قدمت ثلاث نصائح

شابة غزية متعافية من كورونا تروي تجربة مثيرة للتخلص من الفيروس

الساعة 08:53 م|12 سبتمبر 2020

فلسطين اليوم

قلب فيروس كورونا المستجد (كوفيد_19) الموازين في العالم منذ بداية ظهوره في ووهان الصينية أواخر العام الماضي، فأثار الهلع والرعب بين الناس، ولكن وسط كل هذا القلق الكبير هناك قصص تبث الإيجابية وتدعو للتفاؤل عن أشخاص قهروا المرض، فاستطاعوا أن يتخطوا الأزمة بخطى واثقة وصولاً إلى برِ الأمان.

وما يثير الخوف في قلوب الناس هو الأخبار المتداولة حول انتشار فيروس كورونا، وعدد الإصابات والوفيات بشكل يومي، غير أن هناك ما يدعو للتفاؤل تبعا للحقائق الإيجابية التي يتم إهمالها في ظل التركيز على الجانب الكارثي للجائحة العالمية، في السطور القادمة نسلط الضوء على قصة متعافية من فيروس كورونا.

ديما وما أدراكم ما ديما؟!

الشابة ديما نصر مراد (عشرون عاماً) إحدى المتعافيات من فيروس كورونا، إذ استطاعت أن تقهر المرض، وأنْ تتخطى الأزمة بخطى واثقة.

ديما لم تكن تتوقع يوماً أن تكون واحدة من المصابات بفيروس كورونا (كوفيد_19)، إذ كانت هي وعائلتها تلتزم ببعض الإجراءات الوقائية، مثل التباعد الاجتماعي، والمحافظة على التعقيم الدوري لليدين، وتحرص أنْ تبتعد عن الأشخاص الذين يبدو عليهم الإعياء، غير أنَّ قدر الله النافذ أن تكون إحدى المصابات بالفيروس، نتيجة احتكاكها بإحدى الإصابات قبل أن يعلن بانتشار الفيروس داخل المجتمع الغزي.

وشعرت ديما بأعراض الإصابة بفيروس كورونا عندما خالطت إحدى زميلاتها في حفلٍ للخريجين الجامعيين، إذ شعرت بعد أربع أيام من المخالطة بإعياء شديد، ففقدت حاستي التذوق والشم، إلى جانب ارتفاع درجة حرارتها، فكان من واجب والديها أن بلغوا الجهات المختصة عن حالة ابنتهم.

"الحمدلله رب العالمين".. هي الكلمة التي نطقت بها ديما فور علمها أن نتيجة فحص PCR إيجابية، بل أن معنوياتها العالية وثقتها الجامحة بأنها قادرة على تخطي تلك الازمة جعلها تخفف من حجم التوتر الذي رافق حالة عائلتها في تلك اللحظات العصيبة.

تقول ديما: "عندما تبين لي أنَّ نتيجة المسحة (إيجابية) شكرت وحمدت الله على هذا الابتلاء، وتقبلت الموضوع بكل أريحية، وكنت واثقة أنني قادرة على تخطي تلك الأزمة، وخرجت من منزلي إلى حيث الحجر الصحي، وذلك خوفاً على صحتهم، أو إصابتهم بالفيروس، وكنت أعزز من ثقتي بنفسي ومن معنوياتي في تلك اللحظات، العامل الأهم بالنسبة لي في تلك اللحظات هو يقيني بالله أنني سأتخطى تلك الأزمة".

وتروي ديما مواقف مشرفة لتعامل الجهات المختصة معها ومع عائلتها لدى تأكد إصابتها بفيروس كورونا، إذ تقول: "تعاملوا معنا بكل ود واحترام ومسؤولية، واتخذوا الإجراءات المناسبة، لضمان الحفاظ على سلامتنا، كانوا حريصين علينا بشكل كبير".

وتضيف: "داخل الحجر الصحي الذي مكثت فيه حوالي 17 يوماً، كان أيضاً تعامل الجهات المختصة راقي ومميز، وكانت الجهات المسؤولة تقدم لنا الماء والطعام، وكانوا دائماً يسألونا عن أوضاعنا الصحية".

وهمستْ ديما همسة عتاب في اذن الجهات المختصة، إذ اشارت إلى انَّ الضغط الذي تعاني منه الجهات المختصة انعكس على جودة الطعام المقدم، وقلة الفيتامينات، قائلةً: كانت بعض الوجبات رديئة، وكانت الفيتامينات المقدمة قليلة جداً، لكن ما ساعدني إرسال أهلي فيتامين C .

وأضافت: التقصير الموجود قد يعود إلى الضغط الذي تعاني منه الجهات المعنية والمختصة، ولابد من أنْ تتفهم الجهات المختصة حاجة المريض إلى طعام جيد، وفيتامينات كثيرة، ولابد للمصابين أن يتفهموا الضغط الواقع على الجهات الصحية".

العزل.. عندما يتحول لفرصة!

وتذكر ديما أنها استثمرت أيام العزل الصحي، إذ قضتها ما بين قراءة القرآن، والصلاة، والصيام، وقراءة بعض الكتب الثقافية، لزيادة الثقافة والمعرفة.

