بعد صمت استمر شهورا عاد السفير الأمريكي الصهيوني المستوطن ديفيد فريدمان إلى إطلاق تصريحاته العنصرية الأكثر تطرفا من أقصى اليمين في المؤسسة الاسرائيلية.
وفي آخر تصريحاته وردا على سؤال من صحيفة «اسرائيل هيوم» المقربة من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عما إذا كانت الإدارة الأمريكية تفكر بتنصيب محمد دحلان الموجود في الإمارات، كزعيم فلسطيني جديد، قال فريدمان «نحن نفكر في ذلك رغم أنه ليست لدينا مصلحة في هندسة القيادة الفلسطينية».
وأكد أيضا ردا على سؤال إن كان تطبيق مخطط السلب والنهب المعروف بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة لا يزال قائما، أضاف «أعتقد أن هذا سيحدث. كانت لدينا عقبات بسبب كورونا والصعوبات الدبلوماسية في تحفيز السيادة، ثم سنحت الفرصة مع دولة الإمارات. وكان الاستنتاج أنه حتى لو اعتقدنا أن السيادة هي الخطوة الصحيحة، فإن الأعلام الإسرائيلية ترفرف حاليًا في (مستوطنات) غوش عتصيون وبيت إيل ومعاليه أدوميم، ووفقًا لرؤيتنا للسلام، سيستمرون في التحرك هناك، لذلك حتى لو كانت السيادة جيدة، فالسلام فوق كل شيء».
ويعتقد فريدمان ان الصراع العربي الإسرائيلي يقترب من نهايته في أعقاب توقيع اتفاقيتي التطبيع بين إسرائيل ونظامي أبو ظبي والبحرين .وتابع «وصلنا إلى بداية نهاية الصراع العربي الإسرائيلي ولسنا بعيدين عنها لأن العديد من الدول ستنضم قريبا. عندما يهدأ الغبار، في غضون أشهر أو سنة، سنصل إلى نهاية الصراع العربي الإسرائيلي» .
وجاء الرد على فريدمان على لسان أكثر من مسؤول فلسطيني، وقاد حملة الرد الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، فقال إن سياسة التهديد والضغوط المستمرة ومحاولات الابتزاز الأمريكي للرئيس محمود عباس والقيادة، سيكون مصيرها الفشل.
وأضاف «شعبنا الفلسطيني هو وحده من يقرر قيادته وفق الأسس الديمقراطية التي أرستها منظمة التحرير الفلسطينية في الحياة السياسية الفلسطينية، وليس عبر التهديد والوعيد وسياسة الابتزاز الرخيصة التي يحاول سفير أمريكا لدى إسرائيل من خلالها الضغط على قيادة الشعب الفلسطيني».
وتابع: «الحملات المشبوهة والمؤامرات الهادفة لتصفية قضيتنا الوطنية، وفي مقدمتها قضية القدس ومقدساتها، والهجمة على رموز شعبنا الفلسطيني لا قيمة لها، وإن شعبنا هو الذي سيرسم خريطته، ويختار قيادته التي تحافظ على حقوقه الوطنية وثوابته التي لن نحيد عنها».
وكان محمود الهباش قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، أكثر حدة، ووصف فريدمان بـ«شخص مخبول وبالشيطان الرجيم». وقال «يكاد أن تبلغ به السفاهة والتوهم الغبي أن يقول للناس كما قال فرعون لقومه: أنا ربكم الأعلى».
الى ذلك أعلن سفير فلسطين لدى الاتحاد الاوروبي عبد الرحيم الفرا، أن هناك توجها لدى دول أوروبية للاعتراف بدولة فلسطين.
وأكد في حديث للإذاعة الفلسطينية الرسمية، على أهمية المواقف الرسمية الأوروبية التي أكدت أنه لن يكون هناك سلام ولا أمن ولا استقرار إلا بحل القضية الفلسطينية وفقا لمبدأ «حل الدولتين» .
