خبر تصاعد الأصوات الإسرائيلية المطالبة بعملية « رصاص مصبوب -2 » في غزة

الساعة 02:10 م|02 مارس 2009

فلسطين اليوم : ترجمة خاصة

بعد حوالي شهر ونصف الشهر على انتهاء الحرب على غزة, بدأت تسمع في إسرائيل أصوات عديدة تطالب بشن حرب عدوانية ثانية على القطاع تحت مسمى "الرصاص المصبوب-2", وذلك بدعوى أن "طريقة عمل الحكومة الحالية برئاسة أيهود أولمرت" تؤدي إلى "ضياع انجازات العملية المذكورة (الحرب)".

وتظهر هذه الأصوات أولاً في الجيش الإسرائيلي والمخابرات, ولكنها تصدر أيضًا عن قوى أخرى من "مثيري الحروب" وتجار الحرب في إسرائيل ومعهم جوقة كبيرة من الصحافيين والمحللين المعروفين بقربهم من تلك القوى.

ويكتب أليكس فيشمان, المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت", مقالاً معبراً عن مواقف تلك القوى بصراحة كبيرة, فيقول: " عملية "الرصاص المصبوب" (الحرب في غزة) أديرت بشكل جيد وانتهت بشكل سيء, من دون أي اتفاق، وهكذا, وبعد شهر ونصف الشهر من العملية, ينظرون في الجيش بعيون حزينة كيف تتبخر انجازات العملية العسكرية شيئاً فشيئاً, كما لو أننا لم نكن هناك".

ويتابع القول:" فحماس تقف على قدميها في حالة إنعاش, الصواريخ عادت تتطاير باتجاه إسرائيل كسابق عهدها, والحكومة عندنا تمتنع عن اتخاذ القرار, ترسل أنظارها إلى السماء وتنتظر حصول عجيبة، ليس شللاً سياسياً كاملاً فحسب, بل أيضا خرساء، حتى أن وزراءنا لم يعودوا يهددون".

ويضيف فيشمان:" إن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تعرف ما الذي تريد تحقيقه. لا تعرف إذا كانت تريد وقف إطلاق الصواريخ بالقوة أو باتفاق. أدخلت نفسها في عقدة, عندما ربطت بين صفقة تبادل الأسرى وبين التهدئة, وأعدت لنفسها خطة للصفقة ولم تعرف كيف تنهيها. وبما أنها تفتقر إلى سياسة واضحة, فإنها تمتنع عن إصدار التعليمات المناسبة للجيش حتى يعد خطة مناسبة لكي يجابه استئناف إطلاق الصواريخ.  باختصار ينتظرون بيبي (يقصد بنيامين نتنياهو".

"ولكن على الأرض لا يوجد فراغ - يتابع فيشمان - المعابر (حول قطاع غزة) مغلقة, لا يوجد اتفاق, ولا يوجد ثمن جدي لمواصلة المساس بإسرائيل, ولذلك فإن "حماس" تصعد من إطلاق الصواريخ، فالمشاكل التي تهملها لا تختفي، بل تزداد حدة، التوصل لاتفاق بعد العملية العسكرية هو الأمر الطبيعي الذي يثبت انجازاتها ويحقق وقف إطلاق الصواريخ على البلدات الجنوبية".

ويكتب فيشمن أن "المنطق وراء الحرب العدوانية على قطاع غزة كان مرتكزاً على مسارين, هما: أولا - توجيه ضربة قاسية إلى "حماس" وإعادة قوة الردع وثانيًا - دحر "حماس" إلى زاوية تجعله مربوطا بك. أنت تلوي ذراعها وتضغط حتى تطلب منك أن تتوصل إلى اتفاق معها، وهذا المسار الثاني, كان من المفترض أن ينفذ في قناة التهريب, التي هي شريان الحياة بالنسبة لحماس، وهذا لم يحصل، القيادة السياسية اكتفت بالمسار الأول".

ويقول فيشمان - وبقوله هذا يعبر عن مواقف العديد من قادة الجيش-:" كان على القيادة السياسية أن توجه الجيش لكي يصون قوة الردع ولا تسمح لـ"العدو" أن ينهض عن أرض الحلبة قبل التوصل إلى اتفاق".

ويستطرد في القول:" في الواقع, كان قادتنا يهددون بالكلام انه إذا تجرأت "حماس" وأطلقت صاروخا واحدا بعد انسحاب قوات الجيش من غزة سوف نحطمه، ولكن وكما حصل في سنة 2000 عندما انسحبنا من لبنان وفي سنة 2005 عندما انسحبنا من غزة , حصل في سنة 2009 أيضاً, كانت تهديداتنا فارغة المضمون".

ويذكر فيشمان, :"انه في البداية عندما أطلقت حماس الصواريخ, كانت تعتذر وتدعي أن هذه ليست صواريخها، ولكنها الآن لم تعد تعتذر. إنها تطلق. وتوضح  لنا: "إذا لم تفتحوا المعابر باتفاق أو من دون اتفاق, فإننا سنمحو كل ما تقولون إنكم حققتموه من انجازات".

ويضيف باسم هؤلاء العسكريين,:" انه في غياب الاتفاق, كان يجب أن يكون الرد الطبيعي للجيش بتوجيه ضربات مؤلمة لتعزيز الردع: بدءاً بتنفيذ عدد من الاغتيالات وعبر القصف الجوي لعدة أهداف في قلب غزة وحتى عمليات اجتياح محدودة، ولكن, بدلاً من ذلك, حصلنا على غارات جوية صورية على  الأنفاق".

ولفت إلى أن ذلك هي طريقة "اللف" الإسرائيلية التقليدية الهادفة إلى تهدئة الجمهور، وبدلا من أن يعلن رئيس الحكومة أو وزير الجيش أن إسرائيل تستعد لعملية "رصاص مصبوب" ثانية, ينشغل القادة السياسيون في حزم الحقائب والقيام بألاعيب حزبية في إطار حرب البقاء.

ويشير الكاتب إلى أنه بالمقابل تبدو الصورة أفضل في الطرف الفلسطيني حيث باتت إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية أقرب من أي وقت, حيث أقيمت في القاهرة خمس لجان مشتركة ما بين "حماس" و"فتح"، وحسب الأنباء غير المؤكدة الواردة من ممرات الاجتماعات في القاهرة, فإن الطرفين اتفقا على اختيار سلام فياض ليكون رئيس حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية القادمة.