الأسير الفلسطيني ماهر الأخرس ومعركة الأمعاء الخاوية بقلم: نبيل السهلي

الساعة 01:54 م|22 أكتوبر 2020

فلسطين اليوم

يفتح الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي بين فترة وأخرى معركة الأمعاء الخاوية، من خلال إضرابهم عن تناول الطعام بغرض الضغط على إدارة السجون من أجل تحقيق مطالبهم.

وفي هذا السياق يواصل الأسير الفلسطيني، ماهر الأخرس، من بلدة سيلة الظهر جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، إضرابه عن الطعام في سجن كابلان منذ نحو ثلاثة أشهر، رفضاً لاعتقاله الإداري، كما يواصل رفض تناول المدعمات.

قضية جوهرية

مع ارتفاع وتيرة إضرابات الأسرى الفلسطينيين عن الطعام في السجون الإسرائيلية تضامناً مع الأسير ماهر الأخرس، تبرز قضية الأسرى كونها إحدى القضايا الجوهرية، فمنذ اللحظة الأولى للاحتلال سعت السلطات الإسرائيلية إلى تطبيق سياسة مبرمجة للحد من احتمالات حصول المقاومة في مواجهة الاحتلال، فكانت السجون الإسرائيلية بديل المشانق ومكان القتل الروحي والنفسي للفلسطينيين أصحاب الأرض.

ووظفت إسرائيل أدوات «القانون والقضاء الإسرائيلي» توظيفا مخالفا للقوانين والأعراف الدولية خدمة للأهداف الإسرائيلية الإستراتيجية. وتبعا للسياسات والإجراءات الإسرائيلية للحد من المقاومة الفلسطينية تم اعتقال نحو 850 ألف فلسطيني خلال الفترة من عام 1967 وحتى العام الحالي 2020 وكان من بين الأسرى آلاف من النساء والأطفال والشيوخ. ويلحظ الباحث والمتابع أن النسبة من أعلى النسب في العالم مقارنة بعدد السكان.

واللافت أن عملية الاعتقال والأسر كانت بمثابة حرب إسرائيلية على الفلسطينيين للحد من حركة الشباب الفلسطيني وبالتالي المقاومة المشروعة لهؤلاء ضد احتلال مديد طالت سياساته الأرض والسكان والثروة الطبيعية.

عمليات الاعتقال

وقد كثفت إسرائيل من عمليات الاعتقال والأسر خلال الانتفاضة الأولى 1987-1994 إذ تم اعتقال 275 ألف فلسطيني غالبيتهم من القوة النشيطة اقتصاديا المتمثلة في فئة الشباب، في مقابل ذلك اعتقلت إسرائيل 35 ألف فلسطيني خلال انتفاضة الأقصـى التـي انطـلقت في نهـاية ايـلول /سبتمبر عام 2000. ويقبع في سـجون الاحتلال خلال العام الحالي 4500 أسـير، بينهم 41 أسـيرة و140 طفـلاً، ووصل عدد المعتقلين الإداريين 340 معتقـلاً.

ويتوزع الأسرى الفلسطينيون على اثنين وعشرين سجنا إسرائيليا ومعتقلا ومعسكرا ومركز توقيف. وبالنسبة لظروف الأسر والاحتجاز، فإن عملية احتجاز الأسرى الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية تتم في سجون ومراكز اعتقال عسكرية إسرائيلية تقع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 فهناك خمسة مراكز تحقيق، وستة مراكز توقيف فضلاً عن ثلاثة مراكز اعتقال عسكرية، وعشرين سجنا مركزيا تابعا لمصلحة السجون الإسرائيلية.

وتعتبر عملية نقل الأسرى الفلسطينيين إلى سجون تقع داخل أراضي الدولة المحتلة إجراء غير قانوني مخالفا للقانون الدولي، لأن اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بالسكان المحميين تنص على وجوب قضاء السكان الذين تتم إدانتهم لفترة محكومتيهم «حكمهم» في الأراضي المحتلة، بند 48 كما أن هناك صعوبة لزيارات عائلات الأسرى نظراً للإغلاق الدائم الذي تفرضه إسرائيل ونظام التصاريح الذي يتحكم في حركة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والقدس الشرقية.

وقد منعت إسرائيل زيارات العائلة ضمنيا نظرا لإمكانية إلغاء أو وقف إسرائيل إصدار تصاريح للعائلات الراغبة في زيارة أبنائها في السجون الإسرائيلية من الضفة الغربية وقطاع غزة في الوقت الذي تحدده.

ومن سياسات الاحتلال الإسرائيلي الجائرة اعتقال الفلسطينيين حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية، حتى ثمانية أيام دون إعلام المعتقل عن سبب اعتقاله أو إحضاره أمام قاض.

أنواع التعذيب

وقد أدت هذه السياسات وظروف الأسرى البائسة إلى تحركات وإضرابات متكررة عن الطعام منذ عام 1967 وقد استشهد نتيجة ذلك عشرات الأسرى.

وحسب تقارير فلسطينية حقوقية، يواجه الأسرى الفلسطينيون أقسى أنواع التعذيب والاعتداءات المتعددة منذ لحظة اعتقالهم وأثناء خضوعهم للاستجواب والتحقيق.

ويمكن الجزم أن 80 في المائة من مجمل المعتقلين تعرضوا للتعذيب القاسي والإساءة من قبل المحققين والجيش الإسرائيلي، وأن الاعتداء على الأسرى داخل السجون وفرض عقوبات قاسية عليهم قد تصاعدت مع تفشي وتفاقم العنصرية الإسرائيلية، ولهذا ارتفعت وتيرة عمليات العنف تجاه المعتقلين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، إذ جرى الاعتداء على المعتقلين باستخدام قنابل الغاز والقنابل الصوتية والحارقة.

من المهم الإشارة إلى أن سنوات الانتفاضة الأولى التي انطلقت عام 1987 وسنوات الانتفاضة الثانية التي انطلقت عام 2000 كانت من أصعب المراحل التاريخية التي تعرض فيها الشعب الفلسطيني لعمليات اعتقال عشوائية شملت الآلاف من أبنائه وبناته بغرض الحد من الفعاليات الشعبية واجتراح سبل لمواجهة الجلاد والمحتل الإسرائيلي.

وقد قدر عدد حالات الاعتقال اليومية التي حدثت في المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية بين عشر حالات وثلاثين حالة اعتقال يومياً، وهي نسبة عالية جداً مقارنة بالسنوات التي سبقت اندلاع الانتفاضتين.

ويبقى القول أن السجون الإسرائيلية تحقق هدفين للإسرائيليين، فهي عبارة عن عقاب جماعي لأهالي الأسرى عبر منع زيارتهم الدورية، وعقاب فردي من خلال استخدام العنف والعزل للأسرى في الزنازين ومراكز التوقيف، وبهذا ستبقى معركة الأمعاء الخاوية ضد السجان والمحتل الإسرائيلي عنوان المعركة المفتوحة منذ عام 1967 حيث سقط خلالها العشرات من الشهداء من الحركة الأسيرة على مذبح الحرية.

كلمات دلالية