بعد وضعهم على القائمة السوداء

تقرير البنك العربي يُحارب الأسرى وعائلاتهم ويُجمد حساباتهم

الساعة 12:54 م|01 أكتوبر 2020

فلسطين اليوم

قبل نهاية شهر أغسطس/آب الفائت استدعى مدير فرع البنك العربي في منطقة العيزرية شرق مدينة القدس المحتلة، زوجة الأسير "أيمن الشرباتي" وأبلغها أن حساب زوجها من ضمن 94 حسابات لأسرى وضعت على "القائمة السوداء"، وسيتم تجميدها.

هذا القرار شَكَل صدمةً لعائلة الشرباتي، الذي قضى 23 عاماً في سجون الاحتلال، من أصل 100 عام هي سنوات حكمه، وسنوات من المعاناة للزوجة والأبناء الأربعة الذي كان أكبرهم حين اعتقاله خمس سنوات وأصغرهم جنينا لم يرى النور بعد.

وتجميد الحساب يعني للعائلة عدم حصولها على الراتب الشهري المقرر لها من قبل هيئة شؤون الأسرى والمحررين كما باقي عائلات الأسرى.

يقول علاء، أكبر أبناء الأسير الشرباتي الأربعة:" بعد 23 عاماً من النضال المستمر لوالدي في السجون، ومعاناتنا نحن الذين عشنا بدونه يكافئه مصرف فلسطيني بوضعه على قائمة العار بدلاً من قائمة الشرف التي يستحقها".

وتحدث علاء، أيضاً عن معاناة مستمرة منذ اعتقال والده وحتى الآن للعائلة التي لم تجد مُعيل لها بعد اعتقاله سوى هذا الراتب، مشيراً إلى أن البنك أوقف صرف الراتب الذي تديره والدته منذ أربعة أشهر ولكن في الشهر الأخير أخبرها بشكل مباشر بتجميد الحساب.

وتابع:"هذا الراتب حق لنا ولكل عائلات الأسرى التي بغياب معيلها لا تجد غيره ليحفظ كرامتها بالعيش الكريم، يمكن أن نكون نحن أبناء الأسير أيمن كبرنا ونعتمد على أنفسنا الآن، ولكن هناك مئات العائلات التي ستعيش تجربتنا عندما أعتقل أبي ونحن أطفالا ولم نجد معيلا لنا".

ولعل المهمة الأصعب كانت لعلاء ووالدته إبلاغ والده في السجن بهذا القرار:"هذا القرار اغتيال معنوي للأسرى، فمن يوضع على هذه القوائم هم تجار المخدرات والمجرمين ليس من دفع بدمائه وسنوات عمره ثمناً لتبنى هذه المؤسسات المصرفية والبنوك في بلاده" قال.

وطالب علاء بتدخل واضحٍ من قبل السلطة الفلسطينية بوقف قرار البنوك، والتي تعمل على الأرض الفلسطينية، وتحت إشراف وإدارة سلطة النقد ولا يحق لها التصرف كأنها " تعمل تحت سلطة الإدارة المدنية الاحتلالية" كما قال.

تجميد حسابات 94 أسيراً

ليس فقط عائلة الشرباتي، ف94 عائلة أسير تضررت بقرار البنك بتجميد حساباتهم التي تتلقى من خلالها رواتبهم الشهرية التي تعتمد عليها كمصدر رزق أساسي لها، وخاصة الأسرى المحررين بعد سنوات طويل من سجون الاحتلال.

الأسير المحرر ناجي أسعد الأشقر، من مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، تحرر في نهاية شهر تموز من العام الحالي بعد إعتقال دام 18 عاما متواصلة، وكان يخطط الزواج وبدء حياة جديدة بمساعدة راتبه الذي يتلقاه شهريا، ولكن هذا المخطط اصطدم بقرار البنك الذي أوقف صرف راتبه منذ خروجه وحتى الآن.

