خبر لا تطمس-معاريف

الساعة 09:41 ص|26 فبراير 2009

بقلم: عوزي بنزيمان

(المضمون: اتفاق اسرائيلي – فلسطيني غير محتمل دون انسحاب من القسم الاكبر من يهودا والسامرة والتسليم بقيام دولة فلسطينية. اذا كان هذا هو جدول اعمال زعيم الليكود، فستختفي بذاتها معارضة تسيبي لفني للانضمام الى حكومته - المصدر).

 

جدعون ساعر، من الناطقين الاكثر طلاقة في الليكود، قال هذا الاسبوع انه الى جانب المسألة الفلسطينية توجد على جدول اعمال دولة اسرائيل تحديات هامة اخرى، بل ومصيرية اكثر، وحولها يمكن اقامة حكومة واسعة. ساعر ذكر التهديد الايراني، الازمة الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية العسيرة، كي يدعي بان على تسيبي لفني ان ترتبط بحكومة نتنياهو حتى لو كانت تختلف مع موقف زعيم الليكود في القضية الفلسطينية. معنى اقواله هو ان تسوية النزاع مع الفلسطينيين يمكن ان تنتصر.

ادعاءات ساعر – الذي يمثل في هذا الشأن على نحو دقيق موقف نتنياهو – قد يكون لطيفا على الاذن ولكنه يشوش الرؤية. فلا يوجد موضوع اكثر اهمية والحاحا على جدول اعمال الحكومة الجديدة من دفع التسوية مع الفلسطينيين. فمنذ اربعين سنة تنشغل دولة اسرائيل بالقضية الفلسطينية ولم تتمكن منها. عشرات السنين من المداولات، المفاوضات، والوساطات (الى جانب مواجهات مسلحة) تلقت طابع السلوك دون ساعة توقف. وكأنه يوجد تحت تصرف الطرفين كل الوقت الذي في العالم. عمليا، يثقل النزاع على اسرائيل وعلى الفلسطينيين على حد سواء ويجبي من الطرفين ثمنا دمويا باهظا.

عندما يدعي الليكود بان على الحكومة القادمة ان تركز على معالجة مشاكل هامة اخرى، وان تدع على الرف المساعي للوصول الى تسوية مع الفلسطينيين، فانه يشهد على نفسه بانه لم يتحرر من اليات النفي. نتنياهو ورفاقه في الحزب يواصلون الاعتقاد بانه يمكن المواصلة وتسويف الانشغال بالمسألة الفلسطينية وعدم منحها الالحاحية المناسبة. اما الان فهم يتمسكون بالتهديد الايراني كحجة غيبة للتملص من القرارات الحاسمة. وبذلك يثبت رؤساء الليكود بانهم لم يتخلصوا من عادتهم في تضليل الجمهور: فاساس الحملة الانتخابية دار حول فروقات المناهج بين اليمين واليسار (او الوسط المعتدل) بالنسبة للنزاع مع الفلسطينيين.

فكيف يسمح الناطقون بلسان الليكود لانفسهم الان ان يغلفوا هذه الخلافات المبدئية بالقطن الحلو؟ فقد طلبوا ثقة الجمهور باسم نهج سياسي – امني صقري اساسه الرفض لفكرة الدولتين واحتمال الوصول الى تسوية دائمة مع الفلسطينيين. فلماذا يتوقعون ان تساعد تسيبي لفني، التي بذلت جهودا مركزة في السنتين الاخيرتين للتوصل الى تفاهمات مع ابو علاء على صيغة لحل النزاع، في تخزين هذه الوصفة في الجارور؟ السؤال موجه ايضا لداليا ايتسك، شاؤول مفاز وباقي المروجين لفكرة الممكن في كاديما: لماذا يصدقهم الجمهور في البلاد في ان المنشآت النووية في ايران تؤثر على مصيره اكثر من تعزز حماس او البقاء السياسي لابو مازن؟

افرايم هليفي، رئيس الموساد السابق، كتب في تشرين الاول 2007 بان التهديد الايراني على اسرائيل ذو مغزى ولكنه ليس وجوديا كما قضى ايضا بان "دولة اسرائيل غير قابلة للابادة". هذا التشخيص يجب ان يقف امام ناظر الجمهور حين يأتي لمحاكمة سلوك منتخبيه هذه الايام. العقل السليم يؤيد تقدير هليفي: سلاح نووي ايراني، اذا ما وعندما ينتج، مخصص لتعظيم المكانة الاستراتيجية لطهران حيال دول الخليج اكثر مما هو لتهديد اسرائيل مباشرة.

حتى لو كان هذا التقدير مغلوطا فلا ريب ان تسوية النزاع الاسرائيلي الفلسطيني سيزيل، او يقلص جدا، الذريعة للعدوانية الايرانية تجاه اسرائيل. ولو كان لهذا السبب فقط، فانه جدير بنتنياهو ان يعنى بما هو في متناول اليد وقريب الى البيت – بدلا من ان يبحر الى مطارح بعيدة. اتفاق اسرائيلي – فلسطيني غير محتمل دون انسحاب من القسم الاكبر من يهودا والسامرة والتسليم بقيام دولة فلسطينية. اذا كان هذا هو جدول اعمال زعيم الليكود، فستختفي بذاتها معارضة تسيبي لفني للانضمام الى حكومته.