زيارة سفراء الاتحاد الأوروبي لغزة بين الإنسانية والأهداف السياسية

الساعة 09:28 م|05 ديسمبر 2020

فلسطين اليوم

ما ان تأكد فوز المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية، بدأت الأوضاع في المنطقة العربية باتخاذ خطوات تمهيدية من شأنها الاستعداد لدخول الرئيس الأمريكي الجديد البيت الأبيض، وتجلى ذلك باعلان السلطة الفلسطينية عن عودة العلاقات مع إسرائيل بعد انقطاع دام عدة أشهر رداً على سياسات الادارة الأمريكية المجحفة للحقوق الفلسطينية، وجولة لرئيس السلطة محمود عباس في الاردن ومصر، إضافة إلى الاستعداد لانطلاق المفاوضات من القاهرة.

وفي خضم هذه المتغيرات، كشفت وكالة "سوا" المحلية عن نية سفراء الاتحاد الأوروبي في "القدس المحتلة ورام الله"، بالقدوم لقطاع غزة، للاطلاع على الأوضاع الإنسانية في القطاع، وخاصة المستشفى الأوروبي المخصص لعلاج مرضى كوفيد 19، وهو أمر اعتبره محللون سياسيون أن هذه الزيارة غطاؤها إنساني وأهدافها سياسية لمحاولة تهيئة حركة حماس للمرحلة القادمة التي تتطلب استقرار في الواقع الفلسطيني.

الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أوضح في حديث لـ "فلسطين اليوم"، أن موضوع كورونا في قطاع غزة لا يستحق زيارة بهذا المستوى للاطلاع على الأوضاع الصحية، خاصة أن هناك مؤسسات دولية كمنظمة الصحة العالمية تستطيع توضيح الأمر للاتحاد الأوروبي وإطلاعها على أدق التفاصيل والنواقص التي تلزم القطاع الصحي المنهار في قطاع غزة، مرجحاً أن الزيارة تحمل أبعاد سياسية في ظل المتغيرات التي حدثت مؤخراً بعد الانتخابات الأمريكية.

ورجح عوكل، أن كل الحراك السياسي الذي يقوم به الرئيس محمود عباس للاردن أو لمصر ومحاولة الاتصال بالدول العربية الأخرى التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل، والتي لم تطبع، إضافة إلى استعادته للعلاقة مع "إسرائيل"، كلها تأتي في إطار التحضير لحراك جديد على خط التسوية مع دخول بايدن للبيت الأبيض.

وأوضح، أن هذا الحراك يحتاج إلى واقع فلسطيني مختلف عن الواقع الراهن،.. واقع لا تشكل فيه حركة حماس إعاقة للمسار القادم، وأن تكون إما شريكة أو متساهلة، واحتوائها.

وأشار إلى أن العديد من المسؤولين السابقين جاءوا لقطاع غزة والتقوا بحركة حماس، وانه ليس مستبعداً ان يكون هناك لقاء بين الوفد الزائر وقيادة حركة حماس، بغض النظر عن تصنيف حماس حركة ارهابية من قبل الاتحاد الأوروبي، وأنهم لو أرادوا إيصال رسائل غير مباشرة لحركة حماس لكان بالإمكان الاستعانة بمبعوث الامم المتحدة نيكولاي ميلادينوف لتوصيلها.

وتوقع أن كل هذا الحراك، سيكون لإسرائيل الكلمة العليا بإفشاله لاحقاً، كونها ستمضي قدما في مشروعها، وستستنزف الوقت دون تحقيق شيء. مذكراً بمحاولات الرئيس الأمريكي الديمقراطي السابق باراك أوباما الذي كان لديه تطلع جدي لاحداث اختراق في المنطقة، لكنه لم ينجح بفعل الاسرائيليين وممارساتهم. إضافة إلى ان الحزب الديمقراطي الامريكي ليس لديه الإرادة الكافية ليفرض على إسرائيل مثل ما فعل الجمهوري دونالد ترامب وما فرضه على الفلسطينيين والعرب. ولخص المشهد القادم بأنه سيكون جولة من المراهنات على بايدن.

في ذات السياق، توقع الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب في حديث لـ "فلسطين اليوم"، أن تحمل الزيارة مضامين سياسية على ضوء جملة من المتغيرات التي شهدها الملف الفلسطيني الاسرائيلي في الآونة الأخيرة، والتحركات العربية والزيارات التي قام بها رئيس السلطة محمود عباس لعمان والقاهرة، إضافة لإعادة العمل مع الاحتلال، يضاف إلى ذلك حديث الرباعية الدولية عن استئناف العملية التفاوضية. ورجح أن تكون الزيارة لجس النبض لكي يتم المحاولة للضغط على حركة حماس في إطار مثل هذه العملية السياسية، مع أنه مستبعد وبالغ الصعوبة على تحقيق مثل هذا الهدف في ظل الاوضاع الراهنة.

أما الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف ، فاستبعد أن يكون لزيارة سفراء الاتحاد الاوروبي لغزة، له علاقة بالشأن السياسي، بقدر محاولة للبحث عما تحتاجه غزة، وهذا لتفقد غزة وفق الرؤية الأوروبية ضمن اهتماماتها.

واستبعد الصواف أن تستقبل حركة حماس الوفد الزائر، كون الاتحاد الاوروبي يصنف الحركة على انها منظمة إرهابية، وأن الجهة التي تستقبلهم هي الامم المتحدة كما حصل في السابق.

وعن توقيت الزيارة، ما بين تفشي كورونا في القطاع والتغيرات السياسية في المنطقة، أوضح الصواف أن الامر ليس مصادفة، لأن قطاع غزة بات موبوءًا ، وإمكانيات التصدي لكورونا ضعيف نظراً للامكانات الضعيفة في القطاع الذي يطالب بتزويده بالمعدات اللازمة لمواجهة كورونا.

الجدير ذكره، أن مسؤولون أوربيون زاروا قطاع غزة في السابق رغم انهم يصنفون حركة حماس على أنها حركة ارهابية، لكن السؤال المطروح، هل استيقظ الاوروبيون في هذا التوقيت فجأة على واقع قطاع غزة الذي يعاني من أوضاع انسانية منذ 15 عاماً؟  أم أن لهم مآرب سياسية أخرى؟.