تقرير أمريكي يكشف أسباب زيارة نتنياهو السرية للسعودية

الساعة 12:26 م|25 نوفمبر 2020

فلسطين اليوم

لازالت الزيارة السرية التي أجرها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى السعودية، ولقائه مع ولي العهد محمد بن سلمان تتصدر حديث وسائل الإعلام المختلفة من بينها أمريكا.

فقد نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية تقريرًا أعدَّه جوناثان هـ. فيرزيجر من القدس، ومراسل الشرق الأوسط السابق لبلومبرج نيوز، تناول فيه ما أثير حول الزيارة السريَّة التي قام بها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى السعودية، وما تردد عن لقائه مع ولي العهد محمد بن سلمان، والتكهنات بأن سبب هذه الزيارة هو تخوُّف الجانبين السعودي والإسرائيلي من عدم مواصلة جو بايدن المسار الذي اتخذه دونالد ترامب في القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط.

في مستهل تقريره ذكر الكاتب أن الزيارة السرية التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي يوم الأحد على ما يبدو للقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تثير احتمالية انضمام السعودية إلى التحالف الناشئ بين دول الخليج العربية وإسرائيل.

 وعلى ما يبدو تُظهر الزيارة أيضًا كيف يعتمد كلا الجانبين السعودي والإسرائيلي على الآخر، على الرغم من كونهما أعداء سابقين، لمواجهة المخاوف التي بدأت إرهاصاتها تظهر بالفعل من إدارة بايدن الجديدة. ولأن نتنياهو وابن سلمان كانا أكبر المستفيدين من السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإنهما يسعيان الآن إلى حماية نفسيهما من أن يتجنبها البيت الأبيض تحت إدارة بايدن باعتبارهما ضمن الجهات المارقة.

ووفقًا لروايات متعددة ألغى نتنياهو اجتماعًا لمجلس الوزراء كان من المقرر انعقاده يوم الأحد، وقام بزيارة سريَّة على متن طائرة خاصة، في رحلة مدتها ساعة واحدة عبر البحر الأحمر متجهًا إلى مدينة نيوم التي تقع على الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، التي يجري إنشاؤها الآن بقيمة 500 مليار دولار لتكون معرضًا للابتكار التكنولوجي. وقد امتدت الزيارة إلى ما يقرب من خمس ساعات أمضاها المسؤول الإسرائيلي مع ولي العهد السعودي، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ومدير الموساد يوسي كوهين.

توقعات بسياسات مختلفة لبايدن

ويشير التقرير إلى التكهنات الجامحة بشأن الموضوعات التي نُوقشت خلال هذه الزيارة؛ إذ اعتقد البعض أن الاجتماع تطرق إلى احتمالية شن هجوم وشيك على إيران قبل أن يحصل الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن على فرصة للانضمام إلى الاتفاقية النووية لعام 2015، بينما كان يأمل آخرون أن تحذو المملكة العربية السعودية حذو الإمارات والبحرين في تطبيع العلاقات رسميًا مع الدولة اليهودية.

ويرجح الكاتب أن تنتهج واشنطن سياسة مختلفة في الشرق الأوسط بحلول يوم 20 يناير (كانون الثاني) من العام الجديد؛ إذ تحدث بايدن علانية عن إعادة تقييم العلاقات الأمريكية السعودية في ضوء مقتل الصحافي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في إسطنبول عام 2018. فضلًا عن معارضة نتنياهو الصريحة للمفاوضات مع إيران، ولا سيما خطابه عام 2015 أمام جلسة مشتركة للكونجرس الأمريكي، والذي لم يزل يُذكر باعتباره نقدًا لاذعًا للرئيس السابق باراك أوباما عندما كان بايدن نائبًا له.

صرَّح جوشوا تيتلبوم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، والذي يعكف الآن على تأليف كتاب عن تاريخ الجيش السعودي قائلًا: «إن الاجتماع في نيوم كان يهدف إلى وضع اللمسات الأخيرة على شيء ما» قبل أن يترك ترامب منصبه، فضلًا عن «إرسال إشارة إلى إدارة بايدن». وأضاف أن الرسالة مفادها: أن «الحليفين الرئيسين في المنطقة يتحدان معًا». ومع ذلك يبدو أن الرسالة لم تكن موجهة للجمهور، إذ نفى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان رسميًا تلك الزيارة بعد تسريب أنباء بشأنها يوم الأحد إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية يوم الاثنين، وتأكيد المسؤولين الإسرائيليين والسعوديين لها.