يقول الأشقر:" أتلقى راتبي على حساب يديره والدي طوال هذه السنوات في البنك العربي وبعد خروجي من السجن كنت اراجع البنك لسحب الراتب ولكن البنك أوقف الراتب".

وبحسب الأشقر فإن هذا الراتب يعيله هو ووالدته ووالده، وعدم صرفه يعني عدم تمكنه من استمرار حياته:" كلما فكرت في الوضع الذي وصلنا إليه، كيف أصبحت عالة على أشقائي بعد هذه السنوات في السجون".

وكان البنك العربي رفض في السابع من شهر أيلول/ سبتمبر الفائت أستلام حوالة رواتب لـ 94 أسيرا ومحررا، وإعادتها لحساب وزارة المالية، بعد تجميد حساباتهم. وسبق هذه الخطوة عدم صرف هذه الرواتب لثلاثة أشهر أيضا.

وبحسب مصادر خاصة، فإن البنك تلقى استشارة قانونية من طاقم محاميه بوقف هذه الحسابات وتجميدها، وخاصة في ظل المعركة القانونية بين إدارة البنك والاحتلال على قضية رفعها نشطاء من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية يتهم فيها البنك العربي بإدارة حسابات لنشطاء حماس، وتطالب بتعويضات تصل ل20 مليون دولار.

الحلول متاحة

ولكن هذا السبب بحسب رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، لا يعطي إدارة البنك الحق بتجميد الحسابات، وقال:" نحن مع البنك في هذه المعركة ولكن الأصل أن لا تكون على حساب الأسرى ورواتبهم.

وتابع:" نرفض أن يتم التعامل مع قطع الأسرى والمحررين والشهداء والجرحى باعتباره قطاع يحتاج لإجراءات استثنائية نحن مواطنون طبيعين ولدينا كافة الحقوق وعليه يجب أم يوائم كافة المؤسسات هذه الحقيقية سواء مؤسسات مصرفية ومجتمعية يجب أن تعرف أن هذه الفئة مستهدفة من قبل الاحتلال ويجب علينا أن نكون سندا لهم، حتى لا يستفرد بهم الاحتلال وينال من حقوقهم وحقوق عائلاتهم".

وبحسب قدورة، فإن هذه الوقفة الاحتجاجية ليست ضد بنك بعينه وإنما يجب على المنظومة المصرفية بأكملها أن تتخذ قرارا تنتصر فيه للأٍسرى وقضيتهم.

وعن الحلول المطروحة، قال فارس:"من المقرر أن تجتمع جميع الأطراف في العشر أيام الأولى من الشهر القادم من أسرى محررين و مؤسسات الأسرى و جمعية البنوك والحكومة ووزارة المالية، لمناقشة الحلول المطروحة، والمفاضلة بينها لاتخاذ الحل المناسب."

من جهته، أوضح الأسير المحرر والمتابع لقضايا الأسرى عصمت منصور، والذي عاش ظروف الأسير المحرر بعد 20 عاماً في السجن، أنه كان ما يتلقاه من راتبه سنداً له ليبدأ حياته من جديد ويحاول أن يلحق بأبناء جيله في الحياة العادية.

وقال:" عندما يتحرر الأسير بعد سنوات طويلة من الأسر يشعر بفجوة كبيرة وتظهر أمامه تحديات لم يكن يتخيلها في السجن، والمتطلبات الثانوية لحياته تصبح وجودية له، ولا يوجد سوى هذا الراتب ليتكأ عليه ليتجاوز كل ذلك".

وأشار منصور إلى أن صدمة الأسرى والمحررين كانت كبيرة بقرار البنك العربي، فحتى لو كانت له مبرراته كان يجب أن يراعي قيمة الأسرى وتعزيز صمودهم، وأن لا يتعامل بهذه الطريقة البوليسية وما تحمله من تحقير للأسرى ونضالاتهم، والبحث عن حلول لا أن يغلق كافة الأبواب أمامهم.

وقفة الأسرة 1
وقفة الأسرى 3
وقفة الأسرى 4
وقفة الأسزى 2
 

 

كلمات دلالية