بيت العنكبوت ضربة أمن السرايا في صراع الأدمغة مع الاحتلال بقلم أ. رامي أبو زبيدة

الساعة 09:22 ص|04 أغسطس 2020

فلسطين اليوم

بيت العنكبوت ضربة أمن السرايا في صراع الأدمغة مع الاحتلال بقلم الباحث بالشأن العسكري والامني: أ. رامي أبو زبيدة

 

من بعد صفعة "سراب" الأمنية تأتي صفعة "بيت العنكبوت" للقيادة العسكرية والامنية الصهيونية، التي عليها الآن أن تخوض حرباً من نوعٍ آخر تحت عنوان "مَن المسؤول عن الفشل؟". مؤكَّد أن القلق وهاجِس الفشل الذي أصبح مُلازِماً للمنظومة الاستخبارية الصهيونية، سيترك أثره البالِغ في تل أبيب التي كانت حتى وقت قريب تركِّز على نجاحات، مقابل الصمت عن إخفاقاتها، وستظهر للعَلَن الخلافات بين مختلف الجهات والمستويات، السياسية والعسكرية والأمنية والاستخباراتية، وكل جهة مُشارِكة ستبذل جهوداً لإلقاء المسؤولية على الأخرى.

 

حمل الفيلم الوثائقي "بيت العنكبوت" تسجيلات ومشاهد حول إدارة الطاقم الأمني بسرايا القدس لاختراق منظومة التجنيد وإدارة العملاء لدى الشباك استمرت لـ 1400 يومًا، وأن إدارة عملية التجنيد لمجندين من "سرايا القدس" تم الاستفادة منها في تحديد العديد من الثغرات الأمنية في عمليات إدارة التجنيد وإدارة العملاء من قبل ضباط جهاز الشاباك الصهيوني، وتضليل ضابط الشاباك بإعطائهم معلومات عن تربيض صواريخ ثقيلة في أماكن محددة وتم الاستفادة من هذا التضليل في جوانب أمنية عديدة.

 

مُعطيات الفيلم تكشف فشل العدو الصهيوني في اختراق المقاومة ومَنْع تعاظُم قوَّة وقُدرات "المقاومة"، التي من شأنها تغيير المُعادلات وتثبيت مُعادلة الرَدع، استطاع جهاز أمن السرايا أن يخترق المنظومة الأمنية الصهيونية، ويُسجل نجاحات كبيرة في تضليل عناصر الشاباك الذين يعملون ليل نهار لاستهداف المـ.قاومة الفلسطينية، والنتيجة هي إعلان فشل استراتيجية المَنْع وما تُسمِّيه "إسرائيل" (المعركة بين الحروب).

 

الجهد الامني الذي كشفه فيلم "بيت العنكبوت" بُنِيَ على أساس المُكر والحيلة والخِدعة والفطنة للخديعة المُضادَّة، عبر التجنيد والاختراق والاستفادة منه في تمرير معلومات مغلوطة إلى العدو وإرباك معلوماته، فالصِراع الاستخباري هو صِراع الأذكياء الذين يعملون بشكلٍ دقيقٍ على إيهام العقول ودفعها إلى الخطأ في التقييم والاستنتاج، وكشف نقاط ضعف العدو وأسراره، وكذلك بكشف مُخطَّطات العدو وإفشالها ومَنْعه من مُباغَتة ومُفاجأة المـ.قاومة، الإنجازات الأمنية لـ"بيت العنكبوت" يُمكن تلخيص دلالاتها بالنقاط التالية:

 

1- تُعدّ العمليات السرّية من صُلب العمل الاستخباري، فالحصول على المعلومات عن العدو لا يتمّ من دون العمليات التي تتمّ من خلالها كافة النشاطات والأعمال التي تُسهِّل عملية جَمْع المعلومات، فالعمل الاستخباري عمل محفوف بالمخاطر لاسيما بشقِّه الميداني وقد أدار أمن السرايا هذا العمل بكفاءة عالية وسدد صفعة قوية لأجهزة الامن الصهيونية.

 

2- أوضحت العملية قُدرة أمن السرايا مُراقبة خلايا الاحتلال وجَمْع الأدلَّة المطلوبة لمواجهة المُتخابِر بالأدلَّة الدامِغة التي تشلّ عنده أية مُناوَرة، وأن هذه المُراقبة تتخلَّلها أدلَّة قوية (اتصالات، صوَر، تسجيل مُكالمات، مُتابعة، مُطارِدة، مُراقَبة، تقصّ) وافشال لخطط الاحتلال للحد وضرب قدرات المقاومة.

 

3- استخبارات المـ.قاومة أصبحت ذات عِلم واطّلاع عن العدو فتستعدّ على أساسٍ مَعْرِفي، ومن هنا يبقى أهم واجب الاستخبارات هو الإنذار المُسبَق لمَنْعِ المُباغَتة وهو ما تعمل عليه على مدار الساعة من خلال حرب الادمغة والعقول.

 

التجنيد والاختراق الذي انجزه امن السرايا هو تقدّم بخطوةٍ على العدو والسيطرة على أدواره من خلال ضخّ معلومات زائِفة له وحرب نفسية وحرب ناعِمة والكشف عن تفكير العدو واهتماماته وماذا يُخطِّط ومن ذلك التعرف على اهتمامات ضباط الشاباك برصد قادة المقاومة وإمكانات المقاومة وعليه تم أخذ الاجراءات الأمنية اللازمة.

 

4- إن معرفة العدو وأسلوب تفكيره وحتى نظامه السياسي والجغرافيا وقوَّته ودراستها وتحليلها بشكلٍ دقيقٍ تجعل مواجهته والتغلّب عليه قابِلة للتحقّق بشكلٍ أفضل، لذا فإن الدوائر الاستخبارية تسعى إلى بناء مراكز تحليل وتجزئة واستنتاج وتركيب وتدوير وتقرير المعلومات المُتحصِّلة.

 

5- التجنيد والاختراق وسلسلة العمليات الأمنية التي كشف عنها فيلم بيت العنكبوت تعد عمل امني وفني احترافي ومؤشِّر على الاحتراف لدى أجهزة أمن المقاومة في بناء ومُراكَمة قوَّة المقاومة يُحمِّل استخبارات المقاومة وأجهزتها الامنية ثلاث مهام أساسية، الأولى مُتابعة العدو في حال الهدوء والحرب لمعرفة خططه ونواياه وبناء قوَّاته، والثانية أن تعطي تصوّرات للقيادة عمّا تحتاجه المقاومة من وسائل وقُدرة تتفوَّق بها على العدو لتحقيق نوعٍ من التوازُن، والمهمَّة الثالثة هي العمل على أن تشوِّش على العدو المعلومات الخاصّة ببناء القوَّة لديها لغَرَض إيهامه وإخفاء أو تضخيم الحقائق لديه.

 

6- من أولويات الضربات الأمنية المتواصلة المعلنة والمخفية، درء الخطر عن المـ.قاومة وقُدراتها باعتبارها المطمع الأول للعدو، وهدفه الأول للاختراق، ومع تطوّر قُدرات المـ.قاومة وتشعّبها وعملها بتماسٍ مع العدو، كان لا بدّ من تحصينها لِما تحتويه من أسرارٍ وأسلحةٍ، يتوجَّب معها سدّ كافة الثغرات المُحتمَلة على الدوائر الأمنية المهمَّة، هذه المُعادَلة تسعى المقاومة من خلالها تأمينِ الوسائل التي تُمَكِّنها من بلوغ الهدف وتحقيق المُفاجأة والمُبادَرة.

 

كلمات دلالية