خبر البدء من جديد من دون باراك- هآرتس

الساعة 11:12 ص|04 مارس 2009

بقلم: ابيرما غولان

 (المضمون: يجب على اليسار ان يلملم نفسه من دون باراك ان اراد ان ينجح -  المصدر).

رفاق ايهود باراك في الحزب سيضطرون لازاحته عن وزارة الدفاع بالقوة. اما انه يفضل البقاء في موقع مركزي وتقسيم الغنيمة الحزبية الموجودة بيده لقسمين او مفارقة حركته القديمة التي امدته برفاص مريح للوصول للحكم. على اية حال حزب العمل نفسه سيخرج من هذه القضية اكثر الما ومعاناة.

صحيح ان باراك هو احد ضحايا انهيار حزب العمل الا انه ايضا احد العوامل التي تقف من وراء انهيار حزبه في الجولة الحالية. لم تكن هناك خطوة سياسية واحدة لم يضيعها:- اولا تعهد بالدعوة لاستقالة اولمرت بعد تقديم لائحة الاتهام ضده ومن ثم مارس التسويق في الوفاء بوعده هذا واخيرا عندما اتضح ان الدعوة لاقالة اولمرت قد صدرت عن حزبه نفسه سارع فجأة لتوجيه الدعوة للاستقالة والتوجه للانتخابات التي ركزت – من الذي يذكر – الفساد.

ولكن الجمهور ويا للخسارة لم يتأثر كثيرا بتصريحات الجالس في ابراج اكيروف العالية النبيلة وتعامل مع الانتخابات بنوع من الكسل واللامبالاة. الاستطلاعات توقعت له بالانهيار ومحاولته اليائسة لاطلاق خطاب "اشتراكي ديمقراطي" ضد "الرأسمالية الحقيرة" زعزع مصداقيته اكثر فاكثر. حتى الحرب التي لم يرغب بها اصلا وفعل كل ما بوسعه لتأجيلها والمح بعد ذلك لاختصارها – لم تمنحه الا ايام قليلة من المجد والتسامح وفي اخر المطاف اضعفت مكانته وقللت من قوة حزب العمل.

الا ان حزب العمل ازيح للهامش لاسباب اكثر اهمية وعمقا من اللعبة السياسية التي شهدناها في السنة الاخيرة. هذا الحزب لم يعد ذو صلة بالواقع منذ مدة طويلة ولم يعد له وجود سوى الاحتضار الاخير كشريك اوتوماتيكي تلقائي في كل حكم يقوم مهما كان. قادة هذا الحزب اعتادوا على البقاء في الحكومة لدرجة انهم لا يعرفون حتى كيف يتصرفون في المعارضة. اغلبيتهم اعتادوا على تمثيل خط وسطي مبهم لا يستوجب اية رؤية وفلسفة واضحة، ومن الصعب تخيلهم وهم يكافحون من اجل نهج يساري وسياسي واجتماعي واقتصادي.

ولكن ليس هناك فراغ في عالم السياسة. افول حزب العمل اصبح حقيقة راسخة من اللحظة التي انتقل فيها جزء ملموس من قادته الى كاديما. وهكذا هو الحال مع اغلبية ناخبيه التقليديين. كل هذا – تحديدا عندما كان بيرس على رأس الحزب طرح نهجا اشتراكيا وحمائميا واضحا في حقبة صقرية وليبرالية جديدة صارخة. فرصة طرح بدل فكري للسياسة التي ينتهجها منذ 1977 (باستثناء فترة رابين القصيرة) من اجل التميز المطلق عن النهج الاخر الحاد – اصبحت غير متاحة تقريبا وتلاشت كليا مع حرب لبنان الثانية.

كاديما احتل مكان حزب العمل في الخارطة ونبوءات الغضب (او الامل) التي توقعت تلاشيه عندما ينزل عن سدة الحكم لم تتحقق في ظل تحركات لفني نحو المعارضة. حيث ستشكل حكومة ظل وبديلا حقيقيا لحكومة اليمين الضيقة.

تبقى مكان فارغ واحد اذا في الجناح اليساري من الخارطة. من سيرغب في انها ضد حزب العمل – وهو لا يمكن ان يكون باراك بأي شكل من الاشكال لان باراك يميني من كل الزوايا – يجب ان تضع نصب عينيه جمهور ناخبين اخر وليس جمهور العمل التقليدي. عليه ان يتوجه مع ما تبقى من ميرتس الى اليسار والشرائح الدنيا البائسة سياسيا واقتصاديا.

هؤلاء الناس ايدوا عمير بيرتس وامدوه بـ (19) مقعدا واوصلوا ايلان غالئون للكنيست. من جبل من هذه الطينة هو وحده القادر على اقامة حركة يسارية من الاشلاء المحطمة. هذه الحركة لن تكون بديلا للحكم الا انها تستطيع ان تؤثر على السياسة وان تسهم في شفائها.