الانتخابات الأمريكية... وقفة وتداعيات على المشهد الإسرائيلي.. بقلم / أ. هاني أبو عواد

الساعة 07:49 م|04 نوفمبر 2020

فلسطين اليوم

ينشغل العالم اليوم بالرئيس المرتقب للولايات المتحدة الامريكية على ضوء الانتخابات الجارية حاليا بعد ان نجح الرئيس الحالي دونالد ترامب على امتداد ولايته الحالية بوضع اصولا لنظاما عالميا جديدا يؤسس لصراعا عالميا يلوح في الافق ويضع الصين وحلفاؤها على صدارة هذا الصراع ويقوم ببناء تحالفات جديدة على الصعيد الدولي من ناحية والإقليمي من ناحية اخرى.

وتعتبر صفقة القرن التي كشفت عنها الإدارة الأمريكية مؤخرا نواةً للنظام الجديد والتي عكف مركز القدس للأمن والاستراتيجية الإسرائيلي في استعراضه للدراسة التي قام بنشرها على تعريفها وقولبتها في الاطار الاستراتيجي لها و الداعية الى ترتيب الأوراق الاقليمية والدولية بما يضمن العودة الدولية للولايات المتحدة الامريكية الى أحادية القطبية في ظل الحضور للمارد الروسي وعملاق الاقتصاد الصيني, وبما يضمن سلامة الأمن الاقتصادي والسياسي وأمن السلام للحليف الاستراتيجي اسرائيل محليا واقليميا لمئة عام قادمة.

وما شهدته المنطقة من تحولات وتغيرات تاريخية يعزز من موقف اسرائيل في المنطقة ويضعها على صدارة التحالف الرئيس في منطقة الشرق الاوسط التي تتزاحم التحالفات فيها, ويأتي ذلك من خلال ما قامت به الولايات المتحدة وادارة ترامب بالاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل, ونقل السفارة الامريكية الى القدس والاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان والاعتراف المسبق لقرار اسرائيل بضم غور الاردن والمستوطنات في الضفة الغربية الى سيادة اسرائيل , واتفاقات التطبيع مع بعض الدول العربية والتي ستلحق بركبها دولا عربية اخرى,

ويراهن نتنياهو على ضوء النجاحات التي حققتها سياساته الخارجية التي شقت الافق تجاه انجازات يصفها بالتاريخية لدولة اسرائيل،  تضاف الى أرشيفه الوطني والتي تفرد بها عن سابقيه منذ مطلع المسيرة الصهيونية على الخروج من الازمات الداخلية القضائية والائتلافية التي تهدد استقراره السياسي في ظل اتهامه بالفشل الذريع حول ادارته في مواجهة وباء كورونا والتداعيات الاقتصادية الصعبة التي ترتبت عليها وتوظيف الحالة في خدمة اغراضه السياسية.

ومن ناحية أخرى فان المراوغة والمناورات السياسية منذ مطلع العام الحالي التي يقودها نتنياهو في تعطيل إقرار الموازنة السنوية لعام 2020 ساهمت كثيرا في الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها إسرائيل والتي يلامسها المواطن بشكل يومي، الأمر الذى خلق ضاغطا شعبيا ضد سياساته من خلال الحراك الذي تقوده حركة الاعلام السوداء ويأتي ذلك بعد أن نجح في تمرير مخطط (هندل) الذى انقذه من حل الحكومة والذهاب الى انتخابات جديدة وتأجيل إقرار الموازنة لمئة وعشرون يوما تنتهى في الثالث والعشرون من ديسمبر القادم من هذا العام, مراهنا على ظهور نتائج الانتخابات الامريكية وبلورة الوجهة السياسية له.

ويهدف نتنياهو الى اضعاف الجسم المؤسساتي للدولة من خلال عدم اعتماد الموازنة وذلك بغرض الإمساك بأطراف جميع الخيوط لهذه المؤسسات وتوظيفها فى الوقت المناسب له, وفى الوقت الذي تقف فيه الانتخابات الأمريكية على المحك، وزيادة فرص فوز جو بايدن منافس الرئيس الحالي ترامب يتجه نتنياهو الى السيناريوهات البديلة التي تعزز من موقفه السياسي والقضائي والهروب الى الوراء.

ولعل المناورات العسكرية الأخيرة على الحدود الشمالية كانت تأخذ الطور الاستعراضي الذى يصب في ذات السياق, ولكن العين على الجبهة الجنوبية الأكثر ضرورة أمنياً لإسرائيل رغم حالة الهدوء والمفاوضات الغير مباشرة التي تجريها إسرائيل مع حركة حماس والمؤشرات الإيجابية على اقتراب إنجاز اتفاق التهدئة وعلى ضوء حالة الترقب الغير مسبوقة صهيونيا  لنتائج الانتخابات الأمريكية وزيادة فرصة بايدن في الفوز، والازمة السياسية الداخلية التي يمر بها نتنياهو والتي تدفع به الى حل الحكومة والذهاب الى انتخابات جديدة والتي قد لا تخدم نتنياهو في الوقت الراهن, فإننا نتوقع رغم استقرار الوضع على الجبهة الجنوبية وارتفاع حدة المناورات الميدانية والأنشطة العسكرية,  بأن يكون إحدى السيناريوهات للخروج من الأزمة للفترة القادمة الذهاب الى تصعيد ثنائي الأبعاد :

البعد الأول : فرض أوراق ضاغطة على حماس وقطاع غزة والخروج بتهدئة طويلة المدى .

البعد الثاني : تحسين الظروف الانتخابية التي تخدم نتنياهو وتعزز موقفه السياسي.

وفى حال نجح ترامب بولاية ثانية فان السيناريوهات المتوقعة لوجهة نتنياهو السياسية للمرحلة القادمة هي الاستمرار بنفس السياسات القديمة في إدارة الصراع على كلا الجبهتين الشمالية والجنوبية والاستمرار بسياسة المعارك بين الحروب محليا واقليميا .

كلمات دلالية