وقال الفرا «إن هذه المواقف تشكل رسالة إيجابية، لكن يجب أن تكون هناك خطوات ملموسة وفعلية، أهمها اعتراف دول الاتحاد الاوروبي بالدولة الفلسطينية» مؤكدا وجود توجه لدى العديد من الدول الاوروبية لتبني هذه الخطوة.
وفي السياق ذاته، اعتبرت اللجنة المركزية لحركة (فتح) تصريحات فريدمان، "تدخلا سافرا بالشؤون الداخلية الفلسطينية".
وقالت اللجنة في بيان إن "هذا التدخل يؤكد على خطورة مخططات إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، ويعكس مدى انزعاج هذه الإدارة من الموقف الصلب للرئيس عباس".
وتابعت: "دحلان مفصول من فتح منذ العام 2011، ومدان بقضايا ومتهم بجرائم ومطلوب للقضاء الفلسطيني والشرطة الدولية، ويُستعمل للتدخل بالشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية والإقليمية".
ويُعد فريدمان من المقربين جدا من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بحسب تقارير إسرائيلية وأميركية.
من جانبه، أدان رئيس الحكومة، محمد اشتية، تصريحات فريدمان، وذكر في بيان، أن "تلك التصريحات وإن تم التراجع عنها لاحقا بادعاء ورود خطأ في الاقتباس منها، إنما تأتي في إطار مخطط أميركي إسرائيلي لا يخفى على أحد، يتورط فيه بعض العرب وتفضحه الشواهد والمواقف والسياسات التي تستهدف المس بشرعية الرئيس محمود عباس، بسبب صموده وشجاعته في الدفاع عن حقوق شعبه، ورفضه الخضوع للإملاءات الأميركية الإسرائيلية، والضغوطات التي تمارسها بعض الدول العربية لحمله على القبول بمقايضة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني بالمال".
وقال اشتية: "إن الرئيس محمود عباس هو رمز الشرعية النضالية المنتخب، وإن الشعب الفلسطيني وحده من يقرر اختيار قيادته، وانتخاب رئيسه ومن يمثلونه في انتخابات حرة نزيهة، كتلك التي تم فيها اختيار الرئيس محمود عباس قائدا مؤتمنا على حمل الأمانة التي قضى من أجلها الشهيد الخالد ياسر عرفات".
واعتبر اشتية أن تصريحات فريدمان بمثابة إفلاس سياسي، تعكس المدى الذي بلغته غطرسة الإدارة الأميركية بقيادة ترامب تجاه الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وقيادته المنتخبة، مستفيدة من تورط بعض العرب في مخططاتها تلك، وإنها تكون واهمة إن هي اعتقدت أن بإمكانها فرض إرادتها على الشعب الفلسطيني الذي لن تزيده تلك التصريحات إلا تمسكا برئيسه المنتخب والتفافه حول قيادته الشرعية، حتى إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس، وحق العودة للاجئين وفق القرار الأممي 194".
فيما علق محمد دحلان عضو المجلس التشريعي على تصريحات السفير الأمريكي لدى إسرائيل وقال في منشور له على صفحته الشخصية في فيسبوك: من لا ينتخبه شعبه لن يستطيع القيادة وتحقيق الاستقلال الوطني وأنا محمد دحلان كلي إيمان بأن فلسطين بحاجة ماسة الى تجديد شرعية القيادات والمؤسسات الفلسطينية كافة.
وأضاف: ذلك لن يتحقق إلا عبر انتخابات وطنية شاملة وشفافة ولم يولد بعد من يستطيع فرض إرادته علينا، وإذا كان ما نسب للسفير الأمريكي لدى دولة الإحتلال صحيحا، فذلك لا يزيد عن كونه تكتيكا مخادعا هدفه إرهاب البعض وزعزعة الجبهة الداخلية وأتمنى من الجميع أن لا نقع في شرك مثل هذه التكتيكات المهندسة بدقة، ولنعمل معا لاستعادة وحدتنا الوطنية والاتفاق على ثوابتنا الوطنية ووسائل تحقيقها، فلا شيء يستحق الصراع حوله داخليا، وكل القدرات والطاقات ينبغي أن تكرس وجوبا لتحرير وطننا وشعبنا العظيم .