شراكات سريَّة مع قادة عرب

نوَّه التقرير إلى أن نتنياهو، الذي أحجم يوم الاثنين عن تأكيد أو نفي زيارته إلى السعودية، قد ألمح إلى وجود شراكات سريَّة مع قادة عرب، دون تأكيد حدوثها. ووردت تقارير عن اجتماعات بين نتنياهو ومحمد بن سلمان عُقدت على متن يخت في البحر الأحمر، بالقرب من الأردن، وفي مدن أوروبية مختلفة. جدير بالذكر أن المرة الوحيدة التي التقى فيها نتنياهو علنًا بأي حاكم خليجي كانت في عام 2018، عندما زار السلطان قابوس، الذي توفي يناير الماضي، في مسقط.

وبالرغم من ذلك فإن كل هذه التلميحات تخفي علاقات دبلوماسية عميقة، ولكن غير رسمية أقامها نتنياهو مع مجموعة كبيرة من الدول العربية، حتى عندما تعرض للذَّم العلني بسبب سياسته المتشددة تجاه الفلسطينيين وخططه لضم ما يقرب من 30٪ من الضفة الغربية.

وتلقى مكافأته في سبتمبر (أيلول) عندما جلس إلى جانب ترامب في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، ووقع «اتفاق إبراهيم» مع وزيري خارجية الإمارات والبحرين؛ الأمر الذي مهَّد الطريق نحو إقامة علاقات دبلوماسية مع دول الخليج، إلى جانب وعود بالتعاون في مجال الأعمال التجارية، والدفاع، والاستخبارات، والطيران، والسياحة، والبحوث الطبية، والمصالحة بين المسلمين واليهود. وتُوِّجت المكافأة بصفقة أسلحة بقيمة 23 مليار دولار، لتسقط إسرائيل بذلك اعتراضها طويل الأمد على بيع الولايات المتحدة طائرات مقاتلة من طراز F-35 للإمارات.

بيد أن ما كان ينقص تقارب إسرائيل في علاقتها بدول الشرق الأوسط هو مشاركة المملكة العربية السعودية؛ أكبر وأغنى عضو في مجلس التعاون الخليجي. وكانت أول رحلة خارجية قام بها ترامب بوصفه رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية من نصيب المملكة العربية السعودية، وأعقبها برحلة طيران غير مسبوقة مباشرة من الرياض إلى تل أبيب.

ومنذ الإعلان عن الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي من المكتب البيضاوي في أغسطس (آب)، قال ترامب ومساعدوه إنهم يتوقعون انضمام المملكة العربية السعودية أيضًا لهذا الاتفاق. وسبق أن صرَّح السعوديون بأن أي اتفاق رسمي مع إسرائيل يجب أن يعتمد على مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي طرحها السعوديون في الأصل، والتي تطالب إسرائيل بقبول الدولة الفلسطينية والانسحاب من الضفة الغربية والشرقية والقدس وغزة.

مخاوف انتهاء عهد ترامب

ومع انتهاء عهد ترامب تشعر إسرائيل ودول الخليج بالقلق إزاء ما يمكن توقعه من الإدارة الأمريكية الجديدة، ويعملون على تهيئة أنفسهم للعودة إلى الخطوط العريضة للسياسة المألوفة التي اتبعها أوباما، لا سيما نزع فتيل الصراع الإيراني، والتعاطف مع القضية الفلسطينية، والتأكيد على حقوق الإنسان.

وختم التقرير بقول ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات في أبوظبي: إنه «من الواضح أن نتنياهو ومحمد بن سلمان يشتركان في بعض المخاوف العميقة بسبب رحيل ترامب، ويريدان التأكد من أن ما سيفعله بايدن لن يؤثر على مصالحهما المشتركة».

كلمات دلالية