"شباب غزة" نسجوا من خيوط يأسِ المحنة أملَ المنحة

جدران غزة تروي الحكاية

الساعة 11:12 ص|14 نوفمبر 2020

فلسطين اليوم

أعوام مديدة وأيادٍ كثيرة خطت على جدران مدينة غزة حتى صارت شوارعها المتراصة حالها كحال الجدران تبكي عند قصة ثم تفرح بعد الفاصلة بشدة فلقد اختلط حزن شباب غزة بفرحهم حتى صار للفرح شجن لا يعرفه سواهم ومضاضة للعيش من الصعب على أحد أن يفهم هذا التمازج الخلاب إلا لو دقق النظر وتمعن فيما تحمله جدران غزة التي كُتبت بدمع القلب وحبر الروح.

لم يكن عام 2020 عاماً عادياً على الشباب واليافعين حالهم كحال سائر شرائح المجتمع كافة إلا أنه قد قيدَ حركة الشباب وزاد هالة كبيرة فوق أعباء اليأس والإحباط بشكلها العادي قبل الحجر، وبعده كادت الحياة أن تضربهم بسوط اليأس مجدداً إلا أنهم حولوا اليأس لأمل والمحنة لمنحة عقب وأثناء فترة الحجر المنزلي الذي أوقف الحياة بشكلٍ ما، فراحوا يكتبون عبر جدران العالم الافتراضي تمتمات ارواحهم وعبير أفكارهم الإيجابية في عز اليأس ليكونوا قدوة.

 مؤسس فكرة "حملة مرسال الخير" السيد محمد البردويل الإعلامي ومعه مجموعة من الإعلاميين والنشطاء في الفريق أخبرنا عن الحملة قائلاً: ننفذ حملاتنا الخيرية التي تهدف بالدرجة الأولى لإدخال الأمل والفرح والبهجة على قلوب عامة الناس في ظل ظروف الحجر الصحي السيئة في قطاع غزة تحديداً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة فبالكاد تستطيع غالبية الأسر توفير متطلباتها الأساسية، من غذاء ودواء"

 وتابع " كان من أكثر المواقف التي أثرت بنا كفريق الاحتفاء بطفلة كان ذويها يحضرون لذكرى ميلادها فقمنا بتنفيذ الفكرة في وسط الحي وبمحيط مليء بالأطفال، بناء على أن أكثر الفئات تضررا بالحجر المنزلي هم فئة الأطفال، وبالفعل كان لها مردودا إيجابيا كبيرا وبهجة كبيرة في نفوس الأطفال وتفاعلا كبيرا وفي كثير من الأحيان وزعنا على الأطفال كثيرا من الهدايا لم تكن فقط على شكل ألعاب بل تعدت ذلك في بعض الأوقات لتكون شوكولاتة وعدد من الأطعمة التي يفضلها الأطفال"

ولفت خلال حديثه أن هذه الفكرة جاءت على شكل فكرة شبابية بحتة من خلال الفريق حيث وجدوا في أنفسهم إيمانا عميقاً بمعاناة الناس وظروفهم ووضعوا أنفسهم في مقام المساعد كنقطة اسعاف أولي بوجهة عمل إنسانية من باب المبادرة لتكون لهم بصمة وأثر طيب في نفوس الغزيين عامة ولتحييى الأمل.

أما شيماء أبو دلاخ العشرينية المُلقبة بعصفورة الشعر فعبرت عبر جدار الفيسبوك الخاص بها بكلماتها المليئة بالقلق، "وجدتُ مشاعر الخوف تتملكني إثر انتشار فايروس كوفيد-19 في داخل المجتمع، فلم أعد أرى مخرجًا من هذه الهواجس المخيفة إلا الكتابة، فهي وسيلة جيدة تصنع من الوقت فرحا نتطاير معه في كل فكرة وغيمة، بعيداً عن ضوضاء الخوف والقلق على الأحبة من الإصابة بالفايروس."

وأضافت عصفورة الشعر قائلة: لدي عضوية فاعلة في ملتقى جِيملة المليء بالأشقاء الجزائريين وجنسيات عربية مختلفة من المثقفين والكتاب والشعراء، وصالون الإسراء الأدبي أيضاً، فأنا أستثمر وقتي في نشر كتاباتي واستلهام المزيد من الإبداع من أقراني عبر المنصات الإلكترونية ووسائل الإعلام المختلفة بالإضافة إلى القراءة والمطالعة بكثافة لأملأ فترة الحجر التي وجدتُ فيها متسعا للحياة والإبداع".

