خبر نهاية حزب العمل.. هآرتس

الساعة 09:27 ص|05 مارس 2009

بقلم: يسرائيل هارئيل

منذ سنوات مضت وحزب العمل يسير عن وعي وادراك نحو زواله. في اكثر من مرة كان بمقدوره ان يتوقف عن السير نحو المنفى والشتات الذي اختاره مخطئا وان يعود للصراط المستقيم. هو لم يفعل ذلك. بالعكس:- هو قاد المعسكر الذي ينادي بالفاعلية الصهيونية والواقعية السياسية من زعامة وقيادة شبه مطلقة في فترة تأسيس الاستيطان اليهودي خلال العقود الثلاثة الاولى من قيام الدولة نحو الانكماس التدريجي الذي توقف الان عند محطة الثلاثة عشر مقعدا برلمانيا.

الهزائم الثلاث المتوالية في صناديق الاقتراع خلال العقد الاخير (اثنتان منها تحت قيادة باراك) لم تنبع من الفشل الاعلامي او الادارة الرديئة للحملة الانتخابية. تخلي حزب العمل عن نهجه التاريخي في كل المجالات هو الذي ادى الى هجرانه الا من ثلة من المتسامحين من البقية الباقية من انصاره وبقايا "المباي" والمعراخ الذين اعطوا صوتهم له ليمدوه ببعض الهواء.

من كان حزبا ذو "تميز وهدف" في الساحة السياسية كرس نفسه لافكار غريبة وصرعات رائجة مخالفة لجذوره الصهيونية وطابعه الفعال والديناميكي الذي ميزه في السابق: تحليل الواقع بصورة صحيحة وايجاد حل واقعي الا انه لا يفتقد للرؤية الواضحة لمشاكل اسرائيل المعقدة. ما ان فقد حزب العمل هذه الفطرة وانضم للاشخاص والافكار الغريبة على جذوره وطابعه حتى ادار له انصار نهجه التاريخي ظهورهم.

حزب العمل تحول خلال مسيرته من وريث "المباي" النشط الى قائد للايديولوجيا التفريطية الحائرة التي ميزت الحزب الذي كان دائما على يساره:- مبام. بدلا من التنصل من نهج المبام كما فعل "المباي" في بداية عهد الدولة بتبني نهجه التصالحي وبعد (30) عاما من ذلك تحول الى خليفة له خصوصا في رفع شعار الدولة الفلسطينية واتباع خط دفاعي في الحرب ضد الارهاب.

عموما الجمهور الاسرائيلي ليس يمينيا او يساريا، هو واقعي. اغلبيته لم تنتخب اليمين السياسي في الانتخابات الاخيرة وانما من يحللون الواقع بصورة حقيقية ويقترحون وسائل واساليب واقعية لمكافحة الارهاب والتهديد الايراني والازمة الاقتصادية. فكرة الدولتين لشعبين التي طرحها حزب العمل عاليا منيت بالهزيمة ليس بسبب المعارضة الايديولوجية وانما لأن الجمهور قد تيقن ان الفلسطينيين لا يقصدون هذا الحل بالمرة الا انهم يستخدمونه لاضعاف اسرائيل من الداخل والخارج.

النفس الدفاعي ورث الديناميكية والفاعلية في حزب العمل وهو الذي ينتقص من قوة من الانتخابات الاخرى. الجلوس في المعارضة "لاعادة بناء الحزب" لن يخلص العمل من ازمته الوجودية: خطاب يحيموفيتش ودانيال بن سيمون واوفير بينس سيموقع هذا الحزب في اليسار المتطرف (عدد مقاعد ميرتس دلل على مدى شعبية هذا الخط) الامر الذي سيؤدي الى تراجع قوته اكثر فاكثر. البديل الوحيد المتبقي امامه ان اراد الحياة هو العودة لنهجه التاريخي.

الجناح اليساري المتطرف في العمل يهدد:- ان انضم باراك للائتلاف فسيكون ذلك نهاية الحزب. هذه مسألة غير مؤكدة:- الا ان البديل الاخر في ان العمل سيطرح خطا يتماثل مع ميرتس هو امر مؤكد في المقابل. حزب العمل سيخوضان الانتخابات القادمة معا وفق التوقعات وسيكون عدد مقاعدهم اقل مما يوجد لديهما منفردين. وهكذا سيدق اخر مسمار في نعش الحزبين التاريخيين المباي ومبام.