خبر هآرتس: عملية الدهس تدل على عدم انخفاض مستوى التوتر والغضب بين الفلسطينيين

الساعة 08:56 ص|06 مارس 2009

فلسطين اليوم – القدس المحتلة

ربطت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها، اليوم الجمعة – 6.3.2009، بين عملية الدهس بالجرافة، التي نفذها المواطن المقدسي مرعي ردايدة في القدس الغربية، أمس، وبين سياسة هدم البيوت التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية في القدس الشرقية.

وقالت الصحيفة إن "عملية الدهس في القدس، أمس، تدل على أن مستوى التوتر والغضب بين الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية لم ينخفض. وها هو رئيس بلدية القدس، نير بركات، قرر في ظل الأجواء المتوترة أصلا أن يصب الزيت على النار عندما أعلن عن نيته هدم 88 بيتا في حي البستان المحاذي لقرية سلوان...".

 

وأشارت هآرتس إلى حجة بركات لهدم البيوت في القدس الشرقية عموما، وليس فقط سلوان فقط، وهي البناء غير المرخص. لكن الصحيفة أكدت على أن "البلدية لا تصدر تصاريح بناء بسبب عدم وجود خارطة هيكلية، أو تمنع بناء بيوت جديدة لأسباب سياسية. وهي تدفع بذلك المواطنين الفلسطينيين، أصحاب الأراضي منذ عشرات السنين، إلى خرق القانون". وأضافت الصحيفة أنه على ما يبدو أن البلدية نفسها تدرك أن هدم البيوت هي خطوة متطرفة، إذ عرضت البلدية على أصحاب البيوت في سلوان المهددة بالهدم أراض بديلة. وتساءلت هآرتس "إذا كان الحديث يدور عن مخالفين للقانون، فلماذا تعتقد البلدية أن عليها عرض أراض بديلة عليهم؟". وشددت على أن "أسبابا سياسية تتغطى بحجة القانون"، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن إسرائيل "تمتنع عن هدم بيوت غير قانونية، في البؤر الاستيطانية العشوائية مثلا".

 

وحذرت هآرتس في هذا السياق من الاصطدام مع الإدارة الأميركية بسبب سياسة هدم البيوت. ونقلت عن وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، قولها خلال زيارتها لإسرائيل في منتصف الأسبوع الحالي، إن "هدم البيوت يتعارض مع الالتزامات (الإسرائيلية) التي شملتها خارطة الطريق". ودعت الصحيفة الحكومة الإسرائيلية الحالية إلى التوضيح لبلدية القدس أنه "حتى لو كانت تملك صلاحية هدم بيوت، فإنها لا تملك صلاحية توريط إسرائيل بصراعات دولية وتعقيد العلاقات الخارجية للدولة".

 

في غضون ذلك، قال أقرباء لسائق الجرافة، مرعي ردايدة، لوسائل إعلام إسرائيلية إنه لم يتعمد الاصطدام بسيارة الشرطة الإسرائيلية في مدينة القدس الغربية، أمس، وأن الحديث يدور عن حادث سير. وأكد أحد أقرباء ردايدة لموقع يديعوت أحرونوت الالكتروني على أن "العائلة ليست مقتنعة بأن ما حدث كان متعمدا وإنما هذا كان حادث سير غير متعمد". وأضاف أن ردايدة هو "إنسان عادي ولا يحمل ولا يؤيد مواقف متطرفة". لكن الشرطة الإسرائيلية أعلنت أن الحادث متعمد ووصفته ب"اعتداء على خلفية قومية".

 

وأعلنت الشرطة الإسرائيلية، مساء أمس، أن منفذ عملية الدهس هو مرعي الردايدة وعمره 26 عاما من سكان ضاحية بيت حينيا في شمال القدس الشرقية. وأضاف بيان الشرطة الإسرائيلية إن ردايدة متزوج وأب لطفل ويحمل بطاقة هوية فلسطينية.

 

وقُتل ردايدة متأثراً بجروح خطيرة أصيب بها جرّاء إطلاق النار عليه بعد أن صدم بجرّافته سيارة شرطة وحافلة ركاب. وأطلق مواطن وشرطي إسرائيليان النار على ردايدة وأصاباه بجروح حرجة، بعدما صدم سيارة شرطة وقلبها، ما أدى إلى إصابة شرطيين اثنين كانا بداخلها بجروح طفيفة، كما أصيب عدد من المواطنين الذين تواجدوا في المكان بحالات هلع.

 

وكان مدير عام خدمة الإسعاف الأولي الإسرائيلية (نجمة داوود الحمراء) ايلي بين قال بداية إن ردايدة "لم يُقتل" وإنما أصيب بجروح حرجة وأجرى طاقم إسعاف عملية إنعاش له وتم إعطاؤه تنفساً اصطناعيا ونُقل إلى إحدى مستشفيات المدينة وهو على قيد الحياة. لكن ضابط الشرطة نيسان شوحام قال للصحافيين إن سائق الجرافة توفي بعد وقت قصير في المستشفى متأثرا بجراحه "ولم ننجح بالتحدث إليه". وأضاف شوحام "لقد عثرنا في مقطورة السائق في الجرّافة على كتاب قرآن مفتوح". وقال إن "هذا هجوم لا يمكن توقعه سلفا ولا يمكن الاستعداد لمنعه".

 

وقال سائق سيارة أجرة يدعى عوز مهتابي للإذاعة الإسرائيلية العامة أنه تواجد في موقع الحادث في وسط مدينة القدس وبمجرد رؤيته اصطدام الجرافة بسيارة الشرطة وقلبها قام بإطلاق النار من مسدسه باتجاه سائق الجرافة. وأضاف "لقد أطلقت أربع رصاصات على سائق الجرافة وقتلته وبعد ذلك حضر إلى المكان شرطي حاملا إم-16 (أي بندقية أوتوماتيكية) وأجهز عليه".

 

وهذه رابع عملية دهس يتم تنفيذها في القدس على أيدي مواطنين مقدسيين وقتلوا جميعهم على ايدي مواطنين إسرائيليين وأفراد شرطة. ووقعت عملية دهس بجرافة في بداية شهر تموز الماضي وأسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة عشرات آخرين. وبعد ثلاثة أسابيع نفذ فلسطيني من القدس عملية دهس أخرى بجرافة، فيما نفذ مقدسي ثالث عملية دهس بسيارة "بي أم دبليو" قرب البلدة القديمة، ولم تسفر هاتين العمليتين عن مقتل إسرائيليين لكن عدد من الجرحى أصيبوا فيهما.

 

وتقول الشرطة الإسرائيلية أن ضلوع مواطنين فلسطينيين من القدس الشرقية في عمليات ومحاولات تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية في المدينة، تزايد. من ناحية أخرى صعّدت السلطات الإسرائيلية وبلدية القدس من ممارساتها ضد المقدسيين من خلال هدم البيوت الواسعة في شرق المدينة إضافة على إهمال كبير للغاية للأحياء العربية. وكان رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يوفال ديسكين قد أشار إلى وجود "فراغ أمني" في العديد من الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية بسبب عدم تواجد قوات الأمن الإسرائيلية فيها ومنع قوات أمن فلسطينية من التواجد فيها أيضا.