القضية الفلسطينية إلى أين ؟ بقلم/ احمد المدلل

الساعة 11:29 م|09 ديسمبر 2020

فلسطين اليوم

ما الذى تبقى لنا من فلسطين والقضية ، على ماذا نراهن وعلى من ، ما الذى نملكه لمواجهة التحديات التى تعصف بالقضية ، ماذا سنفعل ، إلى أين نحن ذاهبون ، ما هى الخطوات القادمة ، غزة ومصيرها المجهول ، الضفة وضياعها المشهود ، من بقى معنا ومن علينا، ما الذى ينتظر الفلسطينى داخل فلسطين وخارجها ، أسئلة تتردد على ألسنة الجميع ، وللأسف الشديد ، جدلٌ كبيرٌ ومناكفاتٌ سياسيةٌ وكلامٌ كثيرٌ يُقال والرحى  تدور دون نتاج ، لا جواب يشفى الغليل ولا آفاق تخط النهاية ... من أين نبدأ ، من غزة الجريحة و المعذبة ، أم من الضفة المسلوبة والمنتهكة ، ام من القدس المهوّدة والمسرألة، أم من أرض فلسطين المحتلة  عام ال٤٨ التى سقطت من حسابات المطبعين من العرب والمفاوضين من الفلسطينيين  ، وأهلها يتعرضون لعنصرية صهيونية مقيتة واندثارٍ للهوية ، أم من مخيمات الشتات حيث الآلام والعذابات والتهجير المتكرر الى  الموت فى بلاد الغربة او الغرق فى عرض البحار ، مآسى بعضها فوق بعض ، بلا رحمة ولا عدالة ولا اغاثة ولا نصرة   ، غاب الضمير العالمى والكل أعمى عينيه وبقى الفلسطينى وحده يصارع من اجل البقاء والحفاظ على الهوية وقد عاش الفلسطينى على أمل ان تنتهى المأساة التاريخية التى ألمّت به ويعود آمنا مطمئنا الى دياره ، ثم تراجع الأمل لعله يعيش آمنا مطمئنا فى قطعة أرض بقيت له على أرض فلسطين ، ثم تراجع الأمل أكثر وأكثر لعله يرتاح من وعثاء المعاناة فى ديار الغربة التى أُجبر بالرحيل اليها أو فى مخيمات اللجوء ،  لتظلله المأساة فى حِلّه وترحاله ، وأخيراً لم يبقَ للأمل بصيصاً  ... من يعيد قراءة التاريخ الفلسطينى منذ نكبة ١٩٤٨ الى هذه اللحظة، يجد ان الشعب الفلسطينى لم تمر عليه مرحلة أسوأ مما يعيش الآن ، واسألوا الكهول من الفلسطينيين الذين أمدَّ الله لهم فى أعمارهم حتى يبقوا أحياء إلى هذه اللحظة ويرونها بأم أعينهم التى ابيضت وانكمشت من الحسرة والحزن ، ليتأكد لكل باحث عن الحقيقة أن كل أحداث العالم التى دارت منذ بدايات القرن العشرين (الماضى) كانت من أجل الوصول الى هذه اللحظة الاسرائيلية الحاضرة ، ومن أجل هدف واحد ... زرع كيان غريب وشاذ فى قلب العالم العربى والاسلامى أو ما اصبح معروفاً (دولة اسرائيل اليهودية)  وتحصينها لتكون امرا واقعا لا بد منه ، وكل تغيرات موازين القوى فى عالمنا كانت تصب من أجل تحقيق ذلك الهدف ومن يعيد قراءة أحداث القرن الماضى الرئيسية وبدايات القرن الحالى يزداد يقينه : 

- محاولات إضعاف الخلافة الاسلامية ما بين عامى(١٩٠٨ - ١٩٢٤) وتدميرها نهائياً والتى قد مثلت حصناً يحفظ شوكة المسلمين وقد رفض آخر سلاطينها عبد الحميد الثانى التواجد اليهودى على ارض فلسطين  وحيكت المؤامرات لإضعافها ثم اسقاطها .

