مراوحة في المصالحة: خلاف داخلي "فتحاوي"..وصراع انتخابات الرئاسة

الساعة 11:41 ص|21 أكتوبر 2020

فلسطين اليوم

على الرغم من أن التفاؤل بالتوصل لاتفاق ينهي حالة الانقسام كان كبيراً هذه المرة، بسبب الظروف المحيطة بالقضية الفلسطينية برمتها ورغبة الجميع بالوقوف صفاً واحداً أمام كافة التحديات خاصةً التطبيع، إلا أن خلافات فتحاوية داخلية كانت كفيلة بتوقف عجلة المصالحة.

فأقل من شهر على اتفاق "فتح-حماس" للذهاب إلى إتمام المصالحة والقيام بـإجراءات سريعة لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني على مبدأ الانتخابات بالتوافق والمشاركة دون المغالبة، لتعود الخلافات داخل «فتح» وتعيق المسار.

تقول مصادر في الحركة، لـ«الأخبار»، إن خلافات نشبت داخل «اللجنة المركزية» الأسبوع الماضي أدّت إلى توقف المصالحة على رغم استمرار الحوارات مع «حماس»، وخاصة بعد معارضة رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، ومسؤول ملف المصالحة عزام الأحمد، خطوات القيادي جبريل الرجوب الأخيرة.

الخلافات بين القيادات «الفتحاوية» مردّها اعتبار البعض أن المصالحة ستؤدّي إلى تسليم جزء لا يستهان به من السلطة و«منظمة التحرير» لـ«حماس»، فضلاً عن أن التصالح مع الحركة حالياً، وبالطريقة التي جرت في إسطنبول الشهر الماضي، يُغضب المصريين الذين لدى «فتح» مصلحة كبيرة حالياً في علاقة جيدة معهم، وخاصة أن «القاهرة هي الداعم الأهمّ للسلطة»، وفقاً لفرج.

مع ذلك، تقول المصادر إن السبب الأهمّ في هذه الخلافات هو قضية خلافة رئيس السلطة، محمود عباس؛ إذ يرى رئيس المخابرات أن المصالحة التي يقودها الرجوب ستعزّز فرص الأخير في خلافة عباس، بل إمكانية قبول «حماس» إيّاه مرشّحاً عن «فتح» بعد عباس، كما أن المصالحة ستقوّض مساعي فرج في أن يكون القيادي الأول في الحركة بعد «أبو مازن»، تقريباً كما كانت حال الأخير في الأيام الأخيرة للرئيس الراحل ياسر عرفات. هذه الخلافات انتقلت خلال اليومين الماضيين إلى وسائل الإعلام، ففي الوقت الذي حمّل فيه الأحمد «حماس» مسؤولية تعطيل المصالحة، متّهماً إياها بأنها لم ترسل ردّها في شأن الانتخابات، أقرّ الرجوب بوجود «عوائق في طريق المصالحة»، مستدركاً: «سنتجاوز هذه العوائق، ثمّ سيكون هناك حوار شامل بين الفصائل كافة لصياغة المستقبل».

لكن طبقاً لمصدر في «حماس»، تتلخّص عقدة المصالحة الأخيرة في أن الحركتين توافقتا خلال «تفاهمات إسطنبول» على تجهيز اتفاق شامل حول مختلف القضايا، ثمّ الذهاب إلى الانتخابات كبوّابة لإنهاء الانقسام، وأن يُعرض هذا الاتفاق على الفصائل، ومعه تَصدر مراسيم بالانتخابات، لكن «تغيّراً في موقف بعض قادة اللجنة المركزية لفتح دفعهم إلى المطالبة بإرسال موافقة حماس على الانتخابات قبل عرض ما اتُّفق عليه على الأمناء العامين».

وبالتزامن مع تصريحات الأحمد وآخرين من «المركزية»، قال الرجوب: «ما تمّ الاتفاق عليه لم يَظهر أيّ خروج عنه أو تجاوز... سنواصل العمل وفق مخرجات اجتماع الأمناء العامين الذي عقد برئاسة عباس، وتفاهمات إسطنبول».

