خبر دولة فلسطينية.. جدال وهمي .. يديعوت

الساعة 12:35 م|09 مارس 2009

بقلم: دوف فايسغلاس

دولتان، اسرائيل وفلسطين، يفترض ان تكون المنتج النهائي لخطة خريطة الطريق، التي اقرتها حكومة اسرائيل والمجلس التشريعي الفلسطيني واتخذت كقرار متفق عليه من الجمعية العمومية للامم المتحدة.

حسب الخطة، في المرحلة الاولى سيعمل الفلسطينيون على احلال الامن والنظام في السلطة والقضاء (تصفية الارهاب وبناه التحتية واقامة جهاز حكم مناسب)، وفي المرحلة الثانية تقام دولة فلسطينية في الحدود الراهنة للسلطة الفلسطينية. وفقط عندما تستكمل بنجاح المرحلتان الاوليتان تبدأ المفاوضات السياسية الرامية الى حسم المواضيع الوجودية – الاراضي والحدود، مشكلة اللاجئين ومدينة القدس – بهدف التوصل الى التسوية الدائمة.

يوجد منطق عملي كبير في تحديد المراحل وشروط التقدم المقررة في خريطة الطريق. واضعوا الخطة فهموا بان الشعبين بحاجة الى فترة زمنية طويلة من العيش دون عنف وارهاب، تخفيض السيطرة العسكرية الاسرائيلية واعادة بناء العلاقات التجارية والاقتصادية بين المجموعتين السكنيتين، قبل ان يطرأ على الاجواء السياسية والعامة التغيير اللازم لتحقيق التسويات الدائمة.

وبالفعل، حتى قيام حكومة اولمرت حرصت اسرائيل على ان يتركز الحوار، الاسرائيلي والعالمي، مع السلطة الفلسطينية على مواضيع المرحلة الاولى فقط، وامتنعت عن الانشغال في اي موضوع يتعلق بالتسويات الدائمة. العالم، بسبب تأييده الحماسي لخريطة الطريق حرص هو ايضا على ان تتركز اتصالاته مع الفلسطينيين بالمواضيع التي تنطوي على تنفيذ هذه المرحلة فقط. اما حكومة اولمرت ففضلت تجاهل ترتيب الاولويات في المسيرة المقررة في خريطة الطريق وبدأت في مفاوضات فورية لتحقيق التسويات الدائمة، مع ان الفلسطينيين بعيدون عن استكمال المرحلة الاولى. لاصلاح التجاهل لخريطة الطريق وجد اختراع: زعم ان التسويات الدائمة التي ستتحقق ستوضع "على الرف" الا ان تنفذ المراحل السابقة. لا حاجة لزيادة الكلام كم هي قصيرة، او غير قائمة، "حياة الرف" لمثل هذه التسوية.

هجر ترتيب الاولويات المقرر في خريطة الطريق ليس فقط تجاهلا لاقرار الحكومة بل وايضا تشويشا لمنطق خريطة الطريق بالنسبة للترتيب المرغوب فيه للمراحل المختلفة في المسيرة. وبالفعل، فان التغيير الذي لم يحصل، بسبب تشويش هذا الترتيب، قضى بالفشل على المحادثات الدائمة التي ادارتها حكومة اولمرت، ناهيك عن انه في هذه الايام لا يمكن على اي حال الوصول الى تسويات دائمة: فلسطين المستقبلية انقسمت عمليا الى دولتين، دولة السلطة ودولة حماس. مع من منهما اعتزمت حكومة اولمرت الارتباط في اتفاق؟

الجدال بين كاديما والليكود في مسالة تأييد "حل الدولتين للشعبين"، هو جدال وهمي. مبدأ التواصل الحكومي يلزم كل حكومة بقرارات سابقاتها. خريطة الطريق، على مراحلها، قائمة طالما لم تلغ الحكومة بقرار اخر قرارها السابق بشأنها.

ولما كان هذا هو الحال، فسواء قال نتنياهو ذلك ام لا، فانه وحكومته ملزمان بتنفيذ القرار الذي يتبنى خريطة الطريق، ولا اتصور ان تقرر حكومته الغاءه. ولما كان هكذا، فان حكومة نتنياهو ايضا ملزمة بالموافقة على اقامة دولة فلسطينية، اذا ما وعندما تتوفر الشروط المسبقة لذلك حسب خريطة الطريق.

ولكن ليس كحكومة اولمرت، التي اختارت تجاهل خريطة الطريق، حسنا تفعل حكومة نتنياهو اذا ما اصرت على شروطها: ان تتذكر بان اقامة دولة فلسطينية هي النتيجة وليست البداية. فالفلسطينيون لتوهم بدأوا بتنفيذ المرحلة الاولى من خريطة الطريق واظهروا انجازات جديرة بالثناء ولكن جزئية. فليتفضل الفلسطينيون بالايفاء بتعهداتهم حسب خريطة الطريق ولما كان هذا ستفي اسرائيل ايضا بتعهداتها، مهما كانت حكومتها.