تشرين الشقاقي.. وتشرين عابد بقلم الكاتب خالد صادق

الساعة 03:20 م|02 نوفمبر 2020

فلسطين اليوم

رحل تشرين اول بأقماره شهداء معركة الشجاعية الابطال والشهيد المؤسس الدكتور فتحي الشقاقي وكوكبة من الشهداء الميامين الاطهار, وجاء تشرين ثاني نوفمبر ليتواصل سلسال الدم النازف, ففي الثاني من تشرين ثاني 1994م ارتقى الشهيد هاني عابد المدير العام المؤسس لصحيفة الاستقلال, بعد صدور العدد الثاني من الاستقلال حيث قام الاحتلال الصهيوني المجرم بتفخيخ سيارته وتفجيرها امام مقر جامعة العلوم والتكنولوجيا بمحافظة خانيونس حيث كان يعمل محاضرا هناك, وكانت هذه اول عملية اغتيال ينفذها الاحتلال الصهيوني بعد تسلم السلطة الفلسطينية لقطاع غزة, وكان هاني عابد رحمه الله هو اول اسير فلسطيني في عهد السلطة, ونحن هنا لسنا في معرض الاجابة عن سؤال لماذا اقدم الاحتلال على اغتيال الشهيد هاني عابد لان هذا السلوك ممنهج لدى الاحتلال, ولا نستغرب اقدامه على اغتيال أي شخصية فلسطينية, فهو احتلال مجرم يعيش على الدماء, ويقتات من جماجم ضحاياه الابرياء, اننا بصدد الكشف عن الاسباب التي دفعت الاحتلال للبدء بهاني عابد وتنفيذ هذه الجريمة بحقه, فالاحتلال غالبا ما يبني مواقفه على تقديرات وتوقعات.

اولا: الشهيد هاني عابد خريج قسم الكيمياء كلية العلوم وكان قد انهى دراسة الماجستير من جامعة النجاح بنابلس, وكان الاحتلال يتهمه بصناعة المتفجرات وتطوير قدرات المقاومة الفلسطينية عسكريا.

ثانيا: الشهيد هاني عابد شارك في تدشين صحيفة الاستقلال كأول صحيفة تنتهج نهج الإعلام الفلسطيني المقاوم يحرض على مواجهة الاحتلال وتثوير الجماهير ضده والتأكيد على التمسك بالثوابت الفلسطينية, ومواجهة زيف مسيرة التسوية, والتمسك بفلسطين التاريخية من نهرها لبحرها.

ثالثا: الشهيد هاني عابد وحسب ما روج الاحتلال الصهيوني كان له علاقة بالقوى الاسلامية المجاهدة "قسم" وكان فاعلا داخل الجهاز العسكري التابع لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين.

رابعا: الشهيد هاني عابد كان يؤمن بخيار المقاومة كخيار استراتيجي ووحيد لانتزاع حقوقنا من الاحتلال, وان مسار التسوية هو مسار عبثي لن يوصلنا الى أي نتيجة, وكانت مواقفه وواضحة ومعلنة عبر لقاءاته الصحفية وفي ندواته التثقيفية داخل اطر الحركة وخارجها, ولا يتوانى لحظة في توجيه اللوم لدعاة السلام ومروجيه.

خامسا: اعتقال هاني عابد كأول اسير سياسي فلسطيني لدى السلطة جاء بتحريض من الاحتلال ووفق التنسيق الامني بينهما, وهذا يعني ان "اسرائيل" كانت تراقب الشهيد "ابو معاذ" وتترصد له ووضعته على لوائح الاغتيالات وفق تقديرات لجهاز الامن الداخلي الصهيوني الشاباك.  

الشهيد المجاهد هاني عابد لا زال حاضرا بفكره وعطاءاته, فقد مثل مدرسة في الجهاد الاسلامي تمزج بين الفكر والثقافة والمعرفة وبين القدرة على مشاغلة الاحتلال ومواجهته بكل الاساليب والخيارات الممكنة, فقد كان يعلم تماما انه على قائمة الاغتيالات, وان الاحتلال يتحين الفرصة المناسبة لاغتياله, ورغم ذلك لم يعقه هذا عن القيام بواجبه, ولم يقيد تحركاته, ولم يمنعه من مواصلة عمله سواء في الحركة او داخل صحيفة الاستقلال او عمله في كلية العلوم والتكنولوجيا, لم يكن هاني عابد يركن الى الخطر الذي يلفه من كل جانب, ولم يكن التهديد والوعيد يقعده عن واجباته, ولم يكن الخوف يصل اليه او يسكن قلبه, كان يؤمن بالعبارة التي طالما كان يرددها, "حارس العمر الاجل", فقد كانت الحصانة الذاتية التي تصقل شخصيته تحمية من الزلل.

الشهيد البطل هاني عابد المدير العام المؤسس لصحيفة الاستقلال والذي لا زال اسمه حاضرا على صفحات الصحيفة عرفانا بجميله وتضحياته ونهجه ورسالته, كان جزء من فريق يرأسه الدكتور المعلم  فتحي الشقاقي والذي اخذ على عاتقه ارساء قواعد الاعلام الفلسطيني المقاوم والمحرض ضد الاحتلال مصداقا لقوله تعالي "وحرض المؤمنين على القتال" كان يؤمن بأمانة الكلمة وقوتها وقدرتها على تغيير العقول والمفاهيم, لذلك كان له باع كبير في اصدار الاستقلال وتصدرها للإعلام الفلسطيني المقاوم منذ العام 1994م, ولا زالت الرسالة متواصلة وفاءا لدماء الشهداء الاطهار وحرصا على استمرار نهجهم وسلوك دروبهم المعبدة بالدماء.

كلمات دلالية