 هكذا، لا تزال تصرّ «فتح» على إرسال «حماس» كتاباً باسمها إلى عباس لإصدار مراسيم الانتخابات، وهو ما ترفضه الأخيرة حتى اللحظة، قائلة على لسان المتحدث باسمها عبد اللطيف القانوع: «نحن ننتظر انعقاد مؤتمر الأمناء العامين للفصائل لوضع الحوارات على الطاولة والاتفاق على ما تمّ التفاهم عليه في حوارات إسطنبول مع فتح».

كما تصرّ «حماس» على التوافق على تفاصيل الانتخابات كافة وترتيب البيت الداخلي عبر اتفاق شامل، قبل الانتخابات. وهي تريد، أيضاً، الاتفاق على الأساس الذي ستقوم عليه الانتخابات، والجدول الزمني لها، والبدائل المطروحة منها في حال محاولة الاحتلال إعاقتها، إلى جانب التوصّل إلى صيغ تقاسم ومشاركة دون مغالبة بين الفصائل.

كذلك، تطالب الحركة، «فتح»، بتهيئة الأجواء للمصالحة، وذلك بخطوات من قبيل وقف العقوبات على قطاع غزة، وخاصة على الموظفين، وإنهاء التمييز بين غزة والضفة. وهذا كلّه ردّ عليه الرجوب بالقول إن القطاع «بحاجة إلى سرعة في إنجاز الحوارات لتطبيقها على الأرض»، مشيراً إلى نيّة تشكيل لجنة وطنية لإنهاء مظاهر التمييز «تحت قاعدة المساواة".

هذا الأمر أكده مصدر مسؤول في “حماس” إن عددا من اللقاءات التي جمعت فتح والحركة سواء في تركيا أو لبنان كان لها هدف واحد وهو وضع نهاية للخلافات والمنافسات، وفتح فصل جديد مشترك قائمة على الشراكة.

وقال المسؤول الحمساوي وهو مسؤول أمني رفيع المستوى مقرب من رئيس مكتب حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، إن الجميع أبدوا خلال تلك اللقاءات توافقهم على ضرورة إجراء انتخابات، لكن فتح لا تتحدث سوى عن انتخابات تشريعية وليس انتخابات رئاسية، وفتح في الواقع تريد تجديد المدة الرئاسية لأبو مازن (الرئيس محمود عباس)، في حين أن حماس تدفع من أجل انتخابات قائمة على مبدأ التمثيل النسبي.

وأضاف خلال مقابلة أجرتها الصحفية سميرة ديلا ونشرها موقع “ميديابار” الفرنسي وتنشرها “الغد” حصريا باللغة العربية أنه علاوة على ذلك، يبدو أن هناك خلافات داخل حركة فتح فيما يتعلق بعلاقتها في مجملها مع حماس، مضيفا أن ذلك يظهر جليا في تغريدات مسؤولين فتحاويين على “تويتر”.

وبشأن المباحثات بين فتح وحماس، قال إن أبو مازن أسند لكل من حسين الشيخ وجبريل الرجوب، القيادة الرئيسة للحوار معنا، في حين أن ماجد فرج وعزام الأحمد يتبنيان موقفا معارضا لما يحدث مع “حماس”.

وبين أنه ربما من الحذر التذكير بأن فتح اقترحت على حماس وضع قائمة مشتركة للانتخابات التشريعية المقبلة، ولم ترد حماس في هذا الشأن حتى الآن، غير أن الحركة في غزة معترفة بجميع الجهود التي يتم بذلها من أجل الوصول إلى مصالحة محتملة، وخلال التقاربات الأخيرة بين فتح وحماس، قد واجهتنا مشكلات مختلفة مع الفصائل والحركات الفلسطينية الأخرى، إلا أننا تحدثنا معهم لأننا نتمنى في الحقيقة الوصول إلى وحدة وطنية فلسطينية، يمكنها أن تشمل جميع الفصائل السياسية وتمثل جميع الشعب.

كلمات دلالية