خمس قضايا رئيسية قد تشكل تطوراتها مستقبل المنطقة

الساعة 10:21 ص|30 نوفمبر 2020

فلسطين اليوم

بقلم: د. عبدالله الأشعل

المتأمل فى صلب المشاكل العربية وهى سوريا واليمن وليبيا ولبنان والعراق لايجد مبررا لكل هذه المآسى، كما يأسي لأن الأطراف المحلية هى أداة تدمير المجتمعات لصالح القوى الرئيسية المستفيدة والمستخدمة لهذه الأطراف. ولمنع هذه المآسى يجب الاشتباك مع جوهرها وألا نتوانى فى مهاجمة أصل الداء. هذه المقالة تقوم بهذه المهمة فى كل هذه المآسى العربية علما بأن معظم هذه المآسى سببها الأساسى إسرائيل وهى احيانا لاعب اساس وأحيانا أخرى لاعب من وراء الستار وتصدر أطرافا محلية تقوم بهذه المهمة، فوجود إسرائيل فى هذه المنطقة جلب كل الشرور، كما أن إسرائيل هى التى خططت لإطفاء جذورة الحرية، لأن الشعوب الحرة تجعل مقام إسرائيل السرطان مستحيلا.

ولذلك تقف إسرائيل لاحباط أى محاولة للديمقراطية فى المنطقة، وهى فى داخلها تحرص على نقاء المجتمع الإسرائيلى وإغلاقه على اليهود وحدهم، فالحياة والحرية والازدهار وخلو المؤسسات من الفساد حق لليهود وحدهم والغريب أن المحيط العربى ينظر إلى هذه الحقائق بمواقف متباينة. فريق أغرم بقيم  المجتمع الإسرائيلى وتقدمه وهذا من شيمة العبيد وهو الإعجاب بالجلاد والغريب أن هذا الفريق يقارن بين إسرائيل وبين بلاده فلا يأسي على حاله ولكنه سعيد بالحالة الإسرائيلية ومتحمس للارتماء فى حضنها كما رأينا فى المشاهد الشاذة لبعض أبناء الخليج.

الفريق الثانى فهم الحقائق واستخلص أن ازدهار وحرية إسرائيل قائم على الاستبداد فى بلاده وتخلف شعبه وحرمانه من نسائم الحرية. الفريق الثالث يعجب بإسرائيل ويرجو تقليدها دون أن يفطن إلى أن إسرائيل نفسها تعمدت تعثر طريقه حتى لا تفنى إسرائيل بحرية العرب.

أولا: المشكلة السورية:

 أطرافها الأساسية هى إيران وإسرائيل وظهيرها الأمريكى، فالصراع الايرانى الأمريكى بوجه عام والصراع الايرانى الإسرائيلى بالتحديد هو الذى يحكم كافة تطورات الصراع فى سوريا. فقد جندت السعودية وتركيا المرتزقة والجماعات الإرهابية المتسترة بالإسلام كما أن الحكومة السورية بسبب  حساسيتها الزائدة تجاه المؤامرة الدائمة ضد سوريا دفعها إلى المعالجة الأمنية ففتحت هوة كبيرة لدخول وسطاء مع الأطراف الخارجية، فاستعانت سوريا بإيران تفعيلا للتحالف القديم منذ 1979. فحل المشكلة السورية فى يد إيران وإسرائيل وتركيا وليس فى يد روسيا الطرف الاساسى على الأرض وهي تحارب معركتها على الأراضى السورية مع شباب القوقاز في الحركات الاسلامية. ولذلك فالحل السياسى بين الأطراف الاساسية الأجنبية مستحيل لتناقض المصالح والرؤى بين تركيا وإيران وبينهما وبين إسرائيل.

ثانيا: اليمن:

المشكلة هى بين إيران وواشنطن وليست السعودية طرفا بل منفذا وأفهمت أنها طرف متحارب مع إيران وهذا دجل أمريكى لدفع السعودية والامارات لتدمير اليمن فى البداية ثم توريط واستنزاف ثم انتقام لرد الحوثيين على التحالف المسمى بالعربى وهو يسعى إلى ضرب كل ما هو عربى فى اليمن وتقسيمه وإذلال أهله وإبادتهم. فلم يعد الصراع بين هادى والحوثيين وإنما هو صراع أمريكى / إسرائيلى/ إيرانى ولذلك ليست السعودية فى وضع قبول الحوار مع إيران. والدرس المستفاد هو أن اختراق الخارج للإرادات والمصالح العربية جعل العرب أداة لخدمة المصالح الأجنبية على حساب المصالح العربية.

والحق أن هذه ظاهرة قديمة منذ عقود ومطلع ما يسمى بمرحلة الاستقلال، وهو مصطلح لا مقابل له فى الواقع، فقد هللنا للدولة الوطنية المستقلة ولم نتنبه إلى هذا الشعار الوهمى الذى يخفى وراءه ظاهرة اختراق الإرادات العربية، فلم يحدث فى أى يوم أن اتخذ العرب قرارا مستقلا لصالحهم.

ثالثا: ليبيا:

صراع ليبى- ليبى ولكن الأطراف الخارجية أكثر حسما وأهمها فرنسا وتركيا، أما الأطراف العربية فهى وإن ظهرت كأطراف واضحة إلا أنها مستخدمة من جانب غيرها ولغرض تدمير ليبيا.

ولذلك لا اتفاق بين تركيا وبين فرنسا ومعها روسيا بشكل مستقر أما اتفاق الأطراف الليبية فيقضى عليه نفاق الأطراف الكبيرة.والحل ناديت به منذ سنوات اتركوا ليبيا لليبيين وكل بلد عربي لابنائه ولو كانت مصر صالحة للدور لاحتضنت كل الأطراف المتصارعة ولدفعت الاطراف الخارجية بعيدا ولكن تم اعطاب الدور المصري اولا ثم تولوا الدول العربية بجزء من المؤانرة بما يتناسب مع ظروفها.

ولو حسنت النوايا الخارجية والمحلية لكانت ثورات الشعوب العربية مناسبة لاستقلال الحكام العرب ولكن الخارج الذي يحارب الاستقلال العربي وحرية الشعوب العربية استخدم هؤلاء الحكام لقمع هذه الشعوب مع استمرار معزوفة الوطنية والاستقلال من الحاكم العربي ومعزوفة الديمقراطية وحقوق الانسان من جانب الغرب والاوطان والقضايا العربية هي الضحية ولذلك ليس صدفة أن هذه الثورات كانت ساعة الصفر لتجديد عقد التحالف الآثم ولذلك فان انقاذ الشعوب والاوطان العربية يتطلب جهدا كبيرا أقوم به وفق رؤية شاملة وقراءة دقيقة لكل هذه الجوانب.

رابعا: لبنان:

 المشكلة فى لبنان تبدو بين السعودية وإيران وكلاهما يساند طرفا ولكن الحقيقة أن المشكلة هى من البداية بين إيران وإسرائيل واستدعت السعودية لتظهر كطرف متماهى مع الأطراف المحلية.

خامساً: العراق:

 المأساة العراقية أشد تعقيدا لكن أطرافها الأساسية هى إيران وواشنطن وقد عمدت واشنطن إلى تمكين إيران من العراق حتى يتم التصفية العراقية والطائفية للسنة وإشعال الفتنة الطائفية بحيث صار العراق ساحة للصراع الإيرانى الأمريكى يدفع ثمنها الشعب العراقى لأن العراق كان قوة عربية معتبرة مساندة للقضية التى لم تدرك الأبعاد الاستراتيجية للعبة، فتصورت هذه القيادة أنها تخدم وطنها وأمتها.