الطالبة في المستوى الرابع من كلية الهندسة وأنظمة الحاسوب آلاء حسونة، وجدتُ خلال حديثنا معها أن من أهم الخطوات لتعزيز جهاز المناعة هو الراحة النفسية فتقول:" اختلفت حياتي 180 درجة، لأنني كنت ملتزمة بدوام جزئي في شركة وكنت معتادة على الخروج يوميًا ولكن كما يقال بأن " الأزمات فرص" فالملل والفراغ الذي شعرت به في الفترة الأولى من الحجر جعلني أنجز أكثر وأن أستثمر الوقت أكثر تحديدا في العمل والتعلم عن بعد"

آلاء التي تعمل في التسويق الإلكتروني والتعليق الصوتي بدأت رحلة تحفيز لمتابعيها عبر السوشال ميديا وجدرانه عن أهمية العمل عن بعد موجزة ذلك في جملة "العمل عن بعد يمنحك الحرية والمرونة وعدم التزام بمكان وزمان ويعود عليكم بربح غير محدود مع شريحة أكبر من العملاء والأهم أنك تعمل ما تحب بكل حب"

وزادت في قولها "استثمرت وقتي بحضور لقاءات واجتماعات عبر zoom وخاصة لقاءات تدريب على العمل الحر والتصميم والتسويق الإلكتروني والبرمجة العملية وآليات التأهيل لسوق العمل، وقمت بمشاركة بعض الأمور التي تعلمتها عبر  مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة، وهدفي الأسمى خلف ذلك أن أنير الطريق لمن تسلل لهم الملل والفراغ".

لينا اربيع طالبة في كلية الهندسة، مستوى ثان من الهندسة المعمارية تابعنا مانشرته عبر جدران الإعلام الجديد ماكانت تنشره بين متابعينها وكيف وصفت خشيتها الشديدة على أقاربها وذويها من خطر الإصابة بفايروس كورونا في ظل الظروف الصحية التعيسة التي نحياها في قطاع غزة، وأنها قامت باستبدال برنامجها المعتاد من الذهاب إلى الجامعة وخصوصاً أن تخصصها الجامعي يتطلب التواجد داخل قاعات الجامعة ومراسمها الواسعة وخوض مساقاتها العملية، حتى حالت جائحة كورونا بينها وبين دراستها حيث ركز التعليم الالكتروني على المساقات النظرية في الوقت الراهن، فراحت تشغل وقتها في استثمارات إبداعية

وحين تواصلت معها قالت: "حالة اليأس تلك إلى جانب الفراغ الكبير الذي تركه الحجر الصحي في حياتي دفعني إلى أخذ دورات عديدة عبر الانترنت كان أولها "استثمار الحرف اليدوية وتحويلها إلى مشروع صغير ناجح"، ومن هنا بدأت أتعمق أكثر في الحرف اليدوية بمختلفها والتي طالما كانت موهبتي منذ الصغر، وهي فن لف الورق وتطبيقه في المنزل ثم أعددت صفحة على تطبيق الإنستجرام عرضت فيها بعض الأعمال والبراويز التي أعددتها بكل حب وشغف.

واختتمت قولها" أرى أنني فخورة جداً باستثماري لمحنة كورونا وتحويلها منحة، خصوصا أن مشروعي الصغير لم يكن مقتصراً على إعداد الأعمال وعرضها على صفحة إلكترونية فحسب بل كان شاملاً تنظيم عملية التسويق، من حيث التصوير وعرض الأعمال بطريقة منظمة وجذابة بأقل الإمكانيات المتوافرة لدي، كما عملت جاهدة على إضافة لمسة

إضافة لمسة راقية على صفحتي من حيث التنسيق وتصميم خلفيات جميلة خلف كل صورة لعمل جديد.. ومن ناحية أخرى إرسال المنتجات معقمة وضمن الضوابط والمحددات الصحية واتباع إجراءات السلامة".

ويذكر أن هذا غيض من فيض حكايا الغزيين التي تخبرنا بها الجدران بكل ماتحمل من مشاعر مختلطة تحمل بين جنباتها كثيراً من الأمل رغم صعوبة الواقع.

 

كلمات دلالية