب هناك مستقبل ليائير لابيد, ومعززا هذا التشكيل السياسي بشخصيات عسكرية سجلت حضورا على الساحة العسكرية داخل المجتمع الإسرائيلي على شاكلة جادى ايزنكوت رئيس هيئة الاركان سابقا ورئيس حزبا جديدا داخل الخارطة الحزبية الجديدة.

وسجل الاستطلاع الذى اجراه معهد كانتر الإسرائيلي لاستطلاعات الرأي حصول حزب ساعار الجديد على 22 مقعدا في اول استطلاع للرأي له على حساب التراجع في عدد المقاعد لحزب الليكود وحزب اليمين الجديد والاحزاب اليسارية الاخرى في خطوة سجلت ارباكا كبيرا على مستقبل حزب الليكود ومستقبل نتنياهو السياسي , ويأتي ذلك في ظل الحالة السياسية المتعثرة والتوجه العام داخل اسرائيل الى انتخابات جديدة في جولتها الرابعة خلال العامين الاخيرين, الامر الذى يطرق الخزان من جديد امام نتنياهو في البحث عن مخارج للازمة والتي تتلخص على النحو التالي :

- التنازلات السياسية لحزب ازرق ابيض شريك الائتلاف الرئيس في حكومة نتنياهو الحالية والذهاب تجاه حكومة التناوب , واقرار الموازنة المالية لعام 2020 التي سجلت منذ مطلع العام الحالي تهديدا كبيرا على استقرار الحكومة الحالية وذلك للمحافظة على استقرار الحكومة الحالية حتى انتهاء ولايتها وكسب المزيد من الوقت لتحسين الموقف السياسي والقضائي .

- السباق في الحصول على لقاح فيروس كورونا وتقديمه الى المجتمع الإسرائيلي جزءا من توظيف الحالة وتغذية الحاضنة الشعبية في أي انتخابات قادمة .

- الهروب الى الوراء والدمج بين الشخصية السياسية والعسكرية في تكثيف التدخلات العسكرية على الجبهة الشمالية ( السورية , اللبنانية , الايرانية ) في اطار المعارك بين الحروب , والاقدام على عمل عسكري تجاه غزة يبلور شكل المرحلة السياسية الجديدة على الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة , ويفرض حلولا بإنهاء قضية الاسرى والمفقودين لدى حماس التي سجلت قضية رأيا عاما داخل المجتمع الإسرائيلي, والوصول الى اتفاق تهدئة متوسط المدى يضمن الهدوء على جبهة غزة لعدة سنوات , يسجل كانجازا يلامس عواطف المواطن داخل المجتمع الإسرائيلي ورافعة انتخابية لنتيناهو.

 

كلمات دلالية