وترى ديما أن دور الأهل والأصدقاء في تدعيم الحالة النفسية واحد من الأسباب الرئيسية التي جعلتها تتخطى تلك الأزمة، مشيرةً إلى انَّ الدعم المعنوي من قبل الأهل والأصدقاء من خلال المكالمات، والتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان له الأثر الكبير في تحسن صحتها.

3 نصائح ذهبية

ووجَّهت ديما سلسلة من النصائح للمصابين بفيروس كورونا وإلى الناس في غزة، كانت أولها، ضرورة الاهتمام وتعزيز الحالة النفسية، إذ تشير إلى أنَّ تقبل الأمر وتعزيز الصحة النفسية يلعب دوراً كبيراً في التعافي من الفيروس.

وكانت نصيحة ديما الثانية ضرورة الاهتمام في تعزيز الجهاز المناعي، من خلال تناول الفواكه الطازجة، وتناول الأغذية التي تحتوي على فيتامين (سي)، وتناول الأطعمة المفيدة، بدلاً من الاعتماد على الأطعمة المصنعة والجاهزة.

أما النصيحة الثالثة فكانت، بضرورة أخذ فيروس كورونا على محمل الجِد، وعدم الاستهتار، والالتزام بالإجراءات الوقائية، مثل الكمامة، والكفات، والتباعد الاجتماعي.

"ديما البطلة" ومسؤولية العائلة!

الاستاذ نصر محمد مراد والد المتعافية ديما، أوضح أنه تواصل فوراً مع الجهات الصحية عبر الرقم المجاني (103) المخصص للاستفسار أو الإبلاغ عن أي تطورات صحية بخصوص فيروس "كورونا" فور ظهور أعراض الفيروس على ابنته، مشيراً إلى انَّ سرعة الإبلاغ عن حالة ديما الصحية كانت نابعة من المسؤولية الوطنية والإنسانية والاجتماعية تجاه وطنه، إلى جانب المسؤولية العائلية تجاه صحة ابنته.

يضيف والد ديما: بعد التواصل مع رقم 103 فوراً حضر طاقم من الوزارة على رأسهم الدكتور محمد عبد المنعم، وفوراً أخدوا مسحة لابنتي، وفي اليوم التالي خرجت النتيجة "إيجابية"، بعدها أتوا مجدداً وأخدوا عينات لكل العائلة، ولاصطحاب ديما إلى العزل الصحي".

يقول والد ديما عن لحظة مفارقة ابنته لمنزلها إلى الحجر الصحي: "نظرت إلى ابنتي، وكانت تتجلى فيها كل معاني البطولة، كانت مطمئنة ومستبشرة، واصطحبوها إلى المستشفى التركي، وقضت فيها يومين، وبعدها نقلت إلى الأوروبي لتقضي 15 يوماً، وبعدها بدأت الحمدلله بالتعافي وصولاً لتماثلها للشفاء الكامل".

وتابعت: "في اليوم التالي من خروج ديما إلى العزل، خرجت نتائج مسحات باقي أفراد العائلة وكانت بفضل الله جميعها سلبية".

وأشار إلى انَّ الفيروس ليس مرعباً ولا مخيفاً كما يظهر في الواقع، ولكن مطلوب الإلتزام بالإجراءات الوقائية، مثل النظافة الشخصية، واستخدام المعقمات، واتباع استراتيجية التباعد الاجتماعي، ووضع الكمامات، وارتداء القفازات الطبية".

وذكر والد ديما أن الإجراءات التي تفرضها الجهات الصحية والأمنية في غزة، ليس الهدف منها عقاب المواطن، بقدر ما تهدف تلك الإجراءات إلى تخطي تلك الأزمة، والحفاظ على صحة المواطنين.

ازمة أخلاق

وتمنى نصر مراد أن يكون المجتمع الغزي على قدر المسؤولية والأزمة والتحدي القائم، مستنكراً في الوقت ذاته بث بعض الأشخاص على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الشائعات والأكاذيب بشأن الفيروس.

وأشار إلى انَّ هناك ازمة سلوكيات وأخلاق تخللت أزمة كورونا والتعامل مع المصابين، إذ روى أنَّ المناطق المجاورة للعمارة السكنية التي يقطنها، اخذوا يصورون لحظة خروج ابنته من المنزل، معتبراً ذلك غير سوي مطلقاً، كون المرض والاصابة بفيروس كورونا ليس عيباً ولا عاراً.

وأشار إلى أن تلك السلوكيات السلبية والتنمر على مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثيرات سلبية على المصابين وذويهم والمجتمع الفلسطيني بصفة عامة، لافتاً إلى انَّ أي شخص من أولئك الذي صوروا أو تنمروا على مواقع التواصل الاجتماعي معرضاً للإصابة بالفيروس.

وعلى الرغم من امتعاض الاستاذ نصر من تلك السلوكيات غير السوية، إلا أنه لم ينس أن يتوجه بالشكر إلى كثير من الأقارب، والجيران، والأصدقاء، الذين كانوا دائمي التواصل معه للاطمئنان على صحة عائلته، وابنته ديما، والذين كانوا العامل الرئيسي في التخفيف من التوتر الذي شهدته العائلة، أثناء مرض ابنتهم.