- اتفاقية سايكس بيكو عام١٩١٦م بين بريطانيا وفرنسا  وتجزئة العالم العربى الى دويلات مختلفة ومتصارعة ومتناحرة طائفياً وإثنياً وقبائلياً ، مما أدى إلى تدمير مقوماتها واهدار ثرواتها ، وربط هذه الدول أو الدويلات حتى مكوناتها بالدول العظمى لتحقيق أطماعها ، ولا يزال هذا المسلسل قائماً إلى  يومنا هذا .

- إعلان عصبة الأمم عام ١٩٢١م قرار بفرض الانتداب البريطانى على ارض فلسطين من اجل تنفيذ وعد بلفور الذى أصدره وزير الخارجية البريطانى عام ١٩١٧م بإقامة كيان قومى لليهود على ارض فلسطين وعُرف فيما بعد باسم( وعد بلفور) ومن ثَمّ سمحت بريطانيا بالهجرة اليهودية الى فلسطين .

-الحربان الكونيتان الاولى ١٩١٤م والثانية١٩٤٥م واللتان نتج عنهما انتصار بريطانيا وفرنسا والحلفاء الأوروبيين الذين عملوا جاهدين عبر عقود طويلة من الزمن للتخلص من المشكلة اليهودية التى أرّقتهم تاريخياً ودعم إقامة دولة الكيان الصهيونى عام ١٩٤٨م.

- تفكك دول الاتحاد السوفيتى فى ثمانينيات القرن الماضى وزوال قوته   والذى مثّل أحد قطبى القوى فى العالم بعد الحرب العالمية الثانية وبقيت أمريكا وحدها متفردة  كقوة عظمى فائقة ، الدولة المسكونة بالاجرام والغطرسة والهيمنة والتى تماهت فى نشأتها وأداءها مع دولة الاحتلال . 

-الحروب المصطنعة فى عالمنا العربى والاسلامى وتدمير مقدرات الامة واهدار ثرواتها مثل الحرب الايرانية - العراقية التى استمرت من عام ١٩٨٠م إلى عام ١٩٨٨م والتى أكلت الأخضر واليابس فى الدولتين وأهدرت ثروات ومقدرات الدولتين ، ومن ثم تدمير دولة العراق بشعبها وجيشها وثرواتها وتاريخها  واشغال الشعوب العربية  والاسلامية بأزماتها الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية والسياسية المتكررة التى لم تنتهِ بل تفاقمت ما بعد ثورات الربيع العربى والذى تحول الى خريفٍ أسود ...

- التقدم التكنولوجى الذى احتكرته أمريكا والدول الاوروبية فيما ارسلت الفُتات منه  الى عالمنا العربى والاسلامى ليس للاستفادة والنهوض وإنما لتدمير الانسان والمجتمع وتمييع انشغالاته وتفريغه من ثقافته وأخلاقه السوية والسليمة النابعة من عقيدته وعرفه السائد والتى حافظت على تميز شخصيته العربية والاسلامية الأصيلة عبر التاريخ والتى تربى عليها ، حتى أعراف العرب فى الجاهلية والتى صاغها حلف الفضول قد تلاشت فى ظل الضياع الذى يعيشه العربى والانحراف نحو إشباع رغباته الخاصة.

- إجهاض أى  نهضة قد تحدث فى العالم العربى والاسلامى بتسليط أنظمة الحكم  (التى عملت لصالح الشيوعية السوفييتية تارة والامبريالية الرأسمالية تارة أخرى) لملاحقة واعتقال وقتل  العلماء والدعاة والمفكرين واحرار  الامة لتبقى الشعوب المستضعفة خاضعة وذليلةتحت سياط حكامها الطغاة يفرضون عليها ما يشاؤون حتى ينسوا قضية فلسطين .

- استحداث مؤسسات مرتبطة بالغرب فكرا وعقيدة وقانونا وثقافة لغرس ثقافة وتعاليم وعادات مختلفة تماما عمّا تربّت عليها الشعوب العربية والاسلامية .

- اتفاقيات السلام مع دولة الكيان بدءاً باتفاقية كامب ديفيد الأولى عام ١٩٧٨م بين مصر واسرائيل واتفاقية أوسلو ووادى عربة واتفاقيات التطبيع المتوالية وكلها أعطت مزيدا من الشرعية للاحتلال الصهيونى وتكريساً لوجوده وكان

كلمات دلالية